خطبة الجمعة 20-9-2019 - مجالسة الصالحين
الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 20-9-2019 : أميركا ليست قادرة على حماية حلفائها.
رأى نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: أن الاتهامات والتهديدات الامريكية لايران ولمحورالمقاومة لفرض الاستسلام والخضوع للارادة الامريكية هي بلا جدوى لان ايران ومحور المقاومة ثابت على مواقفه ولن يتراجع تحت الضغوط والعقوبات والتهويل.
وشدد: على ان ايران لن تسكت على اي عدوان عليها وسترد على اي اعتداء ولن يقتصر الرد على مصدر العدوان، وهو ما اكده المسؤولون الايرانيون، وقد تبلغ الطرف الامريكي ذلك رسميا عبر السفارة السويسرية في طهران .
واعتبر: ان أميركا ليست قادرة على حماية حلفائها، وقد كشفت الضربة التي وجهها اليمنيون لشركة ارامكوا في السعودية محدودية الحماية الامريكية لحلفائها وخاصة للسعوديين، بالرغم من كل الاموال التي دفعتها السعودية لأميركا لحمايتها، ولذلك على حكام السعودية ان يتأملوا فيما جرى وان يغيروا مواقفهم العدائية، وان يوقفوا عدوانهم على اليمن، ويذهبوا للحل السياسي في اليمن وللتفاهم مع ايران على امن المنطقة لان ذلك هو الطريق الصحيح لاستقرار المنطقة ، وكل الطرق الاخرى غير ذلك لن تجديهم نفعا بل سيغرقون اكثر في وحول اليمن وفي أزمات المنطقة.
نص الخطبة
الإنسان اجتماعي بطبعه، ولا بدَّ أنْ يُخالط الناس ويُجالسهم ويتعامل معهم وينخرط في حياة اجتماعية وعملية معهم،ولا يمكن للانسان ان يعيش بمفرده ويكون منعزلا عن محيطه والمجتمع الذي يعيش فيه، ولا شك ان الانسان يتأثر غالبا بمحيطه وبيئته واصحابه وجيرانه ومجتمعه ومن يعاشر ويخالط فيكتسب منهم ويأخذ عنهم ويتأثر بسلوكهم واخلاقهم واجوائهم،
ولذلك لا بد للانسان المؤمن الذي يريد ان يحافظ عل دينه واستقامته وصلاحه وصلاح اسرته وأولاده من ان يحسن:
اولا: اختيار المكان الذي يعيش فيه فان المكان الذي يسكن فيه الانسان لان المكان له تأثير مباشر على وضعية الانسان وسلوكه واخلاقه لان المناخ والاجواء والبيئة والمحيط وطبيعة الناس الساكنين في المنطقة لها تأثير مباشر على االانسان فاذا اختار المكان غير المناسب لسكناه، سيتأثر سلبا، اما اذا احسن الاختيار فانه سيتأثر ايجابا ولذلك على الانسان ان يختار المكان المناسب والمنطقة المناسبة بان يسكن في بيئة صالحة وان يكون لديه جيران صالحون.
وقد اعتبرت الروايات الواردة عن رسول الله (ص) وائمة اهل البيت(ع): أنّ الجار الصالح هو من موارد التوفيق الإلهيّ للإنسان ، فعن النبيّ الأكرم (ص): "من سعادة المسلم سعةُ المسكن، والجار الصالح، والمركب الهنيئ".
ولذلك دعا النبي(ص) إلى أن يدرس الانسان وضعية جيرانه عندما يختار المنزل الذي يريد أن يقيم فيه ، بان يسأل من هم جيرانه؟ وكيفهي طبيعة من يسكن في هذا المبنى او هذا الحي وغير ذلك، فقد ورد أنّ رجلاً أتى إلى رسول الله (ص) وقال: "يا رسول الله، إنّي أردت شراء دار، أين تأمرني اشتري، في جهينة، أم في مُزينة، أم في ثقيف، أم في قريش؟ فقال له رسول الله (ص): الجوار ثمّ الدار".
ومن هذا المنطلق ورد عن الإمام علي (ع): "سل عن الرفيق قبل الطريق، وعن الجار قبل الدار".
اليوم هناك الكثير من المشكلات التي يقع فيها الناس ناجمة عن عدم الانسجام بين الجيران، وفي كثير من الحالات اذا كان الجارمؤذيا فانه ينغص على جاره الحياة .
ورد عن الإمام الصادق (ع) أنّه أتى رسول الله (ص) رجلٌ من الأنصار فقال له: "إنّي اشتريت داراً من بني فلان، وإنّ أقرب جيراني منّي من لا أرجو خيره ولا آمن شره، فأمر رسول الله (ص) علياً وسلمان وأبا ذر...أن ينادوا في المسجد بأعلى أصواتهم بأنّه: لا إيمان لمن لم يأمن جاره بوائقه، فنادوا بها ثلاثاً". البوائق الدواهي.
