الحديث الرمضاني(4) 18-3-2024العصمة
العصمة للأنبياء والأئمة(ع) هي من صلب عقيدتنا سواء عن المعصية او النسيان او السهو بدليل بسيط هو ان الله سبحانه وتعالى بعث الانبياء لاجل هداية الناس وإبلاغهم القيم والأحكام والتشريعات الإلهية ولكي يكونوا قدوة للناس يقتدون بهم ويتاسون بأقوالهم ومواقفهم وأعمالهم وأخلاقهم وسلوكهم، فلو ان النبي المبعوث كان يخالف ما يبلغه عن الله او يخطأ فيه او ينساه او يسهو عنه فان ذلك سيؤثر على تقبل الناس لنبوته وبالتالي لن تتحقق الهداية التي هي الغاية والهدف من ارسال النبي.
فلو كنا نحتمل في كل ما يقوله او يفعله النبي المعصية او النسيان او السهو فلا يجب ان نتبعه، ونفقد الثقة بأقوال وافعاله ويصبح النبي كسائر الناس لا قيمة عالية لكلامه ولا يمكن الاعتماد عليه، وبذلك تذهب فائدة البعثة لذلك لا بد ان يكون النبي معصوما من المعصية والنسيان والسهو لان عدم عصمته يؤثر سلبا على الهدف من بعثته وهذا الدليل نفسه يجري في الامام لان الامام منصوب من الله ليكون خليفة للنبي(ص) في هداية الناس وتبليغ الاحكام وشرحها وإرسائها في المجتمع وإضافة إلى هذا الدليل العقلي على العصمة، فان القرآن أشار إلى ذلك بقوله تعالى: (ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) فكلامه وحي الهي. وقوله: ﴿وما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾. وبكلمة ان القول بعصمة الأنبياء لا ينفك أبدا عن القول بأن قولهم وفعلهم وتقريرهم حجة ودليل.
كما اكد القران على ان الانبياء قدوة وأسوة للناس وأمرنا بالاقتداء والتأسي بهم فقال تعالى (أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُ ۖ فَبِهُدَىٰهُمُ ٱقْتَدِهْ) وقال تعالى:( لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) وهو أسوة لنا في كل شيء في اقواله وافعاله وتصرفاته واخلاقه وسلوكه وصبره واستقامته وصموده، وإخلاصه وتوجهه إلى الله، وجهاده ومواجهته للتحديات وعدم خضوعه واستسلامه للاعداء وأمام الصعاب والمشاكل، هو نموذج يحتذي به كل المسلمين.في كل شيء يصدر عنه.
وعليه ايعقل ان الله الذي بعث الأنبياء قدوة وأسوة للناس ليهديهم ان يكونوا اهل معصية يذنبون وينسون ويسهون ؟!!
لذلك علماؤنا متفقون على ان الأنبياء معصومون بشكل كامال ومطلق، قبل النبوة وبعدها، وعصمتهم ليس في تبليغ الرسالة فقط بل في تبليغ الرسالة وفي تطبيق الرسالة وفي الأمور العامة وفي الأمور الشخصية والاجتماعية والأمور العادية وهم منزهون عن كل عيب ونقص وحتّى عن ارتكاب الأعمال المخالفة للمروءة، التي لا تصدر عن الشخصيات والمقامات العالية من الاعمال التي تدلّ على الخسّة والهوان، وتكون سبباً في نفور الناس وتفرقهم عنهم مثل الانفعال الشديد والصراخ على الناس وما شاكل.