خطبة الجمعة 17-3-2023 - إحياء المساجد
الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 17-3-2023: الرهان على الوقت ليس في مصلحة أحد.
أكد نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش أنّ "أعداءنا اليوم يعملون ليلًا نهارًا وبكل الوسائل والأساليب، على إبعاد الأجيال والشباب عن المساجد"، لافتًا إلى أنهم "يعرفون حجم تأثير التعبئة المسجدية في إقبال الشباب على التديّن والتزام ثقافة المقاومة والانخراط فيها".
وفي خطبة اليوم الجمعة، قال الشيخ دعموش إنّ "أميركا و"إسرائيل" والغرب يُراهنون على إبعاد جيل الشباب عن ثقافة المقاومة، ويعملون على إفسادهم عبر ثقافة التفاهة والميوعة والترويج للتحلّل الأخلاقي والاجتماعي وللشذوذ الجنسي والمخدرات"، وأضاف: "لكنهم بفضل الله حتى الآن هم خسروا رهاناتهم، ولم ينجحوا في التأثير على جيل الشباب بدليل أنّ شبابنا ما زالوا يحملون ثقافة المقاومة وفكرها ويرفعون رايتها، ويتنافسون على المشاركة فيها".
وتابع: "لذلك على أميركا والغرب وحلفائهم أن ييأسوا من التأثير على هذا الجيل وعلى الأجيال القادمة، فالأجيال الحالية والقادمة ستحمل نفس الثقافة والايمان والالتزام والعزم والإرادة والروحية، ولن تستسلم وستمضي في طريق المقاومة".
واعتبر سماحته أن "إنقاذ البلد من أزماته الداخلية المتصاعدة لا يكون بالتمنيات واللامبالاة وانتهاج سياسة التعطيل، بل بالعمل الجاد وتحمّل المسؤوليات والترفّع عن الكيديات والحسابات الضيّقة والإسراع في انتخاب الرئيس وعدم تضييع الوقت، لأن الرهان على الوقت ليس في مصلحة أحد".
نص الخطبة
يقول تعالى: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَـئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ﴾.
اعمار المساجد على نوعين:
الاعمار المادي الحسي: وهو بناء المساجد، وانشاؤها وتشييدها، وترميمها وتجهيزها وتنظيفها.
والاعمار الروحي والمعنوي: وهو احياء المساجد بالحضور فيها وملئها والصلاة فيها، واحياؤها بالعبادة والعلم والمعرفة والدروس والمواعظ وتعلم القرآن، والفقه والاحكام، وجعلها محورا للأعمال والأنشطة الثقافية والاجتماعية والخيرية والتعبوية، ومنطلقا لتحمل المسؤوليات المختلفة.
والآية الكريمة تقرر: ان من يبني المساجد ويحيها بالعبادة والاعمال الطيبة هم المؤمنون العابدون المصلون المؤدون للزكاة الذين يمتثلون ما امر الله به ولا يخشون احدا الا الله، فمن كان يتحلى بهذه الصفات هو الذي يوفق ويحظى بشرف اعمار المساجد وبنائها وإحيائها، لتكون مكانا للعبادة وعنوانا للوحدة والتآخي والتعاون بين المسلمين ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَـئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ المهتدين)
اليوم احياء المساجد وملىء المساجد والحضور فيها وعدم هجرانها هي مسؤولية كل المسلمين والمؤمنين، وقد اكد الاسلام على هذه المسؤولية من خلال الكثير من الاحاديث التي نددت بهجران المساجد، او تلك التي حثت على ارتياد المساجد .
فقد اعتبرت بعض الاحاديث هجران المساجد ومقاطعتها و ترك التردُّد إليها بحجج واعذار مختلفة من أخطر الأشياء، فالمساجد والمجمعات بنيت لإعمارها بالصلاة والعبادة، وهجرانها ومقاطعتها هو من أعظم السيئات، اذ كيف يمكن للانسان المسلم الذي يؤمن بالله ويعظمه ويقدسه أن يهجر بيت الله ويتهاون بزيارته بحجة كثرة الاعمال والاشغال او بحجة كثرة المسؤوليات والمتابعات وضيق الوقت .
