خطبة الجمعة 2-6-2023 - الإمام الرضا(ع) والتصدي للغزو الثقافي
الشيخ دعموش: لبنان لا يُدار بمنطق الاستئثار والتحدي بل بمنطق الشراكة والتعاون.
رأى نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش أنّ المقاومة التي تعلمناها من الإمام الخميني، حرّرت الأرض وحمت لبنان وجعلته قويًا وعزيزًا"، مضيفًا أنّ "المعادلات التي صنعتها المقاومة بدماء الشهداء هي التي تمنع العدو من الاعتداء على لبنان وشعبه وحدوده وحقوقه وثرواته".
وفي خطبة الجمعة، قال الشيخ دعموش إن "المقاومة اليوم في أعلى جهوزيتها وهادئة ومطمئنة، بينما العدو قلق وخائف ومضطرب"، معتبرًا أنّ "المناورات التي يجريها هي دليل ضعفه وخوفه واضطرابه، إذ إنّ أكثر ما يقلق العدو هو قدرات المقاومة ووحدة الساحات التي باتت ترعبه وتجعله يحسب ألف مرة قبل أن يفكر في الاعتداء على لبنان".
وأشار سماحته إلى أنّ "الهمّ المعيشي لا يزال يتقدّم على سائر الهموم، خصوصًا مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والأساسية بشكل فاحش وخارج عن القدرة والتحمل، مما يستوجب تحركًا سريعًا من حكومة تصريف الأعمال والوزارات المعنية للتخفيف من معاناة الناس وآلامهم".
وشدّد على أنّ "ما ينتظره اللبنانيون هو إنجاز الاستحقاق الرئاسي الذي هو بداية المسار لإيجاد الحلول للأزمات الحياتية والمعيشية التي يُعاني منها اللبنانيون"، وأسف أن "البعض لا زال يتعاطى مع هذا الاستحقاق بمنطق التحدي والمواجهة وبخلفية طائفية، وليس بخلفية وطنية مع أنّ الاستحقاق الرئاسي هو استحقاق وطني بامتياز ويعني كل اللبنانيين وليس طائفة دون طائفة"، وأضاف: "لقد جرّب الفريق الآخر طرح مُرشح للتحدي والمواجهة على مدى 11 جلسة ولم يصل إلى نتيجة وهو اليوم يُحاول الاتفاق على اسم مرشح آخر ليكرر التجربة".
وقال الشيخ دعموش: "يجب أن يدرك اللبنانيون أنّ البلد لا يحتمل ولا يدار بمنطق الفرض والتحدي والاستئثار والإقصاء، بل بمنطق الشراكة الوطنية والتعاون بين كل القوى السياسية".
واعتبر أنّ "تغيير اسم المرشح واستبداله بمرشح آخر للتحدي لا يوصل إلى نتيجة، فالمسار الوحيد الذي يؤدي إلى النتيجة المطلوبة وإنجاز الاستحقاق الرئاسي هو الحوار والتفاهم مع بقية الكتل للوصول إلى اتفاق، ولعبة الإعداد هي مضيعة للوقت، فليس هناك من يمتلك أكثرية في مجلس النواب، وبالتالي لا يستطيع أحد أن يفرض ما يُريده بعيدًا عن التفاهم مع الآخرين".
كما أضاف الشيخ دعموش "أننا أعلنا دعمنا للوزير سليمان فرنجية لأننا نرى فيه المؤهلات والصفات الوطنية المطلوبة، ولكننا أعلنّا أيضًا استعدادنا للحوار والتوافق، في حين يرفض الفريق الآخر ويضع الشروط ويُعرقل التوصل إلى حلّ، لأنّه يريد التحدي والمواجهة لا الحوار والتوافق".
وختم سماحته مؤكدًا أنّ "حزب الله متمسك بسياسة الانفتاح والحوار والتعاون مع الجميع، من موقع الحرص الوطني، للخروج من الأزمات وإنقاذ البلد، وهو واثق من أنّ اللبنانيين قادرون على معالجة أزماتهم إذا تحرروا من الارتهان للخارج وتحلوا بالمسؤولية الوطنية وتمسكوا بروحية التعاون والشراكة".
