الحديث الرمضاني 1445 هـ

الحديث الرمضاني(12) 1-4-2024 علم الائمة بآجالهم

الحديث الرمضاني(12) 1-4-2024 علم الائمة بآجالهم

قلنا فيما سبق يعلمون الغيب اما بتعليم من الله سبحانه وتعالى عن طريق الالهام واما من باخبار من رسول الله(ص) وقد اطلعم رسول الله (ص) بالفعل على بعض الامور الغيبية التي تتعلق بهم ، ومن ذلك اخبار النبي (ص) لعلي(ع) بانه سيضرب في الليلة التاسعة عشر من شهر رمضان في مسجد الكوفة وسيستشهد.

فالإمام علي عليه السلام كان يعلم بان ابن ملجم سيضربه بالسيف في تلك الليلة في المسجد وهو في الصلاة . وهكذا الحال بالنسبة للإمام الحسن عليه السلام حيث كان يعلم بانه سيقتل بالسمّ، والامام الحسين عندما ذهب الىكربلاء كان يعلم بانه سيقتل هناك وستسبى نساؤه وسائر الأئمّة عليه السلام من ولُد الإمام الحسين عليه السلا كانوا يعلمون اجالهم، ومتى يموتون والكيفية التي يموتون بها.

والاشكالية او السؤال الذي يطرح هنا: هو إذا كانالامام علي(ع) يعلم بان ذهابه الى المسجد سيؤدي الى قتله فلماذا ذهب؟ ألا ينطبق على هذا انه إلقاء للنفس في التهلكة؟ والله تعالى يقول: ( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) وكذلك اذا كان الأئمّة عليه السلام يعلمون بساعة أجلهم كالحسن والحسين(ع) ألا يكون إقدامهم على ذلك الفعل كشرب الكأس الذي فيه سم او الذهاب الى كربلاء انتحارًا؟

والجواب:
اولاً:
ان هذه الإشكالية او هذا السؤال، طُرح على الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام عندما قال له الحسن بن الجهم وهو من أصحابه: إن أمير المؤمنين "عليه السلام" قد عرف قاتله، والليلة التي يقتل فيها والموضع الذي يقتل فيه وقول الامير عليه السلام لما سمع صياح الأوز في الدار : "صوائح تتبعها نوائح" وقول ام كلثوم "لو صليت الليلة داخل الدار وأمرت غيرك يصلي بالناس" فأبى عليها. وكثر دخوله وخروجه عليه السلام تلك الليلة بلا سلاح وقد عرف عليه السلام أن ابن ملجم لعنه اللَّه قاتله بالسيف كان هذا مما لم يجز تعرضه. فقال الإمام الرضا عليه السلام: "ذلك كان، ولكنه خُيِّرَ في تلك الليلة، لتمضي مقادير الله عزّ وجلّ" .

وطرح ايضا على الإمام الباقر عليه السلام بعدما سأله حمران: "جعلت فداك، أرأيت ما كان من أمر قيام علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام وخروجهم وقيامهم بدين الله عز ذكره، وما أصيبوا من قتل الطواغيت إياهم، والظفر بهم حتى قتلوا وغلبوا؟!" فقال أبو جعفر عليه السلام: "يا حمران إن الله تبارك وتعالى قد كان قدر ذلك عليهم وقضاه وأمضاه وحتمه على سبيل الاختيار ثم أجراه".

والمستفاد من هذين الحديثين انّ السؤال او الاشكالية كانت مطروحة منذ عهود الأئمّة، وقد طرحها كبار الرواة وانّ علم الإمام علي(ع) بشهادته ومعرفته بوقت مقتله، وإقدامه على الذهاب إلى المسجد بالرغم من انه كان يعلم بأنه سيستشهد ، كلّها اُمور كانت مسلّمة، ومعروفة في عصر الائمة وقد اكد الإمام الرضا (عليه السلام) ذلك بقوله: «ذلك كان» يعني كل التفاصيل التي ذكرها السائل حول علم علي(ع) يعلم بوقت شهادته وافق عليهاالامام الرضا وصدقها.

