خطبة الجمعة 18-10-2019 بعنوان (موكب الاحزان وخلود كربلاء)
الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 18-10-2019: الازمة متراكمة ولا يتحمل مسؤوليتها العهد وانما كل العهود السابقة.
رأى نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: أن الاحتجاجات الشعبية العفوية التي يشهدها لبنان تعبر عن حجم الازمة المعيشية التي يعاني منها الناس، وقال: لطالما حذرنا من ان السياسات الاقتصادية الخاطئة وفرض المزيد من الضرائب والاعباء على المواطنين سيؤدي الى انفجار شعبي لان الناس وصلت الى مرحلة صعبة ولم يعد لديها قدرة على تحمل المزيد من التردي في الوضع المعيشي.
واعتبر ان الناس تعبر عن أوجاعها وآلامها، ولا بد من الاستماع لصرخة الناس لكن يجب الحفاظ على سلمية التحرك والاستقرار وعدم التعرض للاملاك العامة والخاصة ، فالازمة هي ازمة متراكمة لا يتحمل مسؤوليتها العهد الحالي ولا الحكومة الحالية وانما كل العهود السابقة والحكومات المتعاقبة .
واضاف: يجب التزام الدقة في تحميل المسؤوليات فلا يجوز تحميل العهد الحالي فساد و فشل 30 سنة ، كما لا يجوز تحميل حزب الله الذي رفض كل اشكال الضرائب على الفقراء والطبقة المتوسطة ورفع لواء محاربة الفساد مسؤولية اجراءات هو رفضها ولم يقبل بها وحاول المنع منها .
وشدد: على ان موقف حزب الله منذ البداية كان واضحا وقلنا بشكل واضح اننا نرفض المس بالحقوق والرواتب ولا نقبل بفرض اي ضرائب جديدة على الطبقة الفقيرة والمتوسطة سواء داخل الموازنة او من خارج الموازنة، وهذه سياسة ثابتة اعتمدها حزب الله في جلسات مجلس الوزراء وفي نقاش موازنة 2019 واليوم يعتمدها في نقاش 2020 ، وهذا موقف بات معروفا لدى الجميع وعبر ولا يزال يعبرعنه مسؤولونا ووزراؤنا ونوابنا في مختلف المناسبات .
وقال: على هذا الاساس منعنا سابقا عند نقاش موازنة 2019 فرض رسوم على البنزين وفرض ضريبة 2% على السلع المستوردة ،وبالأمس رفضنا فرض ضريبة على الواتساب، واليوم نقول اذا اردتم معالجة الازمة وتحسين مداخيل الدولة فالطريق الى ذلك ليس جيوب المواطنين والفقراء، بل الطريق الصحيح هو ان نبدأ بالاملاك البحرية والبنوك والامتيازات التي تحصل عليها الطبقة السياسية وتحسين الانتاج في القطاعات الصناعية والزراعية ووقف الهدر والفساد والبدء باصلاحات جذرية وممنهجة والاقلاع عن المنهجية السابقة التي ادخلت البلد في عنق الزجاجة واوصلته الى هذه الحالة.
نص الخطبة
في ذكرى الأربعين نستحضر موكب السبايا موكب الاحزان ونستحضر ما جرى عليهم بعد عاشوراء.
من المعلوم ان هذا الموكب ضم الإمام علي بن الحسين زين العابدين(ع) وزينب(ع) ومجموعة كبيرة من النساء فيهنّ بنات وأحفاد رسول الله محمد (ص) ونساء من زوجات أولئك الشهداء الشجعان الأوفياء الذين قتلوا في كربلاء وجمع من الأطفال الأيتام، وهؤلاء جميعا يساقون كما يساق الأسارى من بلد الى بلد مكبلين بالسلاسل والقيود، والسياط تلهب ظهورهم وصدورهم، وكلمات السب والشتم تنهال عليهم، اضافة الى اظهار الشماتة والإهانة والإذلال لهم، وكان مع الموكب أيضاً رأس أبي عبدالله الحسين (ع) ورأس أبي الفضل العباس(ع) ورؤوس الشهداء من أهل البيت وبني هاشم وصحابة الحسين الذين بَقُوا وَوَفُوا وقَضَوا وَمَضَوا مع الحسين (ع) شهداء أعزاء.
