الحديث الرمضاني(15) 4-4-2024 اشكالية الكرامات لدى المسيحيين.
تعرض على بعض شاشات التلفزيون او وسائل التواصل احيانا بعض حالات الشفاء غير العادية التي يسمونها بالعجيبة والحاصلة عن طريق التوسل والتضرع ببعض الشخصيات المقدسة عندهم كالقديسين وغيرهم على بعض شاشات التلفزيون او وسائل التواصل وذلك بهدف التبشير بالديانة المسيحية والاستدلال بها على صدق وصحة دينهم ومعتقداتهم ويحشدون لذلك التقارير الطبية العلمية المحايدة التي تثبت كون حالات الشفاء هذه إعجازيةً وخارقة للطبيعة يعجز العلم والطب عن تفسيرها .
والسؤال: كيف يمكن تفسير حصول مثل هذه الأمور ؟ وهل تصلح مثل هذه الخوارق دليلاً على صحة معتقداتهم ؟ .
الجواب
أولاً : اننا لو سلمنا بصحة ما يقال حول ذلك وحصوله لدى المسيحيين ، فإن ذلك يحصل ايضا عند غيرهم أيضاً . . بل إن بعض المسيحيين قد شافاهم الله بطريقة إعجازية بواسطة التوسل بالأئمة الأطهار (ع)، ونعرف بعض المسيحيين المرضى شفاهم الله بعدما توسلوا باهل البيت وزاروا مقاماتهم، فلماذا يستدل بما يحصل عندهم على صحة معتقدهم ولا يستدل بما يجري عندنا على صحة ديننا.
ثانيا : إن الدعاء النابع من القلب من إنسان مضطر مؤمن بالله ، ولكنه مستضعف ولم يهتدي الى الدين العقيدة الصحيحة ولم يلتزم بمعارفها، إن هذا الدعاء يستجاب، لان الله لا يخيب دعوة محتاج او مضطر أو مظلوم يحب الله ويتوسل اليه ويطلب حاجته منه ، ويسعى إليه ، وإن لم يهتد الى دينه الحق ، فيستجيب له ، لأنه الرؤوف الرحيم ، ولأنه يريد أن يحفظ له هذا المقدار من الارتباط بالله ، مهما كان ضعيفاً وضئيلاً ، فإن حب الله هو من الخيرات التي لا تضيع أبداً ، وقد قال تعالى : ( أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى ). وقال : ( مَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ) .فعندما يستجيب الله لمسيحي او لغيره توسل بما يسمى قديس عندهم، فالاستجابة في الحقيقة ليست لأجل ذلك القديس ، مثلاً . وإنما هي لأجل هذا الداعي المضطر وصاحب الحاجة نفسه .
على أن من المعلوم : أن كل من له عمل حسن ، فإن الله لا يضيعه عليه ، فإذا عمل الكافر عملاً حسناً فلا بد أن يكافئه عليه في الدنيا ، ليذهب إلى الآخرة صفر اليدين .
ففي زمن الامام الصادق(ع) كان هناك شخص كتابي كانت له حالة تخوله القيام ببعض الأمور غير العادية ، فسأله الإمام الصادق [عليه السلام] عن سبب ذلك ، فأخبره بأنه يخالف ما تدعوه إليه نفسه، فطلب منه أن يعرض على نفسه الإسلام . فعرضه عليها فرفضته. فقال له [عليه السلام] : خالفها ، فخالفها ، فلما خالفها ذهبت عنه تلك الحالة ، وهذا بسبب ان كان يعمل عملا حسنا فكان يكافئه الله عليه
ثالثا : إن هناك آيات وأدعية لها تأثيرها الحقيقي في بعض الحاجات التي تستعمل لها . . وهذا الأثر يتحقق بمجرد استعمالها على الوجه الصحيح ، سواء أكان ذلك من قِبل الكافر أو المؤمن ، ومن يراجع الأوراد والتعاويذ التي يقرؤها البعض في مجالات بعينها ، ويحدثون من خلالها بعض التأثيرات غير العادية يجد صدق ما ذكرناه . . وإن كنا نرفض فعل هؤلاء وندينه من حيث إن في بعضه إقداماً على المحرمات ، ولكن الآثار لتلك الأوراد والأذكار مما لا يمكن دفعه وإنكاره . .
* البحث مستفاد من كتاب مختصر مفيد ج 3