نص الخطبة
نباركُ لكم ذكرى مولدِ الإمام أبي الحسن عليِّ بن موسى الرضا (عليه السلام) الذي كانت ولادته في المدينة المنورَّة في 11 ذي القعدة سنةُ 148 للهجرة النبويَّة، وهي السنةِ التي استُشهد فيها الإمامُ الصادق (عليه السلام)
أبوه هو الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع) الذي قضي العديد من سني عمره متنقلا من سجن إلى سجن.
وأمُّه تُسمَّى "تكتُم"، وهي من بلاد المغرب العربي، وسمَّاها الإمامُ الكاظمُ -بعد أن أنجبت الرضا- بالطَّاهرة، وكانت من خيرة النساء زُهداً، وصلاحاً، وتقوىً، وعبادة، فكانت من الصالحات التقيات العابدات.
أما تسميتُه بالرِّضَا، فقد كانت باختيار من الله سبحانه وتعالى، وليس كما يُروِّجُ له البعض من أنَّه سُمِّي بالرضا؛ لتسمية المأمونِ له بذلك.
ولهذا كان الإمام الجواد (عليه السلام) كما في الحديث الصحيحِ الوارد عنه يقول: كذبوا واللهِ وفجروا بل اللهُ تعالى سمَّاه الرضا، لأنَّه كان رضيُّ الله عزَّ وجلَّ في سمائه ورضاً لرسولِه والأئمة من بعده في أرضه صلوات الله عليهم"، وكان الإمام الكاظم (عليه السلام) يدعوه بهذا الاسم أي الرضا، منذ ولادته.
وقد أطلق على الإمام(ع) لقب الغريب، او غريب الغرباء، والسبب في ذلك هو ابتلاء الإمام بسياسة المأمون الشيطانيّة، حيث كان المأمون يتظاهر بأنه يقرب الإمام ويقدره ويحترمه وقد جعله وليا لعهده، ولكنه في الواقع كان يكيد له ليحقق أهدافه، وقد فرض على الإمام أن يترك وطنه في المدينة المنورة بجوار جده المصطفى(ص) ويأتي إلى خراسان ليضعه بقُربه وتحت رقابته، بحيث صار يُحصي عليه حركاته وسكناته، فهو حين أعطى الإمام ولاية العهد، فقد وضعه في حقيقة الأمر في سجن وأبعده ونفاه عن وطنه، ومع أنّه ولاّه في الظاهر وأعطاه الحكم، لكنّه في باطن الأمر قد عزله عن جميع الشؤون، فلم يكن يجيز له أن يقوم بأي شأن من شؤون الولاية، بل كان يكيد للإمام كلّ ساعة من خلال خططه ومكره وخداعه، فيوهم الناس ويصور لهم أنّه يحب الإمام ويخلص له ويعظمه ويقدمه في المحافل، بينما في الواقع كان ينفذ خططه الماكرة ، الى ان دس السم اليه، فاستشهد الإمام وحيداً غريباً في غرفة مقفلة بسمّ الغادر الماكر الذي قتله ومشى في جنازته!!
ونغتنم هذه المناسبة الجليلة لنتعرَّفَ على بعضِ ملامحِ هذه الشخصيَّةِ الإلهيَّة التي اصطفاها الله لتكون دليلاً على دينِه، وحجَّةً له على عبادِه.ولنتعرف على بعض وصاياه لشيعته.
فقد احتل الامام الرضا(ع) مكانة علمية مرموقة في العالم الإسلامي، وقد نقل معاصروه شهادات بحقه تكشف عن مكانته العلمية ودوره الكبير في التصدي لمختلف الاتجاهات الفكرية التي كانت تغزو العالم الإسلامي انذاك، وتحاول القاء الشبهات لتضليل الرأي العام تجاهَ مذهبِ أهل البيت (عليه السلام).
