الحديث الرمضاني(9) 26-3-2024 الإمام الحسن ( عليه السلام ) والطلاق
هناك من يتساءل: هل الإمام الحسن عليه السلام مطلاق ؟
وهل صحيح أن الإمام علي عليه السلام قال : ‹ لا تزوجوه . . الخ › ؟
الجواب :
هناك مزاعم كثيرة حول عدد زيجات وطلاق الإمام الحسن(ع) فقد قيل انه تزوج بسبع مائة امرأة ، أو بأربع مائة ، أو بثلاث مائة ، أو بمائتين وخمسين ، أو بمائة وخمسين ، أو بتسعين، أو بسبعين امرأة ، أو أن زوجاته المطلقات خرجن في موكب حين وفاته ، حافيات حاسرات ، وهن يقلن : نحن أزواج الحسن .
وهذه المزاعم كلها كاذبة وغير صحيحة وذلك للاسباب التالية:
أولاً : لم نجد احدا من أعداءالامام الحسن(ع) وخصومه اثار هذا الموضوع واستفاد منه في الهجوم على الامام و الطعن عليه بهذا الامر في الجدال الذي كان دائرا بينه وبين خصومه، رغم ان خصومه كانوا يفتشون على أصغر وأتفه الثغرات في حياة الامام ليعيبوا بها عليه، مما يعني ان هذه المزاعم هي من نسج الخيال، وقد تكون من جملة الافتراءات على الامام الحسن(ع) من قبل الحاقدين عليه(ع) لتشويه صورته.
ثانياً : إن زواجه عليه السلام بالمئات والعشرات ، لا يتلاءم مع عدد اولاده حيث ان المؤرخين ذكروا ان عدد اولاده يتراوح بين 12 وفي الحد الاقصى 22 ، بما فيهم الذكور والإناث ، ولا يحتاج استيلاد هذا العدد إلى أكثر من امرأة واحدة أو اثنتين، ويستحيل عادة أن يكون كل هذا العدد الكبير من النسوة يعاني من العقم ، فأين هي تلك الذرية المتناسبة مع هذه الأعداد الكبيرة من الزوجات المزعومة ؟ ! ووسائل منع الحمل لم تكن تستعمل في تلك الأيام !
ثالثاً : ان ما ينقل عن أمير المؤمنين (عليه السلام) من أنه كان يقول على المنبر : ( لا تزوجوا الحسن فإنه مطلاق ) ، أو أنه قال على المنبر : ( إن الحسن مزواج مطلاق).
فهو مما لا يمكن قبوله لأكثر من جهة . . فإن الطلاق مبغوض لله تعالى ، ولا يلجأ إليه الإنسان المؤمن بدون مسوغ يرفع هذه المبغوضية.
وهناك احاديث كثيرة تدل على مبغوضية الطلاق منها:
1-ما روي عن الإمام الصادق عليه السلام ، في حديث : إن الله يحب البيت الذي فيه العرس ، ويبغض البيت الذي فيه الطلاق ، وما من شيء أبغض إلى الله من الطلاق
2-وعن الإمام الصادق عليه السلام : ما من شيء مما أحله الله أبغض إليه من الطلاق ، وإن الله عز وجل يبغض المطلاق ، الذواق .
3- وعنه عليه السلام : سمعت أبي يقول : إن الله عز وجل يبغض كل مطلاق وذواق .
4- وعنه عليه السلام : تزوجوا ، ولا تطلقوا ، فإن الطلاق يهتز منه العرش.
فهل يصح القول إن الله يبغض الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه ؟
وهل يمكن أن يتخذ إمام معصوم ، وسيد شباب أهل الجنة ، من هذا المكروه طريقة عيش ، وأسلوب حياة ؟ وفيه ما فيه من الأذى للمؤمنات المطلقات ؟
رابعا: لماذا ينهى أمير المؤمنين عليه السلام الناس عن تزويج ولده من على المنبر ، ولماذا لا ينهاه بنفسه عن هذا الفعل فيما بينه وبينه ؟ فإن كان قد نهاه سراً ، فهل يعقل أن يكون قد عصاه، فاضطر لقطع الطريق عليه بهذه الطريقة ؟. وهذا ما لا يمكن تصوره بحق علي والحسن(عليهما السلام).
واغلب الظن أن بني العباس هم الذين اختلقوا هذه التهمة والمقولة الكاذبة، بسبب خصومتهم مع بني الحسن، لتشويه صورتهم وإضعاف أمرهم ؟ .
وكما ذكرنا فان الطلاق ابغض الحلال عند الله، لان الله لا يريد للعائلة ان تتفكك، ولان الطلاق يؤدي الى العديد من المآسي على المستوى النفسي والاجتماعي وهذا ما نشاهده من خلال الحالات التي نعرفها.
مع الاسف ان نسبة الطلاق في لبنان تشهد ارتفاعاً ملحوظاً، فالأرقام تشير الى تراجع عقود الزواج مقابل ارتفاع ايقاعات الطلاق، حيث ان نسبة الطلاق تخطت الـ 55% خلال السنتين الماضيتين.
وبحسب دراسة حديثة، كان لبنان يشهد في الماضي 5 آلاف و500 حالة طلاق في العام، فيما تجاوزت حالات الطلاق الان 8 آلاف و500 حالة وهذه نسبة مرتفعة جداً.
وطبعا حالات الطلاق تشمل جميع اللبنانيين من مختلف الطوائف، ولكن النسبة الأكبر هي للمسلمين.
هناك أكثر من سبب لارتفاع نسبة الطلاق في لبنان اهمها:
1- الضائقة الاقتصادية والمعيشية، حيث العديد من الازواج فقدوا اعمالهم او ان رواتبهم لا تكفي
2- سوء الخلق وسوء التّعامل بين الطرفين، أحياناً من الزوج، وأحياناً من الزوجة، وأحياناً من الطرفين”.
لذلك الصبر، القدرة على تحمل صعوبات المعيشة، القناعة، حسن التدبير، ترشيد الانفاق، الرضا باليسير (والميسور) الرضا بالمستوى المعقول من العيش والابتعاد عن الكماليات والمظاهر والشكليات، عدم الوقوع تحت تأثير الغيرة، (انظر الى من دونك) واحمد الله على ما اتاك (ولا تنظر الى من فوقك) ولا تقفز فوق طاقتك، فتتعب وربما تحمل نفسك اعباءا لا تقدر عليها فتقع في الدين .
هذا السلوك تحتاجه كل اسرة لمواجهة الضائقة المعيشية.
وايضا نحن نحتاج الى الصبر، والتحلي بالاخلاق الحسنة عند التعامل بين الزوجين، لا بد للطرفين ان يتحملا بعضهما البعض، الانفعال والغضب واستخدام اسلوب الاهانة والسب والشتم والضرب، واحيانا استغلال ضعف المرأة والتطاول عليها وعلى كرامتها، غير مقبول اطلاقا، وهذا ما يؤدي في كثير من الاحيان الى النفور بين الطرفين والذهاب نخو الطلاق .
لو ان الزوجين يعرفان حقوق وواجبات كل منهما، وتعاملا باخلاق واحترام مع بعضهما وصبرا على بعضهما وتحملا صعوبة الحياة، لتلافيا الكثير من المشاكل، لكن الجهل وقلة الوعي والعنتريات وسب الاهل احيانا وعدم صبر احداهما على الاخر وعدم تقدير تضحيات وتعب وسهر الآخر، كل ذلك يعمق المشاكل ويؤدي الى الطلاق.