خطبة الجمعة 7-4-2023 - أشبهت خلقي وخُلُقي
الشيخ دعموش: أيّ حماقة يرتكبها العدو ضد لبنان سيتحمل عواقبها وتداعياتها
لفت نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش إلى أنّه "لا نزال اليوم في قلب الصراع والتحديات، ولا زالت "إسرائيل" تتمادى في عدوانها وإرهابها على فلسطين ولبنان وسوريا وعلى المسجد الأقصى والمقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس".
وفي كلمة له في خطبة الجمعة، أضاف الشيخ دعموش "أمام هذا العدوان المتمادي ليس هناك من خيار لدى الأمة سوى المقاومة والصمود والثبات في هذه المعركة التي يفرضها العدو على الأمة".
وتابع "يجب أن يدرك العدو الصهيوني أنّ الاعتداء على المسجد الأقصى مختلف عن أي اعتداء آخر يقوم به، لأنّه إعتداء على كل الأمّة؛ فالمسجد الأقصى لا يعني الفلسطينيين وحدهم بل هو قضية الأمة كلها".
وأكد الشيخ دعموش أنّ "المس بالمسجد الأقصى والمقدسات لن يقف عند حدود مقاومة الفلسطينيين وغزة والضفة، بل يعني اشعال كل المنطقة دفاعًا عن المقدسات لأنه عندما تصبح مقدسات الأمة في خطر جدّي ستسقط كل الخطوط الحمراء وتصبح الأمة كلّها جزءًا من المعركة".
وشدد على أنه "يجب على العدو الصهيوني أن يعرف أنّ التمادي في العدوان على المسجد الأقصى وقبة الصخرة يؤدي إلى انفجار كبير في المنطقة"، وقال "على الأمة أن تترقّب وتتنبه إلى ما يجري في فلسطين ومن حولنا، حيث قد تكون له تداعياته الكبيرة والخطيرة على المنطقة، وهذا كلّه يتوقّف على مدى حماقة العدو"، وأوضح "أيّ حماقة يرتكبها العدو ضد لبنان سيتحمل عواقبها وتداعياتها، ولن نسمح بكسر المعادلات التي أرستها المقاومة، ولذلك على العدو أن لا يخطئ التقدير".
على المستوى السياسي، قال الشيخ دعموش "لا تزال المساعي للحل تراوح مكانها ومن دون أن تصل إلى نتيجة حتى الآن بسبب تعنّت من يصغي للخارج، وينتظر الحلول من الخارج ويراهن عليه"، واستدرك بالقول "لكن بات واضحًا أن من يعطل انتخاب الرئيس ويمنع اللبنانيين من التفاهم والتوافق هو الفيتوات والتدخلات الخارجية بالملف الرئاسي وهذه هي الحقيقة".
ودعا سماحته "كل القوى السياسية إلى تقديم المصلحة الوطنية وعدم الانصياع لارادة الخارج، فالاستحقاق الرئاسي هو استحقاق داخلي يعني اللبنانيين بالدرجة الأولى وانجازه بالسرعة المطلوبة يوفّر على لبنان المزيد من الأزمات والتعقيدات ويساهم في انقاذ البلد".
نص الخطبة
نبارك لكم ولعموم المسلمين ذكرى ولادة الامام الحسن بن علي المجتبى(ع) الذي كان اول مولود لعلي وفاطمة (عليهما السلام) واول حفيد لرسول الله(ص) حيث ولد في السنة الثالثة للهجرة ليلة النصف من شهر رمضان المبارك في المدينة المنورة فاستبشر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمولوده وذهب إلى بيت فاطمة عليها السلام وحمل ابنه برفق، وضمه إليه واخذ يقبله ثم أذّن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى،... وعندما سال الإمام علي عليه السلام فاطمة عن اسم المولود، أجابته: ما كنت لأسبقك، فقال عليّ عليه السلام : وما كنت لأسبق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فجاء الإمام علي عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واشار اليه ان يسمي المولود، فأجاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم! ما كنت لأسبق ربّي. فنزل جبرائيل من السماء على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال له: "إن الجليل يقرؤك السلام ويقول لك اسمه حسن".
ثم عقّ عنه وحلق رأسه وتصدق بزنة شعره فضةً ، وأَمَرَ فَطُلِيَ رأسه طيباً وعطرا، وسُنّت بذلك العقيقة والتصدّق بوزن الشعر وكنّاه (أبا محمد).
ومن المعروف أن الإمام الحسن (ع) عاش في ظل جده المصطفى(ص) سبع سنوات، وفي هذه السنوات السبع كانت هناك علاقة حميمة بين الرسول (ص) وبين الحسن (ع) ، تجاوزت هذه العلاقة حدود العلاقة العائلية والعلاقة العاطفية التي تربط الأب بأبنه والجد بحفيده فقد كان النبي (ص) يرعى تربية الحسن رعاية خاصة ومميزة، فكان يغذيه بآدابه وأخلاقه ويعطيه من علومه ومعارفه ويربي فيه المؤهلات الكافية لأن تجعله جديرا بدور قيادي على مستوى الأمة في المستقبل.