ففي تلك الفترة اتسعت جغرافية العالم الإسلامي نتيجة الفتوحات، ودخلت الكثيرٍ من الشعوبِ والحضارات ضِمنَ العالم الإسلامي، ونشأَ عن ذلك تدفُّقُ الكثيرُ من الثقافاتِ المتباينة في الوسطِ الإسلامي، فقد كانت هذه الشعوب ينتمي بعضُها للديانةِ النصرانية وبعضُها للديانةِ اليهوديَّة، وفيهم مَن ينتمي للزرادشتيَّة وفيهم البراهمة، وقد تصدَّى العديدُ من علماءِ هذه الأديانِ لترويجِ الثقافةِ التي ينتمون إليها وإثارةِ الشُبهاتِ حولَ مختلفِ المعارفِ الإسلامية، كما نشطت في تلك المرحلة حركةُ الترجمة للكثيرِ من الكتب الفارسيَّةِ واليونانيَّةِ والرومانيَّةِ والعبريَّةِ وغيرِها، لذلك كانت هذه المرحلة رغمَ محاسنِها الظاهرية في غايةِ الخطورة، كانت تهدد بذوبان الهوية الإسلاميَّة، ولذلك تصدَّى الإمامُ ومعه تلامذتُه بكل الوسائلِ المتاحةِ لتحصين الهوية الإسلاميَّة والقيم والعقائد الإسلامية من الاختراقِ والاندماج والتأثرِ بالثقافاتِ الدخيلة، فقد عالجَ الإمامُ (عليه السلام) في خطاباتِه ومناظراتِه وإجاباتِه عن الأسئلة، الكثيرَ من الشُبهات التي نشأتْ عن تسرُّبِ هذه الثقافاتِ في الأوساطِ الإسلامية، فكان منها ما يتَّصلُ بالفلسفةِ وعلمِ الكلام، ومنها ما يتَّصلُ بتاريخ الأديانِ والسيرةِ النبويَّة والسنَّةِ الشريفة، ومنها ما يتَّصلُ بالتفسيرِ وعلومِ القرآن، ومنها ما يتَّصلُ بالفقهِ وأصولِه.
يقول أبو الصّلت الهرويّ: «ما رأيت أعلم من عليّ بن موسى الرّضا، ولا رأيت عالماً إلاَّ شهد له بمثل شهادتي، ولقد جمع له المأمون في مجلس له عدداً من علماء الأديان وفقهاء الشّريعة والمتكلّمين، فغلبهم عن آخرهم، حتّى ما بقي أحدٌ منهم إلاَّ أقرّ بالفضل وأقرّ على نفسه بالقصور... وأنَّ موسى بن جعفر قال لبنيه: هذا أخوكم عليّ بن موسى، عالم آل محمَّد، فسلوه عن أديانكم، واحفظوا ما يقوله لكم".
وفي كتاب المناقب عن عيون أخبار الرِّضا: «أنَّ المأمون جمع علماء سائر الملل، مثل الجاثليق ورأس الجالوت ورؤساء الصّابئين، منهم عمران الصابئي والهربذ الأكبر وأصحاب زرادشت ونطاس الروميّ، والمتكلّمين منهم سليمان المروزي، ثُمَّ أحضر الرّضا، فسألوه، فقطع الرّضا واحداً بعد واحد".
و عن إبراهيم بن العباس قال: "ما رأيت الرّضا يُسأل عن شيء إلاَّ علم، ولا رأيت أعلم منه بما كان في الزّمان الأوّل إلى وقته وعصره، وكان المأمون يمتحنه بالسّؤال عن كلّ شيء فيجيب فيه، وكان كلامه كلّه وجوابه وتمثّله انتزاعات من القرآن، وكان يختمه في كلّ ثلاثة ويقول: لو أردت أن أختمه في أقرب من ثلاثة ختمت، ولكن ما مررت بآية قطّ إلاَّ فكرت فيها، وفي أيِّ شيء نزلت، وفي أيِّ وقت، فلذلك صرت أختم في كلِّ ثلاثة أيّام"
ولم يغفلِ الإمام (عليه السلام) عن مواجهة ما نتج عن الانفتاح الثقافي في تلك المرحلة، بل حرصَ حرصا شديداً على معالجةِ ما نتجَ عن هذا الانفتاحِ من مشكلاتٍ اجتماعيَّةٍ وأخلاقيَّة فكان يُكثرُ من الوعظِ والإرشاد والتحذيرِ من الخصال السيئة وآثارِها وتبعاتِها. ويحث على الأخلاق الحسنة والسلوك المتزن والصفات النبيلة في العديد من رسائله ووصاياه.