فالامام علي(ع) كان يعلم ومع ذلك اقدم على الموت، فكيف ذلك؟!
والجواب الذي اجاب به الامامان(ع): هو أنّ الإمام علي (عليه السلام) كان مخيرا بين البقاء او اللقاء «لكنّه خُيِّرَ» يعني خير بين امرين: ان يختار الحياة والبقاء فيها، او يختار الموت والشهادة، فاختار الذهاب الى المسجد والشهادة، لتجري الاُمور على حسب ما قدره الله وقضاه وحتمه في علمه وغيبه، وليكون هذا الإقدام والفعل من أمير المؤمنين(ع) دليلا ساطعا على انقياده لما قدره الله له، ومنتهى طاعته لله عز وجل وانسجامه وانقياده لإرادة الله ومشيئته وما قدره ، وليكشف عن حبه لله وفنائه فيه وعشقه له ورغبته في لقائه. كما قال سيد الشهداء الحسين (عليه السلام) في اللحظات الأخيرة من حياته حينما كان يتمرغ في الدم والتراب: " رضا بقضائك وتسليما لأمرك لا معبود سواك ."

وهذا هو معنى (لتمضي مقادير الله) فيحديث الامام الرضا(ع) او(إن الله تبارك وتعالى قد كان قدر ذلك عليهم وقضاه وأمضاه وحتمه على سبيل الاختيار ثم أجراه) في حديث الامامالباقر(ع).

ثانيا: ان الوقوع في الهلكة غير جائز إذا لم يكن بأمر الله تعالى ورضاه، أما إذا كان بأمر الله ولاجل رضاه وفي سبيل الله، او لاجل مصلحة كبيرة وعظيمة كحفظ دين الله فهو جائز، بل واجب، وهذا ما فعله الحسين(عليه السلام)، وهذا الذي يفعله المجاهدون في الجهاد عندما يدعوهم داع الجهاد للقتال وهم يعلمون انهم قد يقتلون في الميدان.

وبتعبير آخر :
إن وصف أي فعل من أفعال المكلف بالسوء أو التهلكة أو الضرر أو غيرها من الصفات، إنما ينبع من المفسدة الموجودة في ذلك الفعل، فإذا خلا الفعل حسب نظر فاعله عن المفسدة، أو ترتبت عليه مصلحة أكبر وأهم من تلك المفسدة، لا يسمَّى ذلك الفعل سوءً أو هلكة، فالمقاوم الذي يقتحم الموت في المواقع ويقتل في المعركة يرفع الله من درجاته ويخلد اسمه في التاريخ والذاكرة ولا يسمى فعله هلاكاً.

قال تعالى في وصف الشهداء: ﴿أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ (آل عمران: 169 – 170)فإن هذا ليس من إلقاء النفس في التهلكة، بل هو من الإحسان ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ والشهادة هي إحدى الحسنيين، فينبغي إذاً عدم إطلاق صفة التهلكة على فعل إلا بعد فهمه وجميع التفاصيل والحيثيات المحيطة به.

وثالثا: إنّ الأئمّة عليه السلام يعملون بحسب تكاليفهم الإلهيّة، ويقومون بامتثال ما أوجبه الله عليهم وإن كانوا يعلمون أنّها ستؤدّي إلى قتلهم، فالإمام علي عليه السلام خرج إلى المسجد امتثالاً لأمر الله تعالى، وليقوم بتكليفه في الصلاة حتى لوًكان يعلم بانه سيقتل .

والحسين خرج ليقوم بتكليفه ويمتثل لامر الله بالدفاع عن دين جده حتى لو كان يعلم انه سيستشهد.

الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 6-9-2024: مشروع نتنياهو وحلفائه في الحكومة هو تحويل كامل فلسطين الى دولة يهودية وطرد اهلها، ولذلك سيواصل حربه على غزة والضفة لتنفيذ هذا المشروع ولا يبدو انه يريد التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار،

مواقيت الصلاة

الفجر

5:02

الشروق

6:16

الضهر

12:35

العصر

16:09

المغرب

19:12

العشاء

20:04

المواقيت بحسب توقيت مدينة بيروت