يجب ان يستحضر الانسان المؤمن وخاصة جار المسجد قول النبي(ص) أنه: (لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد) بمعنى انه لا فضل ولا قيمة ولا ثواب لصلاته الا في المسجد
يجب ان يعلم المؤمنون لا سيما جيران المسجد، بان النبي (ص) وهو الرؤوف بالمؤمنين أراد أن يحرق بيوتا على أهلها لانهم يقاطعون المسجد ولا يصلون فيه لفداحة ذنبهم، مع انهم يصلون لكنهم لايصلون في المساجد.
يجب ان يعلم المقصرون والمقاطعون للمساجد لا سيما جيران المساجد، ان المساجد تشكوهم إلى الله، تشكوهم لقطيعتهم وهجرانهم إياها، تشكوا الى الله هذا السلوك منهم تجاه المساجد.
فقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: شكت المساجد إلى الله تعالى الذين لا يشهدونها من جيرانها، فأوحى الله عزّ وجلّ إليها: وَعِزَّتي وجَلالي ، لا قَبِلتُ لَهُم صَلاةً واحِدَةً ، ولا أظهَرتُ لَهُم فِي النّاسِ عَدالَةً ، ولا نالَتهُم رَحمَتي ، ولا جاوَروني في جَنَّتي .
وعنه عليه السلام: ثلاثة يشكون إلى الله عز وجل: مسجد خراب لا يُصلِّي فيه أهله، وعالم بين جهّال، ومصحف معلّق قد وقع عليه غبار لا يُقرأ فيه.
وفي المقابل فإن التفاعل مع المساجد والمشي اليها والحضور فيها والصلاة فيها من اعظم الأعمال.
فالمشي الى المساجد والتردد اليها فيه ثواب وله حسنات كثيرة: ففي الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): من مشى إلى مسجد يطلب فيه الجماعة كان له بكلِّ خطوة سبعون ألف حسنة، ويُرفع له من الدرجات مثل ذلك، وإن مات وهو على ذلك وكّل الله به سبعين ألف ملك يعودونه في قبره، ويؤنسونه في وحدته، ويستغفرون له حتى يُبعث.
بل ان التردد الى المساجد واحيائها واعمارها هو سبب لإنزال الرحمة الالهية على عباده: فعَنِ الإمامِ الصادقِ جعفرِ بنِ محمّد، عنْ أبيه، عنْ آبائِه (عليهمُ السلام) أنَّ رسولَ اللهِ (صلّى اللهُ عليه وآلِه) قال: «إنَّ اللّهَ تَبارَكَ وتَعالى إذا رَأى أهلَ قَريَةٍ قَد أسرَفوا فِي المَعاصي وفيها ثَلاثَةُ نَفَرٍ مِنَ المُؤمِنينَ، ناداهُم جَلَّ جَلالُهُ، وتَقَدَّسَت أسماؤُهُ: يا أهلَ مَعصِيَتي، لَولا مَنْ فيكُم مِنَ المُؤمِنينَ المُتَحابّينَ بِجَلالي، العامِرينَ بِصَلاتِهِم أرضي ومَساجِدي، وَالمُستَغفِرينَ بِالأَسحارِ خَوفاً مِنّي، لَأَنزَلتُ بِكُم عَذابي، ثُمَّ لا أبالي.
والمكوث في المسجد والجلوس فيه بانتظار الصلاة فيه ثواب وله بركات عظيمة: فعن رسول الله انه قال لأبي ذر: «يا أبا ذر من جلس في مسجد منتظراً العبادة والصلاة، كان له بكل نفسٍ يتنفسه درجة في الجنة، وكانت الملائكة تُصلي عليه مادام في المسجد».