ومن ذلك الرسائل التي كان يبعث بها إلى شيعته ليوجّههم إلى ما فيه صلاحهم، فقد كان يرسل (ع) رسائله مع السيد عبد العظيم الحسني، وهو من العلماء المقرّبين، ومن أبناء الإمام الحسن (ع)، الذي له مقام يُزار في (طهران)، ويسمّى بـ(الشاه عبد العظيم)، فقد كان يرسله ليبلّغ أتباعه وشيعته ما يريد منهم، وقد قال له في احدى رسائله: "يا عبد العظيم، أبلغ عني أوليائي السلام، وقل لهم ألا يجعلوا للشيطان على أنفسهم سبيلاً ـ أن لا يتبعوا خطوات الشيطان ولا يعبدوه، بل أن يعتبروه عدوّاً لهم ـ ومرهم بالصّدق في الحديث ـ فلا أريد لشيعتي أن يكونوا الكذّابين الذين يكذبون في ما يتحدّثون به وفي ما يعاهدون ويعدون ـ وأداء الأمانة ـ أن يكونوا الأمناء على كلّ ما يأتمنهم النّاس، لأنَّ الله يأمرنا أن نؤدي الأمانات إلى أهلها، سواء كان أهلها من الكافرين أو من المسلمين، ولأنَّ أداء الأمانة، سواء كانت أمانة مالٍ أو أمانة سرٍّ أو أمانة مسؤوليّة، هي التي تحافظ على توازن المجتمع، وعلى تركيز قواعد الثقة الاجتماعيّة بين أفراد المجتمع ـ وبالسّكوت وترك الجدال فيما لا يعنيهم ـ إذا أرادوا أن يتجادلوا حول بعض القضايا، فعليهم أن يتحاوروا في الأمور المفيدة والنافعة كالتحاور في العقيدة أو الشَّريعة أو شؤون الحياة لا ان نجادل كما كان يجادل الفلاسفة في الماضي : هل إنَّ البيضة أصل الدّجاجة، أو الدّجاجة أصل البيضة؟ وهل إنَّ الملائكة ذكورٌ أم إناث؟ ويختلفون فيما بينهم، ولا يلتفتون إلى القضايا المفيدة والمصيريّة..
هذا النوع من النقاش والجدال هو كلامٌ فارغٌ كالكثير من الكلام الفارغ الذي يحصل بين الناس بلا فائدة ولا نفع، ـ وإقبال بعضهم على بعض ـ أن ينفتح أوليائي وشيعتي على بعضهم البعض بالمحبَّة ـ والمزاورة، فإنَّ ذلك قربة إليّ، ولا يشغلوا أنفسهم بتمزيق بعضهم بعضاً، فإني آليت على نفسي أنّه من فعل ذلك ـ اي قام باثارة الفتن والتفرقة بين الناس وتمزيق وحدتهم وووحدة الصف والكلمة ـ وأسخط وليّاً من أوليائي ـ بأن اهان وليا من اولياء الله ونال من كرامته وحط من سمعته وأساء إليه ـ دعوت الله ليعذّبه في الدنيا أشدَّ العذاب، وكان في الآخرة من الخاسرين ـ هذه دعوة مخيفة لكلِّ الذين يعملون على تمزيق كرامات الناس، ولكلّ الذين يفتنون بينهم ويهدّمون المجتمع ، فلو دعا عليك شخصٌ عاديٌّ، فالأمر هيّن، ولكنّ ان يدعو عليك الإمام فهذا الامر صعب جدا، الامام الرّضا(ع) يقول أنا أخذتُ على نفسي عهداً أمام الله، أنَّهم إذا فعلوا ذلك، واثاروا الفتن والتفرقة والبغضاء والحقد بين المؤمنين وفي المجتمع ، دعوت عليهم بأن يعذِّبهم الله أشدَّ العذاب. فمَن لديه عقد نفسيّة تجاه احد أو مشاكل شخصيّة أو عائلية او عشائرية، ويهين الناس انطلاقا من ذلك عليه أن يعرف أن الإمام (ع) يدعو عليه الإمام(ع) ولا يرضى منه ذلك ـ وعرّفهم أنّ الله قد غفر لمحسنهم، وتجاوز عن مسيئهم، إلا من أشرك به أو آذى ولياً من أوليائي أو أضمر له سوءاً، فإنّ الله لا يغفر له حتى يرجع عنه، فإن رجع عنه، وإلا نُزع روح الإيمان من قلبه، وخرج من ولايتي، ولم يكن له نصيب في ولايتنا، وأعوذ بالله من ذلك".