ومن المعروف تاريخيا ان هذا الموكب انتقل من كربلاء إلى الكوفة ومن الكوفة إلى الشام عبر الأراضي اللبنانية حيث عبر هذا الموكب عبر القاع واللبوة ومقنة وصولاً إلى مدينة بعلبك، ومن بعلبك إلى دمشق التي كانت في ذلك الحين عاصمة الدولة الاموية وفيها يزيد بن معاوية، ثم عاد الى المدينة ومر في طريق العودة على كربلاء لزيارة الامام الحسين(ع) حيث وصلها في العشرين من صفر .
هذا الموكب أرادت له السلطة الاموية أن يقطع كلّ هذه المسافات الطويلة ويعبر كل هذه البلدان، بهدف: اظهار قدرتها على قمع اي تحرك ضدها، وإبراز الشماتة بأهل بيت النبي، والثأر من محمد وآل محمد الذين انتصروا على أبي سفيان وآل ابي سفيان ومن كان معهم في بدر وفي غيرها، وإذلال آل رسول الله (ص)، وإحباط هذه الأمّة، وترهيب وتهديد وقمع كل من يفكر بالتمرد على سلطة بني امية والوقوف بوجه الطاغية يزيد بن معاوية، والقول لكل من يفكر بذلك بانه سيلقى نفس المصير، ولذلك أريد للموكب أن يجول في العراق وفي بلاد الشام حتى لا يفكر احد بالثورة والانتفاضة على الحكم الاموي في هذه المناطق الهامة من الخلافة الاسلامية آنذاك.
ولكن السلطة الظالمة والقاتلة أرادت شيئاً وأراد الله شيئا آخر، فالله الذي يرعى هذه المسيرة يرعى دينه ويكفل أنبياءه ويدافع عن أوليائه ويحفظ رسالته قلب السحر على الساحر ورد مكر يزيد الى نحره: "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين".
فهذا الموكب، موكب السبايا الذي أريد له أن يحقق تلك الأهداف.. أتى بنتائج معاكسة لما كان يريده يزيد، فقد شكل موكب السبايا بادارة الامام زين العابدين وعمته زينب (عليهما السلام) أكبر فضيحة للسلطة الاموية، وكشف زيفها وجرائمها بعدما عرف الناس حقيقة ما جرى في كربلاء وهوية هؤلاء الذين يساقون كالاسارى، وانهم ال بيت النبي، فكان موكب السبايا الجزء المكمل الذي يحقق أهداف شهادة الحسين وصرخة الحسين يوم العاشر من محرم في كربلاء.
ولو أن يزيداً وعبيد الله ابن زياد حملوا الإمام زين العابدين وزينب والنساء والأيتام والرؤوس وذهبوا بهم سرّاً إلى المدينة وتركوهم في المدينة ومنعوهم من الخروج منها؛ لما كان وصل صوت الحسين ورسالة الحسين ومظلومية الحسين(ع) وكل هذه القيم والمفاهيم والوقائع والعظمة والمبادئ التي كرّستها كربلاء الى الأمّة والى الاجيال المتتالية التي جاءت بعد عاشوراء.
صحيح كان هناك معاناة وآلام وأحزان للامام زين العابدين والنساء والسبايا، ولكن هذا طريق الله وطريق التحدي والتضحيات وبذل الدماء، وطريق الانبياء والأولياء على مر التاريخز هؤلاء تحملوا الصعاب والمشاق وأذيوا، وضحوا بكل ما يملكون في سبيل الحفاظ على دين الله والقيم والمبادىء الالهية.
ولذلك فان موكب السبايا حقق الكثير من الأهداف والانجازات:
اولا: خلد قضية الحسين في وجدان وضمير الأمة، وجعل هذه القضية بكل ما تحمل من مفاهيم وقيم تصل الى عقول وقلوب الاجيال على مر التاريخ، ودفع باتجاه استحضار وقائعها ودلالاتها وقيمها في كثير من المناسبات وعلى مدار الاعوام.
