الحديث الرمضاني 1445 هـ

الحديث الرمضاني(2) 13-3-2024 شبهة حول الفطرة

الحديث الرمضاني(2) 13-3-2024 شبهة حول الفطرة

﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾

قلنا بالامس ان الدين والايمان بالله والتوحيد هي من الامور الفطرية وشرحنا باختصار ذلك.

والسؤال والشبهة التي ترد هنا هي انه اذا كان الناس مفطورين على التوحيد والاسلام فلماذا يذهب البعض الى الالحاد وعقيدة الثالوث المسيحي والعقائدالاخرى غير دين التوحيد والاسلام؟؟

ويمكن ان نطرح السؤال بطريقة اخرى: أنّه لو كان الدّين فطريًا كما تقولون لكان أكثر الناس متديّنين؛ لأنّ النّاس يمشون على فطرتهم وسليقتهم، فلو كان الدّين فطريًا لكان أغلب الناس متدينين وملتزمين بالدّين بينما الذي نجده عكس ذلك كما يقول القرآن: ﴿وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ﴾ ، أكثرهم منحرفون عن الدّين والصراط المستقيم، إذن أين فطريّة الدّين؟!

لو كان الدّين فطريًا لرأينا أغلب المجتمعات متمسّكة بالدّين، لو كان المجتمع الجاهلي الذي بُعِثَ فيه النبيُ (ص) مجتمعًا فطريًا لكان هذا المجتمع بمجرّد أن جاء النبيُ بالدّين الفطري يبادر إلى قبول الدّين وإلى التصديق به، مع أنّ هذا المجتمع الجاهلي وقف أمام النبي معارضًا إلى سنين طويلة وبقي متمسكا بعبادة الاصنام ولم يستطيع النبيُ التغلبَ عليه إلا بعض عناء وتضحيات ، إذن أين فطريّة الدّين؟!.

والجواب:
اننا عندما نقول بأنّ الدّين فطريٌ وبأنّ معرفة الدّين معرفة فطريّة، نقصد بذلك أنّ الإنسان لو تُرِكَ وحده ولم يتأثر بالعوامل الخارجيّة، هذا الإنسان لو تُرِكَ وحده لم تؤثر عليه ثقافة الأسرة ولم يؤثر عليه ثقافة المجتمع ولم تؤثر عليه الثقافات والافكار المستوردة التي تشوش الاذهان وتسلب الصفاء، لو تُرِكَ الإنسانُ وحده لصدّق بدعوة الأنبياء والرسل ولسار على الطريق القويم ولسار على طريق السّماء لو خلي وحده، هذا هو معنى الفطرة.

ليس معنى الفطرة المعرفة الفعليّة، عندما نقول بأنّ الدّين فطريٌ وأنّ النّاس يؤمنون بالدّين بالفطرة لا نقصد أنّ النّاس بالفعل بمجرّد ولادتهم هم موحّدون! هم مؤمنون بنبوّة النبي! هم مؤمنون بالاسلام ، ليس هذا هو معنى فطريّة الدّين، معنى فطرية الدين أنّ الإنسان لو خلي وحده ولم تؤثر عليه ثقافة خارجيّة ولم يتشوش ذهنه بافكار من هنا وهناك لكان مهيئا بطبعه لتقبل رسالة النبي وقابلا للايمان بها لان كل ما في هذه الرسالة وهذا الدين من عقائد ومفاهيم وقيم واخلاق واحكام وتشريعات منسجم مع فطرة الانسان وطبعه وعقله الصافي ؛ لأنّ هذا الإنسان خُلِقَ أرضًا خالية تقبل ما يلقى فيها، لأنّ هذا الإنسان خُلِقَ عقلاً صافيًا يقبل ما يلقى عليه، فلو خلي وحده لقَبِلَ دعوة السّماء وقَبِلَ رسالة السّماء، وهذا ما يشير إليه الحديث الشريف عن النبي الاكرم (ص): كلّ مولودٍ يولد على الفطرة ، وإنما أبواه يهودانه او ينصرانه .

فالانسان يولد على الفطرة ولديه الارضية السليمة للهداية والعقل الصافي لتقبل الحق والتوحيد والاسلام، لكن ابواه يهودانه واو ينصرانه، يقلد الاباء والاجداد ويتبع ما يقولونه بالعقائد والدين، فلو لم تتدخل مثل هذه العوامل في حياته ولم تشوش عقله وقلبه وطبعه لما حاد عن التوحيد ودين الحق.