وكانت تلك السنوات السبع التي عاشها الإمام الحسن (ع) في رعاية وتربية النبي (ص) على قلتها كافية لأن تجعل من الحسن (ع) صورة مصغرة عن شخصية رسول الله حتى اصبح جديرا بذلك الوسام الذي منحه اياه رسول الله (ص) عندما قال له : (أشبهت خلقي وخُلُقي).
فهو حاز على صفات جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في خَلقِه وخُلُقِه وهيئته وهديه وسؤدده ، فكان اشبه الناس صورة وهيئة برسول الله وكان اشبه الناس اخلاقا برسول الله(ص)، لقد كان شبيه رسول الله(ص) بصدقه وإخلاصه وتواضعه وشجاعته وزهده وكرمه وجوده وتسامحه وعفوه عمن أساء اليه
كان شجاعا ومقداما كرسول الله(ص) وكأبيه علي(ع) رسول الله(ص) كان في قمة الشجاعة والبسلة كان يتقدم الصفوف الامامية في المعارك والمواجهات وكان المسلمون اذا احتدمت المعركة واشتد القتال يحتمون برسول الله لبسالته، وقد قال علي(ع) الذي من كان اشجع الناس بعد رسول الله(ع) والذي هو بطل الابطال وفارس الفرسان ومجندل الاقوياء: (كنا إذا احمر البأس اتقينا برسول الله صلى الله عليه وآله فلم يكن منا أقرب إلى العدو منه) وكان الحسن كجده المصطفى يتقدم الصفوف الامامية في معركة الجمل هو واخوه الحسين لشجاعتهما وبسالتهما حتى كان امير المؤمنين يردهما عن القتال لئلا يصابا عندما كانا يقتحمان صفوف العدو، وهكذا كان الحسن (ع) في قمة الصدق والاخلاص والكرم والتسامح والعفو وكل الصفات الانسانية العظيمة، وقد دلت عشرات الروايات على هذه الاخلاق الكريمة التي تحلى بها الامام المجتبى(ع) والتي اخذها عن رسول الله(ص).
فمن تلك الروايات ما روي من ان الحسن مر على جماعة من الفقراء وقد جلسوا على التراب يأكلون خبزاً كان معهم، فدعوه إلى مشاركتهم فجلس معهم وقال: "إن الله لا يحب المتكبرين، ولما فرغوا من الأكل دعاهم إلى ضيافته فأطعمهم وكساهم وأغدق عليهم من عطائه.
وفي رواية أخرى انه(ع) مر على فقراء يأكلون فدعوه إلى مشاركتهم، فنزل عن راحلته وأكل معهم ثم حملهم إلى منزله فأطعمهم وأعطاهم"، وقال: "اليد لهم(يعني الفضل لهم) لأنهم لم يجدوا غير ما أطعموني ونحن نجد ما أعطيناهم".
ومرّ به رجل من أهل الشام ممن غذّاهم معاوية بالحقد والكراهية لعليّ وآل عليّ فسب للإمام الحسن عليه السلام وشتمه والإمام ساكت لا يتكلم وهو يعلم بأن الشامي لا يعرف عليّا وآل عليّ إلا من خلال الصورة التي كان معاوية يصورهم بها، وعندما انتهى الشامي من حديثه بما فيه من جلف وفظاظة ابتسم الحسن عليه السلام له والتفت إليه وتكلم معه بأسلوب هادئ سماحته وعفوه متجاوزا ومتجاهلاً كل ما سمعه من الرجل ، وقال له: "أيها الشامي أظنك غريباً فلو أنك سألتنا أعطيناك، ولو استرشدتنا أرشدناك، وإن كنت جائعاً أطعمناك، وإن كنت محتاجاً أغنيناك، أو طريداً آويناك"، ومضى يتحدث إلى الشامي بهذا الأسلوب الذي يفيض بالعطف والرحمة حتى ذهل الشامي وسيطر عليه الحياء والخجل فجعل يعتذر اليه ويطلب عفوه وصفحه ويقول: "الله أعلم حيث يجعل رسالته".
وكان سخاؤه وكرمه كسخاء وكرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقد رأى عليه السلام غلاماً أسود يأكل من رغيف لقمة، ويطعم كلباً هناك لقمة فقال له: "ما حملك على هذا؟" قال: "إني استحي منه أن آكل ولا أطعمه". فقال له الحسن عليه السلام: "لا تبرح مكانك حتى آتيك". فذهب إلى سيده، فاشتراه واشترى (البستان) الذي هو فيه، فأعتقه، وملّكه البستان.