ثانيا: كشف كذب وتضليل ونفاق إعلام السلطة الأموية: التي كانت تضلل الناس وتشيع بان السبايا هم من الخوارج او من الديلم! حيث وقف الامام زين العابدين(ع) ووقفت زينب(ع) وسُكَيْنَة وفاطمة وبينوا للناس الحقيقة، ففي الشام خطب الامام زين العابدين(ع) في المسجد الكبير أمام يزيد ووجهاء الدولة وحشود الناس خطبة أبكى منها العيون وأوجل منها القلوب، بعدما بين فيها هوية هؤلاءالسبايا وأنهم ابناء وأحفاد رسول الله محمد بن عبدالله(ص)، وكذلك فعلت زينب التي خطبت خطبتها المشهورة في قصر زيد موبخة اياه بأشد العبارات ومبينة حجم الجريمة التي ارتكبها بحق الحسين وآل بيت رسول الله(ص)، وعندما عرف أهل دمشق الحقيقة غضبوا وحزنوا وثاروا حتى خاف يزيد من الفتنة.
وعلى طول الطريق من الكوفة إلى نصيبين إلى حلب إلى حمص إلى بعلبك وصولا الى دمشق كانوا يخطبون ويتحدثون يوضحون للناس حقيقة الذي جرى وهوية هؤلاء السبايا وانتسابهم وقربهم من رسول الله(ص)، واساسا نفس هذا المشهد المأساوي وهذه الرؤوس وهذه الأيتام وهذه النساء الثكالى وهذا الإمام المقيد بالسلاسل،عندما كان يقترب الناس منهم ويسألون: من أنتم ومن اي البلاد انتم، فيجابون: بأنهم بنات محمد نبي هذه الأمة، وأيتام محمد نبي هذه الأمة، كان هذا الواقع كافياً ليقلب الأمور رأساً على عقب، ويحدث تغييرا وتبديلا في نظر الناس، وكثير من المدن والقرى والبلدات التي استقبلت موكب السبايا بالأفراح قلبت أفراحها إلى أحزان، عندما علمت أن هؤلاء ليسوا خوارج ولا من الديلم وأن هؤلاء هم أحفاد محمد وأيتام محمد. اذن: موكب السبايا كشف كذب السلطة واظهر الحقائق التي كان يجهلها الناس.
ثالثا: كسر حاجز الخوف واستنهض الأمة: فموكب السبايا اضافة الى انه استطاع أن يبيّن حقيقة الأمور وما جرى في كربلاء على آل الرسول، استطاع أيضا أن يستنهض الأمة، أن يكسر حواجز الخوف، أن يحمل معه دم الحسين إلى كل ارض وبلد، وإلى كل قلب وعقل، وان يحمل معه شجاعة الثورة ومنطق القيام ورفض الذل والظلم. وهذا الموكب هو الذي حمل إلينا بعد مئات السنين وعلمنا شعار "هيهات منا الذلة"؛ الذي نردده ونواجه به كل الطواغيت الذين يريدون إذلالنا .
ولذلك نجد سرعان ما تحركت الثورات في العراق، في أكثر من بلد إسلامي، ضد الاموييين، وصولا الى ثورة بني العباس الذين رفعوا شعار يا لثارات الحسين في البداية، والتي اطاحت بملك بني أمية خلال سنوات قليلة .
كان مقدراً أن يحكم بنو امية مئات السنين، ولكن دماء كربلاء وصرخة السبايا من بلد إلى بلد أيقظت الأمة، وصنعت الثورات، وما كانت لتكون هذه الثورات لولا كربلاء والموكب التاريخي للسبايا.
