الاحسان نبلٌ إنساني
خلاصة الخطبة
اعتبر نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة : أن العدوان الأمريكي الإسرائيلي السعودي على الشعوب المظلومة في المنطقة مستمر بوتيرة متصاعدة من غزة الى اليمن، فاسرائيل تواصل عدوانها على الشعب الفلسطيني وتستمر في ممارسة إرهابها واعتداءاتها على غزة المحاصرة من دون ان تتمكن من كسر ارادة هذا الشعب او ثنيه عن الإستمرار في مقاومته الشجاعة بكل أشكالها في مواجهة الإحتلال والإرهاب الصهيوني.
ورأى: أن اسرائيل مهما تمادت في اعتداءاتها على غزة وعلى الشعب الفلسطيني فلن تستطيع إخضاع هذا الشعب او فرض ما يسمى بصفقة القرن عليه او فرض تغيير معادلة الردع التي أرستها المقاومة في مواجهة الإحتلال، فالمقاومة بكل فصائلها لن تسكت على العدوان الإسرائيلي المتكرر وهي مصممة على الرد على أي عدوان يطال غزة.
وأشار: الى أن العدوان الأمريكي السعودي على اليمن فشل مجددا في تحقيق انجازات بالرغم من وحشية العدوان والتصعيد الأخير على الساحل الغربي وعلى الحديدة، فالهجوم على الحديدة التي تصدرت قيادته الإمارات العربية المتحدة بدعم من التحالف وبمساندة من الغرب فشل في تحقيق أي من أهدافه بفعل صمود الشعب اليمني وبسالته في التصدي لهذا العدوان.
مشددا: أن على السعودية وشركائها في العدوان أن ييأسوا من فرض الإستسلام على الشعب اليمني ومن تحقيق انتصارات عليه بعدما جربوا بأسه واختبروا صبره وثباته واصطدموا بإرادته وعزمه وفشلوا خلال كل مراحل العدوان المستمر على اليمن.
نص الخطبة
يقول الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).
لقد امر الله بالإحسان في هذه الآية وفي غيرها من الآيات، وعبر عن حبه ورعايته ودعمه وقوفه الى جانب المحسنين في أكثر من آية.
فقال تعالى: (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
وقال سبحانه في آية اخرى: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ)
والإحسانُ بمفهومه العام يعني الإنعامَ على الغير وصنع الخير والمعروف للآخرين، ومُعاملةُ الناس بالحُسنى في الأقوال والأفعال والتصرفات والممارسة العملية. وهو يكشف عن نبل انساني بل هو قمة النبل والسمو الإنساني والأخلاقي والإجتماعي.
وعندما ندقق في الايات سنجد ان الله سبحانه أمر بالإحسان بكل صُوره وأشكاله، وفي جميع الحالات والمجالات، وفي كافَّة التصرُّفات والممارسات ومع جميع الناس والشرائح والفئات الاجتماعية ولم يأمر بالإحسان لشريحة دون أخرى او لجماعة دون اخرى وإنما أمر بالإحسان للجميع.
وحينما نبحث في مجالات الإحسان وأشكاله سنجد ان للإحسان كخلق إنساني صورا ومجالات متعددة، وكلها مطلوبة، منها:
1- الإحسان في الكلام: بأن لا يقول الإنسان إلا الكلمة الحسنة و الطيّبة عندما يتحدث مع الناس، وهذا ما أمر الله به بقوله تعالى: (وَقُلْ لِعبادِي يَقولوا التي هِيَ أحسنُ إنّ الشيْطانَ يَنزَغُ بَيْنَهمْ إنّ الشيْطانَ كانَ لِلإنسانِ عَدُوّاً مُبيناً) الإسراء .
2-الإحسان بالانفاق المالي والمادي: وذلك بان ينفق الانسان مما يمتلكه من أشياء ينتفع الآخرون بها كالانفاق من امواله او الانفاق من اشيائه المادية فيعطي حاجة معينة دراجة سيارة غسالة أو اي شيء ينتفع به أو يدفع ضرراً وبأساً.واحيانا يكون الإحسان في تسهيل المعاملات التجاريّة، بان يمهل البائع المشتري مثلا في الدفع او يصبر على الدين.
3-الإحسان في المجال المهني والعلمي والمعرفي: بان يبذل الانسان علمه لينفع به الآخرين وبعطي من طاقاته وخبراته وما يمتهنه من أعمال ووظائف كالتعليم، والطب، والهندسة، والتجارة، والزراعة ... الخ . ويعطي من خدماته ويعطي من جهده فيما يستطيعه، وإن كلفه ذلك التعب والمشقة، ويبذل من أجل خدمة مجتمعه وأفراده مما يحتاجون إليه في جانب عمله ومهنته وغيره من الجوانب.