ثانيا ان يحسن اختيار الصحبة لان الاصحاب يؤثرون في شخصية الانسان وتكوين طباعه وأخلاقه، فالصَّديق المؤمن العاقل يستطيع أن يهدي الإنسان إلى طريقالايمان والاستقامة و الفضيلة وأمّا الصَّديق الفاسق السَّيِّئ فقد يجرُّ صاحبه إلى طرق الضلال والانحراف والإثم، وبالتّالي سيدمِّر حاضره ومستقبله الدّنيويّ والأخرويّ، يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل"4. كما ان الأصدقاء، اذا كانوا من اهل الخير والصدق فانهم يكونون سنداً ومعينا للانسان يخفِّفون عنه المتاعب ويقفون الى جانبه في السَّرَّاء والضَّرَّاء.ويعينونه وينصحونه ويرشدونه لان الانسان قد يمر في حالة غفلة فيغفل عن مصلحته فاذا كان له صديق صالح نبهه وارشده.
قال أمير المؤمنين عليه السلام: "عليك بإخوان الصِّدق فأكثر من اكتسابهم، فإنَّهم عُدَّة عند الرَّخاء( اي عتاده وعونه) وجُنّة عند البلاء".
ولذلك على المؤمن ان يختار الصُحبة والرفقاء الطيبين الأخيار، وان يجالس هذا الصنف من الناس ويتواصل مع هذا الصنف من الناس. سواء كانت المجالسة وجها لوجه او عبر وسائل التواصل ن الدردشات الالكترونية التي تحصل عبر وسائل التواصل هي مجالس ايضا.
على الانسان ان يراقب مجالسه التي يجتمعُ فيها مباشرة مع الناسِ او عبر وسائل التواصل، مع من يجلس؟ في السهرات في المقاهي في النوادي في الرحلات في السفر ، مع من يتواصل عبر الفايس او الواتس؟ مع من يتكلم ويدردش؟ لا بد للانسان ان يحرص على أنْ لا تخرجَ مجالسه عن طاعةِ اللهِ إلى معصيتِه، ومن أهمِّ وسائلِ الوقايةِ أنْ ينظرَ إلى صفاتِ من يجتمعُ إليهم ويجلس ويتواصل معهم، فإذا أحسنَ الاختيارَ أمِنَ من الضررِ.
من اراد الصلاح والاستقامة لنفسه عليه مجالسة الصالحين والأخيار من المؤمنين والمجاهدين والعلماء والتواصل مع هذه الشرائح من الناس.
وردَ عن رسولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله): قالَ الحواريونَ لعيسى (عليه السلام): «يا روحَ اللهِ فمَنْ نُجالسُ إذاً؟ قالَ: مَنْ يُذكِّرُكم اللهَ رؤيتُه، ويزيدُ في علمِكم منطقُه، ويُرغِّبُكم في الآخرةِ عملُه».
ووردَ عن الإمامِ زينِ العابدينَ (عليه السلام): «مجالسُ الصالحينَ داعيةٌ إلى الصلاحِ».
وهذه المجالسُ التي يُحبُّها اللهُ عزَّ وجلَّ هي التي تنقلُ الإنسانُ من حالٍ إلى حالٍ، وترتقي به في سُلَّمِ الكمالِ وقد وردَ عن النبيِّ (صلى الله عليه وآله): «لا تجلسوا إلّا عند كلِّ عالِمٍ يدعوكم من خمسٍ إلى خمسٍ: مِنَ الشكِّ إلى اليقينِ، ومن الرياءِ إلى الإخلاصِ، ومن الرغبةِ إلى الرهبةِ، ومن الكِبْرِ إلى التواضعِ، ومن الغِشِّ إلى النصيحةِ».
اما المجالس التي ينبغي الابتعاد عنها فهي مجالسة أهلُ الهوى فان مجالستهم تصرف المؤمنِ عن إيمانِه ، فينسى أنّه من المؤمنينَ لانهم يجعلونَ مجلسَهم محضراً من محاضرِ الشيطانِ، كما قال أميرُ المؤمنينَ (عليه السلام) من ذلك بقوله: «مُجَالَسَةُ أَهْلِ الْهَوَى مَنْسَاةٌ لِلإِيمَانِ ومَحْضَرَةٌ لِلشَّيْطَانِ».
وإذا كان المؤمنُ منهيّاً عن الحضورِ في مواطنِ التهمةِ، فإنّ من مواطنِ التهمةِ الجلوسَ مع غيرِ الأخيارِ، وذلك لأنّه يُسيءُ إلى سمعةِ المؤمنِ، وقد وردَ عن أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام): «مُجالسةُ الأشرارِ تورثُ سوءَ الظنِّ بالأخيارِ، ومجالسةُ الأخيارِ تُلحقُ الأشرارَ بالأخيارِ، ومجالسةُ الفجّارِ للأبرارِ تُلحقُ الفجارَ بالأبرارِ».
بل الجليسُ يصبحُ علامةً يُعرف بها دين الإنسانُ، فإذا تردَّدَت في معرفة إنسانٍ انه متدين ام لا؟، فانظر من يجالس، فانك تَعرِفُه من خلالِ معرفتِك بمن يُجالسُه، وقد وردَ عن أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام): «مَنِ اشتبهَ عليكم أمرُه ولم تعرفوا دينَه فانظروا إلى خلطائِه فإنْ كانوا أهلَ دينِ اللهِ فهو على دينِ اللهِ، وإنْ لم يكونوا على دينِ اللهِ فلا حظَّ لهم في دينِ اللهِ، إنَّ رسولَ اللهِ (صلى الله عليه وآله) كان يقولُ: «من كان يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخرِ فلا يواخينَّ كافراً ولا يخالطنَّ فاجراً».
