الحديث الرمضاني 1445 هـ

الحديث الرمضاني(6) 20-3-2024 اشكاليات حول العصمة

الحديث الرمضاني(6) 20-3-2024 اشكاليات حول العصمة

إذا كان الانبياء معصومين عن الذنب والخطأ والنسيان والسهو فلا بد من تأويل كل ما ورد في القران مما يدل على خلاف ذلك، لانه من غير المعقول ان يامرنا الله بإتباعهم ثم يقول لنا ان من أمرتكم بإتباعهم هم عصاة ويخطئون .

ونأخذ هنا موردين:

الاول: ما ورد من ان آدم عصى ربه قال تعالى: ﴿ وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ﴾ طه 121

والجواب : العصيان هو مخالفة الأمر .
قال ابن منظور : والعِصيانُ : خِلافُ الطَّاعَة . عَصى العبدُ ربه إِذا خالَف أَمْرَه . لسان العرب : 15 / 67

والأمر الإلهي تارة يكون على نحو الوجوب والإلزام مثل الامر بالصلاة والصوم او النهي عن الكذب الغيبة والنميمة وهذا النوع من الامر او النهي يسمى الامر المولوي والنهي المولوي، وتارة أخرى يكون الامر او النهي على نحو الإستحباب والإرشاد مثل النوافل والصدقة او كراهة التصدق مع المن او الصلاة في مقابل تمثال او أكل لحم الفرس ومخالفة الأمر الإلزامي والمولوي حرام وتوجب العقاب ، وأما مخالفة الأمر الإستحبابي والارشادي فليس بحرام ولاتوجب العقاب فالأوامر والنواهي الإرشادية، تصدر من الله تعالى باعتباره حكيماً وعالماً بمصلحة الإنسان ومرشداً له، من دون أن يحمّله مسؤولية تنفيذها، فمن يتصدق مع المن لا يستحق عقوبة ا وانما يخسر ثمرة صدقته فقط.

هنا عندما نلاحظ الآيات الحاكية عن نهي آدم عن الأكل من الشجرة لا نجد ما يشير إلى كونه نهياً مولويّاً حتّى يوجب عصيانه العذاب الاخروي ــ الذي وعد الله به العاصين ــ، بل في بعض هذه الآيات ما يشير إلى كونه إرشادياً كما في قولـه تعالى : [فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى] سورة طه : 117، حيث كان تحذير آدم من الشيطان باعتبار أن متابعته توجب الخروج من الجنّة، ولو كان النهي الإلهي ــ عن الأكل من الشجرة ــ مولويّاً لأشارت هذه الآية إلى أن أثر متابعة الشيطان استحقاق العذاب الإلهي الذي هو أهم من الخروج من الجنّة،ولقال لهما( بدل فتشقى فلك عذاب اليم مثلا) ولعلّ إلى ذلك يشير قولـه تعالى : [فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيه] حيث اقتصر على ذكر إخراجهما من الجنّة من دون أن يشير إلى تعرضهما إلى الغضب الإلهي وسخطه.

وأما الغواية فهي ليست بمعنى الضلال هنا وانما بمعنى فساد الشيء فغوى يعني أفسَدَ عليه عَيْشُه وحياته والنعيم الذي فيه لان آدم كان يعيش في الجنة أفضل وأجمل حياة ، فعندما أكل من الشجرة وطرد من الجنة ، نزل الى الارض المحفوفة بلازمات والتحديات والمشكلات، ففسد عيشه وهناؤه.

وعليه : فلم يصدر من آدم معصية لله ولا ذنب ولا مخالفة لأمر مولوي إلزامي .

والمورد الثاني: ان هناك ايات تدل بظاهرها على ان النبي كان مذنبا وقد غفر الله له: كقوله تعالى: ﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا ، لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ﴾ الفتح 1
فكيف تصح نسبة الذنب الى النبي(ص) مع القول بعصمته ؟!