والصلاة في المسجد لها فضل كبير واجر مضاعف: وطبعا الصلاة في المساجد فرادى لها فضل كبير، أمّا لو كانت في جماعة فالفضل أكبر: فعن الإمام الصادق عليه السلام قال: "الصلاة في جماعة تفضل على كلّ صلاة الفرد بأربعة وعشرين درجة، تكون خمسة وعشرين صلاة".
ولا ينبغي للانسان المؤمن ان يترك الجماعة من غير عذر، فقد روي أنّ ضريراً جاء إلى النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم فقال له: "يا رسول الله أنا ضرير البصر وربما أسمع النداء ولا أجد من يقودني إلى الجماعة والصلاة معك، فقال له النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: شدَّ من منزلك إلى المسجد حبلاً واحضرِ الجماعة".
وهذا التشديد على صلاة الجماعة، لما للجماعة من فوائد غير ثواب الاخرة، فالصلاة جماعة هي مدعاة لظن الخير بالانسان، فعن الامام الصادق عليه السلام قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من صلّى الخمس في جماعة فظنّوا به خير".
كما ان الصلاة جماعة سبب لقضاء الحاجة، فقد جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ الله يستحيي من عبده إذا صلّى في جماعة ثمّ سأله حاجته أن ينصرف حتّى يقضيه".
والتردُّد الى المسجد له فوائد عظيمة في الدنيا قبل الاخرة: ففي المسجد يكتسب الناس المعرفة والثقافة والوعي، ويطلعون على مفاهيم دينهم، واحكام دينهم، ويستمعون الى التوجيهات والإرشادات المختلفة.
وفي المسجد يتعرف الناس على بعضهم بعضاً، وخاصةً إذا كانوا من أماكن متعددة، يتواصلون ويتحابون ويتعاونون، ولذلك ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام: من اختلف إلى المساجد أصاب إحدى الثماني: أخاً مستفاداً في الله أو علماً مستطرفاً، أو آيةً محكمةً، أو رحمةً منتظرةً، أو كلمة ترده عن ردى، أو يسمع كلمة تدله على هدى، أو يترك ذنباً خشية أو حياء.
وعن النبي (صلى الله عليه وآله): لا يرجع صاحب المسجد بأقلّ من إحدى ثلاث: إمّا دعاء يدعو به يُدخله الله به الجنة، وإمّا دعاء يدعو به ليصرف الله به عنه بلاء الدنيا، وإمّا أخ يستفيده في الله عز وجل.
اليوم كم من العلاقات والصداقات تكونت من خلال المسجد؟ وهي من أفضل الصداقات والعلاقات ، وكم من الخصومات والمشكلات حلت في المساجد وعجزت عن حلها حتى المحاكم؟ وكم من الحكم والقيم والنصائح حصل عليها الانسان من خلال المسجد؟.
لذلك المسجد يجب ان يكون جزءا من برنامجنا اليومي ، ما يضر اصحاب المحلات والموظفين والعاملين اذا توقفوا عن اعمالهم في اوقات الصلاة وجاؤوا لصلاة الجماعة او الجمعة في المسجد لمدة نصف ساعة؟.
المسؤلون والعاملون ينبغي ان يتوقفوا عن اعمالهم واكلهم وشربهم وانشطتهم المختلفة في اوقات الصلاة والتوجه نحو المساجد للصلاة جماعة.
لا ينبغي اقامة الانشطة والجلسات والاجتماعات في اوقات الصلاة او في اوقات قريبة من الصلاة بحيث يفوت وقت الصلاة.
ينبغي ان تتوقف الاعمال والانشطة والجلسات والاجتماعات في وقت الصلاة وخاصة يوم الجمعة وان يأتي الجميع الى المساجد (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ).
يجب ان ناتي جميعا الى المسجد رجالا ونساءا كبارا وصغار يجب ان نربي اولادنا على الحضور في المساجد للصلاة والعبادة والمشاركة في الجماعة وفي مختلف الانشطة المسجدية ولا ينبغي ان تضيق صدورنا من حضورهم وضوضاءهم وحركتهم الزائدة.