ويُعدِّدُ الإمامُ زينُ العابدينَ(عليه السلام) في دعاءِ أبي حمزةَ الثمالي أسبابَ ابتعادِ الإنسانِ عن اللهِ عزَّ وجلَّ ومنها مجالسةُ البطّالينَ، وهم الذين تكونُ مجالسُهم بلا هدفٍ ولا غايةٍ فيقول (عليه السلام) في الدعاء: أو لعلَّكَ فقدتني من مجالسِ العلماءِ فخذلتني، أو لعلَّكَ رأيتني في الغافلينَ فمِنْ رحمتِك آيستني، أو لعلَّكَ رأيتني آلفُ مجالسَ البطّالينَ فبيني وبينَهم خلّيتني.
كيف هي مجالسنا اليوم؟
إن نظرة واحدة على مجالسنا اليوم تبعث على الأسى لما آل إليه حالنا؛ حيث تنتشر الغيبة، والنميمة وافشاء اسرار الناس واللغو والباطل، وغير ذلك من المظاهر الفارغة.
أغلب مجالسنا ان لم يكن فيها معصية على الاقل ليس فيها طاعة او فائدة حيث معظمها تور فيها احاديث فارغة ، وكل شريحة تتحدث إذا اجتمعوا في همومها الدنيوية، فمجالس الموظفين يتحدثون بهمومهم وهكذا، ومجالس الطلاب، ومجالس التجار، ومجالس الأطباء، ومجالس النساء، وإذا ارتقت تكلموا فيما يعملونه بالنهار، وأما مجالس نسائنا فكثيرًا ما تكون مشغولة بالأزياء، والموضات، والأكلات، والحفلات، وحال الأسواق والمحلات!.
ولذلك مجالسنا ليست عامرة بذكر الله لا تُطرح فيها قضايا العلم والثقافة وهموم الامة لا تذكر فيها الآخرة؟!.
غالبا ما يتم فيها الحديث عن عيوب الناس ومهاترات، وجدال بلا فائدة، مجاملات، ومداهنات باطلة؟!.
بل قد لا تسلم من شيء من الانتقاص، أو الاستهزاء ببعض أمور الدين، وذلك أمرٌ خطيرُ جدًا.
أين تلك المجالس التي كان يجلس فيها المؤمنون، فيعمرونها بالعلم والإيمان وذكرالله؟! (مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي مَجْلِسٍ فَتَفَرَّقُوا، وَلَمْ يَذْكُرُوا اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ-، وَيُصَلُّوا عَلَى النَّبِيِّ -صَ- إِلا كَانَ مَجْلِسُهُمْ تِرَةً(اي حسرة) عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. ومَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ عَلَى ذِكْرٍ فَتَفَرَّقُوا عَنْهُ إِلاَّ قِيلَ لَهُمْ: قُومُوا مَغْفُوراً لَكُمْ).
والذكرٌ، هو التباحث في القران والاحاديث الشريفة، والفقه والاحكام الشرعية والحلال والحرام، وأمور الآخرة ، وهكذا، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحديث في كيفية تقويم المجتمع واصلاحه والمحافظة على الأسرة ، وكيفية تربية النفس وتربية الأولاد، والحديث عن هموم المسلمين وقضاياهم والمسؤوليات المترتبة علينا تجاه ما تواجهه الامة من تحديات ومخاطر واستهدافات ، وما تقوم به اميركا وحلفائها ضد شعوب ودول المنطقة وكيفية مواجهة هذه التحديات.
اليوم كل الاتهامات والتهديدات الامريكية لايران ولمحورالمقاومة لفرض الاستسلام والخضوع للارادة الامريكية هي بلا جدوى لان ايران ومحور المقاومة ثابت على مواقفه ولن يتراجع تحت الضغوط والعقوبات والتهويل، وايران لن تسكت على اي عدوان عليها وسترد على اي اعتداء عليها ولن يقتصرالرد الايراني على مصدر العدوان، وقد تبلغ الطرف الامريكي ذلك رسميا عبر السفارة السويسرية في طهران وأميركا ليست قادرة على حماية حلفائها وقد كشفت الضربة التي وجهها اليمنيون لشركة ارامكوا في السعودية محدودية الحماية الامريكية لحلفائها وخاصة السعوديين بالرغم من كل الاموال التي دفعتها السعودية ولذلك على حكام السعودية ان يتاملوا فيما جرى وان يغيروا مواقفهم وان يوقفوا عدوانهم على اليمن ويذهبوا للحل السياسي وللتفاهم مع ايران على امن واستقرارالمنطقة وكل الطرق الاخرى غير ذلك لن تجديهم نفعا بل سيغرقون اكثر في وحول اليمن وفي ازمات المنطقة.