والجواب:
أن المراد من الذنب في هالآية، هو مواجهة النبي(ص) للمشركون قبل الهجرة و بعدها، حيث حطم أصنامهم وأوثانهم وقتل فرسانهم في بدر واحد وغيرها، وقضى على امتيازاتهم، فهو بنظرهم مذنب، كما كما كان ينظر قوم موسى لموسى حيث قال لربه كما في القرآن:(و لهم عليّ ذنب فأخاف أن يقتلون). والمراد من المغفرة مواجهة الآثار والنتائج التي يمكن ترتُبها على ذلك وإزالتها .

والشاهد على هذا التفسير إن الله اعتبر فتح مكة سبباً وعلة لمغفرته حيث يقول تعالى: (إنا فتحنا لك فتحاً مُبيناً * ليغفرَ لك ما تقدم من ذنبك و ما تأخر) وهذا مؤشرعلى أنّه ليس المراد بالذنب هو الذنب المعروف و هو مخالفة التكليف المولوي و لا المراد بالمغفرة معناها المعروف هو ترك العقاب على المخالفة فالمراد بالذنب في اللغة على ما يستفاد من موارد استعمالاته هو العمل الذي له تبعة سيئة كيفما كان، و المغفرة هي الستر على الشيء ، وهذا هو المراد منه هنا حيث ان مواجهة النبي (ص) للمشركين وطغاة مكة فيما تقدم قبل الهجرة وفيما تأخر بعد الهجرة كان له تداعيات سيئة على المشركين ، وما كانوا ليغفروا له ذلك ما داموا يسيطرون على مكة ولديهم قوة، وما كانوا لينسوا مَنْ قتل صناديدهم دون أن يشفوا غليل صدورهم بالانتقام منه، غير أنّ اللهَ سبحانه رزقه فتح مكة فانهى سيطرتهم على مكة وقضى على سلطتهم وقوتهم، وعفى النبي عنهم وقال من دخل دار ابي سفيان فهو آمن، فستر بذلك ذنبه الذي كان بنظر المشركين الذنب وحفظه وآمنه منهم.

فالمراد بالذنب هو ما فعله النبي بالمشركين حيث كان ذنبا في نظرهم فغفرالله هذا الذنب ومحاه عندما مكنه من قتح مطة وقضى على قوتهم وسيطرتهم فلم يعد بامكانهم ان ينالوا منه او ينتقموا لمل فعله بهم وباصنامهم.

وهذا ما اشار اليه الإمام الرضا (ع) عندما سأله المأمون العباسي عن هذه الآية حيث قال : لم يكن أحد عند مشركي أهل مكة أعظم ذنبا من رسول الله (ص) لأنهم كانوا يعبدون من دون الله ثلاثمأة وستين صنما فلما جاءهم (ص) بالدعوة إلى كلمه الاخلاص كبر ذلك عليهم وعظم وقالوا : ( اجعل الآلهة الها واحدا ان هذا لشئ عجاب وانطلق الملا منهم ان امشوا واصبروا على آلهتكم ان هذا لشئ يراد ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة هذا إلا اختلاق ) فلما فتح الله عز وجل على نبيه ( ص ) مكة قال له يا محمد : ( انا فتحنا لك ) مكة ( فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) عند مشركي أهل مكة بدعائك إلى توحيد الله فيما تقدم وما تأخر لأن مشركي مكة أسلم بعضهم وخرج بعضهم عن مكة ومن بقي منهم لم يقدر على انكار التوحيد عليه إذا دعا الناس إليه فصار ذنبه عندهم ذلك مغفورا بظهوره عليهم . عيون اخبار الرضا : 1 / 180.

الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 13-9-2024: جبهات المساندة من لبنان إلى اليمن والعراق وسورية وإيران، لم تتخلَ ولن تتخلى عن مساندة ونصرة غزة، وكل محاولات إيقاف هذه الجبهات فشلت، وهي مستمرة طالما العدوان مستمر.

مواقيت الصلاة

الفجر

5:20

الشروق

6:36

الضهر

11:51

العصر

14:46

المغرب

17:26

العشاء

18:18

المواقيت بحسب توقيت مدينة بيروت