النبي علمنا وعلم كل المسلمين من خلال اسلوب تعامله مع اولاده وهم في المسجد كيف يجب أن نتعامل بصدر رحب وبروح استيعابية مع أولادنا في المساجد.
فقد نقل لنا التاريخ قصصا رائعة في تعامل النبي (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم) مع أولاده وهم في المسجد، فذات مرة حينما رأى الحسن والحسين مقبلين في المسجد نزل من على منبره وقطع خطبته، وضمهما وقبلهما ثم عاد إلى منبره وأكمل خطبته.
وينقل المؤرخون في موقف اخر أن رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم) كان يصلى فجاء الحسن بن علي وهو صغير فكان كلما سجد النبي وثب الحسن على ظهره فكان النبي يرفع رأسه بهدوء كي لا يقع الحسن ثم يضعه على الأرض.
التعامل برفق وسعة صدر واستيعاب مع الاولاد وهم في المسجد يشجع الاولاد على الاستمرار في الحضور الى المساجد
ومن المهم جدا أن يتعلق الصغار بالمسجد، وان يعتادوا على المجي الى المساجد، لانهم اذا اعتادوا على الحضور في المساجد منذ الصغر فان المسجد عندما يكبرون يتحول الى شيء ثابت في حياتهم اليومية من دون ان يشعروا بتكلف أو ضجر.
والطريق الى تعلق اولادنا بالمسجد يكون اولا بالتودد لهم والتعامل معهم بلطف ولين والابتعاد عن اسلوب الزجر وتشيعهم اذا صدر منهم شيء حسن وثانيا أن يرى الاولاد في المسجد ما يجذبهم للحضور باستمرار مثل الانشطة الكشفية والمسابقات التي تمنح الفائزين جوائز وغير ذلك من الامور الجاذبة التي تربطهم بالمسجد وتعمق علاقتهم به
وهنا يجب أن لا يسبقنا أصحاب المقاهي والملاهي والنوادي الترفيهية بانشطتهم الجذابة وبما يقدمونه من مغريات لأولادنا لجذبهم واستقطابهم إلى اماكنهم ومحالهم ، بل علينا أن نقدم لاولادنا محفزات وبرامج وانشطة تتناسب مع مكانة المسجد لجذبهم واستقطابهم اليه
اليوم اعداؤنا يعملون ليلا نهارا وبكل الوسائل والاساليب على ابعاد الأجيال والشباب عن المساجد لانهم يعرفون حجم تاثير التعبئة المسجدية في اقبال الشباب على التدين والتزام ثقافة المقاومة والانخراط في المقاومة.
أميركا وإسرائيل والغرب يراهنون على ابعاد جيل الشباب عن ثقافة المقاومة، ويعملون على إفسادهم عبر ثقافة التفاهة والميوعة والترويج للتحلل الاخلاقي والاجتماعي وللشذوذ الجنسي والمخدرات، ولكن بفضل الله حتى الآن هم خسروا رهاناتهم، ولم ينجحوا في التأثير على جيل الشباب بدليل ان شبابنا ما زالوا يحملون ثقافة المقاومة وفكرها ويرفعون رايتها، ويتنافسون على المشاركة فيها.
ولذلك على اميركا والغرب وحلفائهم ان ييأسوا من التأثير على هذا الجيل وعلى الاجيال القادمة، فالاجيال الحالية والاجيال القادمة ستحمل نفس الثقافة والايمان والالتزام والعزم والارادة والروحية ولن تستسلم وستمضي في طريق المقاومة.
واليوم انقاذ البلد من أزماته الداخلية المتصاعدة لا يكون بالتمنيات واللامبالاة وانتهاج سياسة التعطيل بل بالعمل الجاد وتحمل المسؤوليات والترفع عن الكيديات والحسابات الضيقة والاسراع في انتخاب الرئيس وعدم تضييع الوقت لان الرهان على الوقت ليس في مصلحة احد