الحديث الرمضاني(7) 21-3-2024 من كان حجة الله بعد عيسى (ع)
ورد في الروايات ان الارض لا تخلو من وجود حجة لله، فمن كان حجة الله في الفترة الفاصلة بين عيسى )ع) ونبينا محمد(ص(؟.
ويمكن ان يطرح هذا السؤال بصيغة اشكالية فيقال: ان الفترة بين النبي عيسى وبين محمد (صلوات الله عليهم) لم يبقى فيها حُجّةٌ للنّاسِ يهتدونَ به، لان القرآنُ الكريمُ يقول: (وما محمّدٌ إلّا رسولٌ قد خلَت مِن قبلِه الرّسل) بينما رواياتُ أئمة أهلِ البيت (ع) تقولُ: لا تخلو الارض من حجة بل فيبعضها لو بقيَ إثنانِ على الأرضِ لكانَ أحدُهم الحُجّة، فكيفَ نحلُّ هذا لاشكالية؟
الجواب :
ان الفترة الفاصلة ما بين عيسى(ع) ونبينا الاعظم محمد(ص) والتي قدرت في بعض الروايات بحوالى خمسمائة سنة ، كانت فترة انقطاع الرسل فقط، أما الأنبياء والأوصياء فكانوا موجودين ، اما ظاهرين او مستورين حسبما كانت تقتضيه الظروف السائدة في كل مرحلة.
وطبعا الفرق بين الرسول والنبي حسبما ورد في الروايات ان الرسول هو الذي يأتيه جبرئيل فيراه ويكلمه ويتلقى الوحي منه، وأما النبي فهو الذي يرى في منامه ويوحى اليه عن طريق المنام نحو رؤيا إبراهيم ونحو ما كان رأى رسول الله صلى الله عليه وآله من أسباب النبوة قبل الوحي حتى أتاه جبرئيل عليه السلام من عند الله بالرسالة.
وقد يقال ايضا ان الفرق هو هو الرسول هو الإنسان المرسَل من عند الله تعالى والذي يحمل معه شريعة جديدة الذي أمره الله بتبليغ هذا الشرع، بينما النبي هو الذي يتلقى الوحي من الله ولكنه يسير على طريق الشريعة التي اتى بها الرسول الذي سبقه .
ففي الفترة الفاصلة بين عيسى ومحمد لم يكن هناك من رسل، اما الانبياء والاوصياء فكانوا موجودين.
وقد ذكرت الروايات أسماءهم، غايته أن بعضهم كان يتستر أو يغيب عن الانظار خصوصا في المراحل التي كان يسيطر فيها الطغاة والظالمون . .
وقد جاء في الروايات : أنه لَا تَخلُو الأَرضُ مِن قَائِمٍ لِلَّهِ بِحُجَّةٍ ، إِمَّا ظَاهِراً مَشهُوراً ، و إِمَّا خَائِفاً مَغمُوراً . يعني ليس بالضرورة ان يكون الحجة ظاهرا بل قد يكون موجودا لكنه غائب ومتستر كما هو امامنا الحجة المهدي(عج).
- من الأنبياء الذين تذكر الروايات : أنهم كانوا في تلك الفترة خالد بن سنان حيث تذكر الروايات انه بعث قبل النبي(ص)بخمسين سنة . .وتذكرايضا : أنه نبي ضيعه قومه .
- وروى الشيخ الصدوق في إكمال الدين وإتمام النعمة حديثاً عن النبي (ص) ، ذكر فيه الأنبياء : عيسى ، ثم يحيى ، ثم العزير ، ثم دانيال (ع).
اما من كان من الاوصياء في تلك الفترة فقد ذكرت الروايات اسماء عديدة منهم:
- فقد روي عن النبيّ (ص)، أنّه قال: « وأوصى عيسى إلى شمعونَ بنِ حمون الصفا، وأوصى شمعونُ إلى يحيى بنِ زكريّا، وأوصى يحيى بنُ زكريّا إلى مُنذر، وأوصى منذرٌ إلى سُليمة، وأوصى سُليمةُ إلى بُردة، ثمَّ قالَ رسولُ الله (صلّى اللهُ عليهِ وآله)، ودفعَها إليَّ بُردة، ودفعتُها أنا إليكَ يا عليّ »
-وفي نص آخر : " أن عيسى (ع) قد أوصى إلى شمعون بن حمون ، فلما مضى شمعون غابت الحجج بعده فاشتد الطلب ، وعظمت البلوى الخ . . "
وغيبة الحجج كما ذكرنا ليس معناه أنهم لم يكونوا موجودين ، بل المراد هو تخفّيهم عن أعين الجبارين والظالمين.
- ورويَ أنَّ أبا طالبٍ كانَ منَ الأوصياء، فقد رويَ أنّه قيلَ لأميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلام): مَن كانَ آخرُ الأوصياءِ قبلَ النبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله)؟ فقالَ: أبي .
وإذا كان أبو طالب من الأوصياء، فكيف يكون حال عبد المطلب أيضاً الذي يحشر وعليه هيبة الملوك ، وسيماء الأنبياء.
- وحين سئل الإمام الصادق (ع)، عن المجوس ، قال (ع): " ما من أمة إلا خلا فيها نذير ، وقد بعث إليهم نبي بكتاب من عند الله ، فأنكروه وجحدوا كتابه "
والخلاصة : ان الفترةُ ما بينَ النبيّ عيسى)ع( ونبيّنا الأكرمِ )ص(، لم تخل مِن حُجج الله من أنبياء أو أوصياء أو علماء ولا يتعارضُ هذا معَ الآيةِ (وما محمّدٌ إلّا رسولٌ قد خلَت مِن قبلِه الرّسل). لان الاية تدل على ان تلك الفترة كانت فترة انقطاع الرسل ولذلك ورد انه (ارسله على حين فترة من الرسل) ، أما الأنبياء فكانوا يبعثون ، والأوصياء كانوا موجودين أيضاً ، يحضرون أو يغيبون ، حسبما تقتضيه الظروف السائدة في كل مرحلة.