البعض، ومن باب تبرير تصرفاته واعماله، يقول أفعلُ ما أفعل من أجل الدّين، أو من أجل الإسلام، او من اجل الشعب والمجتمع، أو من أجل الوطن، ولكن عندما ندخل إلى داخله نجد أنَّها يقوم بذلك من أجل الذّات حسداً أو حقداً أو عداوة. بينما ينبغي ان تكون صورة المؤمن تلك الصورة التي ارادها ائمة اهل البيت(ع) لاتباعهم صورة الانسان التقي والورع العابد الحريص على وحدة الصف ووحدة الكلمة .
الامام الخميني(قده) الذي نعيش هذه الايام ذكرى ارتحاله الى ربه كان نموذجا ومثالا للشخصية الايمانية والرسالية والجهادية التي تحدث عنها أئمة اهل البيت(ع).
الكثيرون ربما تحدثوا عن الشخصية القيادية للامام الخميني، وقدموا الامام بوصفه قائدا وزعيما وسياسيا كبيرا ورجلا شجاعا تحدى الطغاة والمستكبرين، لكن قلة هم الذين تحدثوا عن الشخصية الايمانية والتقوائية والاخلاقية والسلوكية للامام الخميني، يعني عن تقواه وعن صدقه واخلاصه وتواضعه وزهده ونمط عيشه وسلوكه مع اسرته والمقربين وعن سلوكه الشخصي.
عندما نتحدث عن شخصية الإمام الخميني (قدس) من هذا الجانب فاننا نتحدث عن شخصية ايمانية ورسالية نموذجية جسدت كل القيم الايمانية والاخلاقية والانسانية.
فقد تحلى الامام الخميني(قده) بايمان عميق وتقوى وورع قل نظيره، فالامام كان رجلا ربانيا بكل معنى الكلمة وصورة مصغرة عن انبياء الله واولياءه ، فنور الايمان كان يشع من وجهه .
هذه النورانية يصنعها الايمان وتصنعها التقوى والارتباط الوثيق بالله والعبادة الخالصة لله سبحانه وتعالى .
الامام كان يجتهد في الطاعة والعبادة لله وكان يخصيص اياما في السنة يتفرغ فيها للعبادة والطاعة وهذه هي سنة رسول الله(ص)لا سيما في العشر الاواخر من شهر رمضان.
كان الامام متواضعاً حتى في تعامله مع تلامذته الذين كانوا في مراحل علمية واجتماعية عادية.. والتواضع هو من خصائصه البارزة في حياته حتى بعد الثورة.
بساطة العيش والزهد بالدنيا ايضا، فقد جلس في بيت متواضع جدا في الوقت التي كانت كل القصور في ايران في متناول يده ، لم يشتر أثناء توليه السلطة دارًا لنجله الوحيد المرحوم السيد أحمد الذي كان يعيش في غرفتين أو ثلاث بالايجار.
كان الامام يوزع الهدايا التي كانت تأتيه على الفقراء ولا يحتفظ بها لنفسه، وكان يتمتع بوقار واتزان وهيبة خاصة، في ذات الوقت الذي عرف بتواضعه الكبير.