وكان الحسن(ع) أعبد الناس في زمانه وأزهدهم وأفضلهم وكان إذا حجّ حجّ ماشياً وربما مشى حافياً، وكان لا يقوم ولا يقعد الا على ذكر الله سبحانه وكان أصدق الناس لهجة وأفصحهم منطقاً وكان إذا بلغ المسجد رفع رأسه ويقول: "الهي ضيفك ببابك يا محسن قد أتاك المسيء فتجاوز عن قبيح ما عندي بجميل ما عندك يا كريم" وكان إذا توضأ، أو إذا صلّى ارتعدت فرائصه واصفر لونه من خشية الله تعالى.
من مواعظه ما روي عنه انه قال: يا ابن آدم: "عفّ عن محارم الله تكن عابداً، وارض بما قسم الله تكن غنيّاً وأحسن جوار من جاورك تكن مسلماً، وصاحب الناس بمثل ما تحبّ أن يصاحبوك به تكن عادلاً. إنه كان بين يديكم أقوام يجمعون كثيراً، ويبنون مشيداً، ويأملون بعيداً، أصبح جمعهم بوراً، وعملهم غروراً، ومساكنهم قبوراً. يا ابن آدم: لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن أمّك، فخذ مما في يديك لما بين يديك، فانّ المؤمن يتزود والكافر يتمتّع
ويقول (ع) في المبادرة إلى العمل: "اتقوا الله عباد الله، وجدّوا في الطلب وتجاه الهرب، وبادروا العمل قبل مقطعات النقمات، وهادم اللذات، فانّ الدنيا لا يدوم نعيمها، ولا يؤمن فجيعها، ولا تتوقّى مساويها، غرور حائل، وسناد مائل، فاتعظوا عباد الله بالعبر واعتبروا بأثر. وازدجروا بالنعيم. وانتفعوا بالمواعظ، فكفى بالله معصتماً ونصيراً، وكفى بالكتاب حجيجاً وخصيماً، وكفى بالجنّةِ ثواباً، وكفى بالنار عقاباً ووبالاً"
نحن بحاجة الى اخلاقه ومواعظه وصبره على المكاره وثباته وقدرته على تحمل الاساءات والمظلومية لنتعلم منه كيف نواجه التحديات بالوعي والصبر والعمل والمقاومة.
اليوم لا نزال في قلب الصراع والتحديات ولا زالت اسرائيل تتمادى في عدوانها وارهابها على فلسطين ولبنان وسوريا وعلى المسجد الاقصى والمقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس.
وامام هذا العدوان المتمادي ليس هناك من خيار لدى الامة بعد سقوط كل الخيارات الاخرى سوى المقاومة والصمود والثبات في هذه المعركة التي يفرضها العدو على الامة.
يجب أن يدرك العدو الصهيوني أن "الاعتداء على المسجد الأقصى مختلف عن أي اعتداء آخر يقوم به، لانه إعتداء على كل الامة فالمسجد الأقصى لا يعني الفلسطينيين وحدهم بل هو قضية الأمة كلها.
ولذلك "المس بالمسجد الأقصى والمقدسات لن يقف عند حدود مقاومة الفلسطينيين وغزة والضفة ، بل يعني اشعال كل المنطقة دفاعا عن المقدسات لانه عندما تصبح مقدسات الامة في خطر جدي ستسقط كل الخطوط الحمراء وتصبح الامة كلها جزءا من المعركة ولذلك
يجب ان يعرف العدو الصهيوني ان التمادي في العدوان المسجد الأقصى وقبة الصخرة يؤدي إلى انفجار كبير في المنطقة. وعلى الامة ان تترقب وتتنبه الى ما يجري في فلسطين ومن حولنا. حيث قد تكون له تداعياته الكبيرة والخطيرة على المنطقة وهذا كله يتوقف على مدى حماقة العدو. واي حماقة يرتكبها العدو ضد لبنان سيتحمل عواقبها وتداعياتها ولن نسمح بكسر المعادلات التي ارستها المقاومة، ولذلك على العدو أن لا يخطئ التقدير .
اما على المستوى السياسي فلا تزال المساعي للحل تراوح مكانها ومن دون ان تصل الىنتيجة حتى الآن بسبب تنعنت من يصغي للخارج وينتظر الحلول من الخارج ويراهن عليه. لكن بات واضحا ان من يعطل انتخاب الرئيس ويمنع اللبنانيين من التفاهم والتوافق هو الفيتوات والتدخلات الخارجية بالملف الرئاسي وهذه هي الحقيقة
ولذلك نحن ندعو كل القوى السياسية الى تقديم المصلحة الوطنية وعدم الانصياع لارادة الخارج فالاستحقاق الرئاسي هو استحقاق داخلي يعني اللبنانيين بالدرجة الاولى وانجازه بالسرعة المطلوبة يوفر على لبنان المزيد من الازمات والتعقيدات ويساهم في انقاذ البلد.