ولذلك نجد ان الاهل يلعبون دورا وكذلك الاصدقاء والرفقاء والبيئة المحيطة ووسائل الاعلام ووسائل التواصل وغيرها فاذا كانت الاجواء فاسدة ومنحرفة تتلوث الفطرة والعقل يتشوش ويذهب صفاؤه ويتحول الانسان من انسان لديه صفاء وقابلية لتقبل الدين الى انسان مشوش ومنحرف.

ومن هنا نقول حتى المجتمعات غير الاسلامية هي مجتمعات فطرية لولا الثقافات والافكار المنحرفة والايديولوجيات المفبركة والروح العنصرية.

لولا الافكار التي طرأت على هذه المجتمعات في الغرب والشرق لتقبلت هذه المجتمعات الدين بلا تردد.

لولا النزعات الفكرية والعنصريّة التي سيطرت على الغرب والشرق لآمن الناس بالله والتوحيد ولتقبلوا الدين لكن هذه الافكار لوثت الفطرة ونزعت صفائها فجنح البعض نحوالالحاد والمعتقدات الفاسدة .

حتى المجتمع الجاهلي كان مجتمعًا فطريًا لكن كان ملوثًا ببعض العوامل الخارجيّة كالوثنية والقبلية التي منعته عن قبول دعوة النبي الى الاسلام لذلك نلاحظ ان النبي قال ”إنّما بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق“.

«أتمّم» يعني ان الأصول الفطريّة موجودة، لو كان المجتمع الجاهلي خاليًا من الأصول الفطريّة لقال النبيُ: «إنّما بعثت لأسّس مكارم الأخلاق»، ما قال: «لأسّس»، قال: ”لأتمّم مكارم الأخلاق“ فالمجتمع كان يعيش خلقًا، كان يعيش أصولاً وجذورًا فطريّة تمّمها النبيُ(ص) بدعوته ورسالته.

القرآن الكريم ايضا يقول: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ﴾ ، يعني: هم بفطرتهم قَبِلُوا ايات الله التي تتنزل والدّين الذي جاء به النبي(ص)، ورأوا أنّه ينسجم مع فطرتهم، لكن جحدوا به بألسنتهم، لان النزعات القبليّة والعشائريّة واعنصرية سيطرت على عقولهم، وإلا هم بالفطرة قَبِلُوا الدّين وصدّقوا به، ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ﴾.

اليوم هناك دول وجهات ومؤسسات تعمل على افساد الفطرة السليمة والتأثير على العقول وكي الوعي وتشكيل قناعات جديدة لا تتعارض مع ما يريده العدو، وهذه الجهات تستهدف اولادنا واجيالنا لافساد عقولهم وقلوبهم وحرفهم عن دينهم وقيمهم وهذا ما تعمل عليه اميركا والغرب في اطار الحرب الناعمة والافكار السامة التي يروجون لها من الجند الى الحريات الشخصية وصولا للترويج للشذوذ الجنسي وهم بهذه الافكار يووثون فطرة الانسان وطبيعة الانسان لان الشذوذ مخالف للفطرة والطبيعة البشرية فهذه الحرب هي حرب ضد فطرة الانسان .

لذلك على الاهل ان ينتبهوا لاولادهم وان يعملوا على ان تبقى فطرتهم سليمة وعقولهم صافية وغير ملوثة، الانتباه لمن يعاشرون (اصدقاؤهم ورفقاؤهم) الانتباه الى مدارسهم وجامعاتهم (اين يدرسون؟ وماذا يدرسون؟ لان الافكار الفاسدة تسربت الى المناهج الدراسية في الجامعات والثانويات) الانتباه الى طريقة استعمالهم لوسائل التواصل (اين يدخلون؟ وماذا يقرؤون ويشاهدون؟) هذه كلها امور مهمة اذا اردنا ان نحافظ على فطرة ابنائنا واجيالنا ونحصنها كي لا تتلوث بالافكار الفاسدة والمنحرفة.

الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 6-9-2024: مشروع نتنياهو وحلفائه في الحكومة هو تحويل كامل فلسطين الى دولة يهودية وطرد اهلها، ولذلك سيواصل حربه على غزة والضفة لتنفيذ هذا المشروع ولا يبدو انه يريد التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار،

مواقيت الصلاة

الفجر

5:02

الشروق

6:16

الضهر

12:35

العصر

16:09

المغرب

19:12

العشاء

20:04

المواقيت بحسب توقيت مدينة بيروت