استطاع هذا الموكب استنهاض الأمة كلها بمسلميها ومسيحييها، والتاريخ يذكر لنا كيف تعاطت الكنائس المسيحية في بلاد الشام مع موكب السبايا ومع رأس أبي عبد الله الحسين (ع) ومستوى التأثر الكبير والعظيم والحزن الذي أظهرته والتنديد الذي قالته في أكثر من مجلس حتى في مجلس يزيد نفسه؛ عندما وقف مسيحي في مجلس يزيد وقال ليزيد " أنا من نسل فلان من حواري السيد المسيح(ع) وبيني وبين أبي ـ يعني جده الأكبر الذي هو من الحواريين ـ مئات السنين، ومع ذلك ما زال الناس يتبركون بي. وهذا ابن بنت نبيكم وما زال عهدكم بنبيكم طرياً تقتلونه وتقطعون رأسه وتسبون نسائه"؟ فأخذ وقتل.
اليوم الملايين التي تحتشد في كربلاء لإحياء الاربعين والملايين التي تهتف باسم الحسين ودماء الحسين على امتداد العالم في هذه المناسبة والالاف التي ستحتشد غدا في بعلبك لاحياء هذه الذكرى انما خرجت وتخرج لتجديد العهد والبيعة للحسين والحق والعدل في مواجهة الباطل والظلم والظالمين والطغاة والمستكبرين وفي مقدمهم اميركا واسرائيل وحلفاؤهما الذين يحاولون اليوم ضرب شعوب هذه المنطقة واذلال الامة والهيمنة عليها وعلى مقدراتها وثرواتها ومواردها.
اليوم الاحتجاجات والاضرابات الشعبية العفوية التي يشهدها لبنان تعبر عن حجم الازمة المعيشية التي يعاني منها الناس ولطالما حذرنا ان السياسات الاقتصادية الخاطئة وفرض المزيد من الضرائب والاعباء على المواطنين سيؤدي الى انفجار شعبي، لان الناس لم تعد تحتمل المزيد من الرتدي المعيشي .
الناس اليوم تعبر عن أوجاعها وآلامها والظروف المعيشية الصعبة التي وصلت اليها ولا بد من الاستماع لصرخة الناس، لكن يجب الحفاظ على سلمية التحرك والاستقرار وعدم التعرض للاملاك العامة والخاصة
الازمة هي ازمة متراكمة لا يتحمل مسؤوليتها العهد الحالي ولا الحكومة الحالية وانما كل العهود السابقة والحكومات المتعاقبة والى الآن.
يجب التزام الدقة في تحميل المسؤوليات فلا يجوز تحميل العهد الحالي فساد و فشل 30 سنة ، كما لا يجوز تحميل حزب الله الذي رفض كل اشكال الضرائب على الفقراء والطبقة المتوسطة ورفع لواء محاربة الفساد مسؤولية اجراءات هو رفضها ولم يقبل بها وحاول المنع منها .
موقف حزب الله منذ البداية كان واضحا وقلنا بشكل واضح اننا نرفض المس بالحقوق ولا نقبل بفرض اي ضرائب جديدة على الطبقة الفقيرة والمتوسطة سواء داخل الموازنة او من خارج الموازنة وهذه سياسة ثابتة اعتمدها حزب الله داخل مجلس الوزراء وفي نقاش موازنة 2019 واليوم يعتمدها في نقاش 2020 وهذا موقف بات معروفا لدى الجميع وعبر ولا يزال يعبرعنه مسؤولونا ووزراؤنا ونوابنا في مختلف المناسبات .
وعلى هذا الاساس منعنا سابقا عند نقاش موازنة 2019 فرض رسوم على البنزين وفرض ضريبة 2% على السلع المستوردة وبالأمس رفضنا بشكل واضح فرض ضريبة على الواتساب، واليوم نقول اذا ارتم معالجة الازمة وتحسين مداخيل الدولة فالطريق الى ذلك ليس جيوب المواطنين والفقراء الطريق الصحيح هو ان نبداء بالاملاك البحرية والبنوك والامتيازات التي تحصل عليها الطبقة السياسية وووقف الهدر والفساد والبدء باصلاحات جذرية وممنهجة وسليمة، والاقلاع عن المنهجية السابقة التي ادخلت البلد في عنق الزجاجة واوصلته الى هذه الحالة.