مدرسة الامام هي مدرسة عظيمة يجب ان يتعلم منها الناس العاديون والمسؤولون والقادة والحكام والحريصون على سيادة واستقلال اوطانهم .
نحن تعلمنا من الامام الخميني(قده) الايمان والقيم وتحمل المسؤوليات واداء التكليف وتعلمنا منه الجهاد والمقاومة والوقوف بوجه المحتلين والمستكبرين .
المقاومة التي تعلمناها من الامام الخميني حررت الارض وحمت لبنان وجعلته قويا وعزيزا، والمعادلات التي التي صنعتها بدما الشهداء هي التي تمنع العدو الاسرائيلي اليوم من الاعتداء على لبنان وشعبه وحدوده وحقوقه و ثرواته .
المقاومة اليوم في أعلى جهوزيتها وهادئة ومطمئنة، بينما العدو قلق وخائف ومضطرب، والمناورات التي يجريها هي دليل ضعفه وخوفه واضطرابه، واكثر ما يقلق العدو هو قدرات المقاومة ووحدة الساحات التي باتت ترعب العدو وتجعله يحسب الف مرة قبل ان يفكر في الاعتداء على لبنان.
اما على المستوى الدخلي، فلا يزال الهم المعيشي يتقدم على سائر الهموم خصوصا مع ارتفاع اسعار المواد الغذائية والحياتية الاساسية بشكل فاحش وخارج عن القدرة والتحمل، مما يستوجب تحركا سريعا من حكومة تصريف الاعمال والوزارت المعنية للتخفيف من معاناة الناس وآلامهم .
وما ينتظره اللبنانيون هو انجاز الاستحقاق الرئاسي الذي هو بداية المسار لايجاد الحلول للأزمات الحياتية والمعيشية التي يعاني منها اللبنانيون .
لكن مع الاسف لا زال البعض يتعاطى مع هذا الاستحقاق بمنطق التحدي والمواجهة، وبخلفية طائفية وليس بخلفية وطنية، مع ان الاستحقاق الرئاسي هو استحقاق وطني بامتياز ويعني كل اللبنانيين وليس طائفة دون طائفة، لقد جرب الفريق الاخر طرح مرشح للتحدي والمواجهة على مدى 11 جلسة ولم يصل الى نتيجة، وهو اليوم يحاول الاتفاق على اسم مرشح آخر ليكرر التجربة .
يجب ان يدرك اللبنانيون ان البلد لا يحتمل ولا يدار بمنطق الفرض والتحدي والاستئثار والاقصاء بل بمنطق الشراكة الوطنية والتعاون بين كل القوى السياسية.
تغيير اسم المرشح واستبداله بمرشح اخر للتحدي لا يوصل الى نتيجة، المسار الوحيد الذي يؤدي الى النتيجة المطلوبة وانجاز الاستحقاق الرئاسي هو الحوار والتفاهم مع بقية الكتل من أجل الوصول إلى اتفاق، ولعبة الاعداد هي مضيعة للوقت، فليس هناك من يمتلك اكثرية في مجلس النواب، وبالتالي لا يستطيع احد ان يفرض ما يريده بعيدا عن التفاهم مع الاخرين .
نحن اعلنا دعمنا للوزير فرنجية لأننا نرى فيه المؤهلات والصفات الوطنية المطلوبة، ولكننا أعلنّا ايضا استعدادنا للحوار والتوافق والفريق الآخر هو الذي يرفض ويضع الشروط ويعرقل التوصل الى حلّ لأنه يريد التحدي والمواجهة لا الحوار والتوافق .
حزب الله متمسك بسياسة الانفتاح والحوار والتعاون مع الجميع،من موقع الحرص الوطني، للخروج من الازمات وانقاذ البلد، وهو واثق من ان اللبنانيين قادرون على معالجة ازماتهم اذا تحرروا من الارتهان للخارج وتحلوا بالمسؤولية الوطنية وتمسكوا بروحية التعاون والشراكة.