4- الإحسان في جانب النصح والإرشاد: فلا يبخل الإنسان بنصيحة على أخيه او بتوجيه يساهم في اصلاح شأنه واحواله، سواء في أمور الدين أو الدنيا. وقد ارتقى مفهوم النصيحة عند رسول الله صلى الله عليه واله وسلم حتى كان مساوياً للدين كله ولذلك عرف النبي صلى الله عليه واله وسلم الدين بأنه النصيحة فقال(ص) فيما روي عنه: «الدين النصيحة» وعلى هذا فينبغي ان يبادر الانسان الى إبداء النصيحة للمؤمنين حتى وإن لم يأخذوا بها.
5- من وجوه الإحسان أيضا أن يبذل المحسن للمسلمين من نفسه، بأن يعطي من جاهه ومكانته ويعطى من عطفه ووقته وراحته، وان يواجه الناس بطلاقة وجهه وبالكلمة الطيبة، وان يدعو للآخرين بل يؤثر الآخرين بدعائه وهكذا إلى غير ذلك من صور العطاء من النفس.
6- الإحسان بالتضحية بالنفس وبالروح: فقد يسمو الإحسان بالإنسان حتى يصل إلى مستوى تضحية الإنسان بذاته في سبيل الله والوطن والمستضعفين في الارض: فالمجاهد المقاتل في سبيل الله يجود بحياته لإعلاء كلمة الله وطلبا لمرضاته، ومن يجازف بحياته لأجل الدفاع عن أهله وعرضه ووطنه هو من أبرز المحسنين، واحسانه يعم الجميع.. هكذا هم الشهداء.
وارقى اشكال الإحسان هو الإحسان الذي يكون في مقابل الإساءة وهذا يحتاج الى توفيق خاص.
يقول الإمام زين العابدين علي بن الحسين (عليه السلام) في دعاء (مكارم الأخلاق): "اللهم صلّ على محمد وآله وسددني لأن أعارض من غشني بالنصح وأجزي من هجرني بالبر وأثيب من حرمني بالبذل وأكافي من قطعني بالصلة وأخالف من إغتابني الى حسن الذكر وأن أشكر الحسنة وأغضي عن السيئة، يا أرحم الراحمين".
فأشرف مكارم الأخلاق على الإطلاق وأقرب الأفعال الى مرضاة الله عزوجل هو مقابلة الإساءة بالإحسان والإنعام، وهذا ما صرحت به كثيرٌ من الأحاديث الشريفة.
فمثلاً روى ثقة الإسلام الكليني في كتاب الكافي بسند صحيح عن الإمام جعفرالصادق(عليه السلام) قال:قال رسول الله( صلى الله عليه وآله): ألا أخبركم بخير خلائق الدنيا والآخرة، العفو عمن ظلمك وتصل من قطعك والإحسان الى من أساء إليك وإعطاء من حرمك".
وفي الكافي أيضاً بسندٍ صحيح عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت علي بن الحسين زين العابدين صلوات الله عليه، يقول: "إذا كان يوم القيامة، جمع الله تبارك وتعالى الأولين والآخرين في صعيدٍ واحدٍ، ثم ينادي مناد:أين أهل الفضل؟ فيقوم عنقٌ من الناس، فتتلقاهم الملائكة فيقولون: وما كان فضلكم؟ فيقولون: كنا نصل من قطعنا ونعطي من حرمنا ونعفو عمن ظلمنا، فيقال لهم: صدقتم ادخلوا الجنة".
مبادلة الإساءة بالإحسان وكذلك الاحسان للآخرين بكل أشكاله مطلوب من الجميع للجميع، لكل الناس وليس لشريحة خاصة، فالله يريدنا ان تكون هذه الصفة جزءاً من شخصيتنا وحياتنا وطريقتنا في التعامل مع الآخرين كل الآخرين حتى مع أبعد الناس عنا وحتى مع من تختلف معه في الدين والعقيدة ولم يكن من أهل ملتنا، فالناس( كما يقول أمير المؤمنين(ع)) صنفان اما أخ لك في الدين او نظير لك في الخلق، والله تعالى يقول: لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ .
لكن في الوقت الذي يريدنا الله ان نتعامل مع كل الناس بالإحسان والمعروف والبر وان يكون هذا الاسلوب جزءا من حياتنا خص بعض الشرائح الانسانية والاجتماعية بتأكيد أكبر وركز على ضرورة الإحسان الى الوالدين مثلا والى الأرحام والى الجيران والى الزملاء والى مثل هذه الشرائح التي تقع في الدائرة الأقرب للانسان ويندمج الانسان معها اكثر من غيرها في حياة يومية وفي حياة اجتماعية وتكون اولى من غيرها بالإحسان واسداء المعروف ومعاملتها بالخير والبر. وهذا ما سنتحدث عنه في الاسبوع القادم ان شاء الله.
اليوم العدوان الأمريكي الإسرائيلي السعودي على الشعوب المظلومة في المنطقة مستمر بوتيرة متصاعدة من غزة الى اليمن.
فاسرائيل تواصل عدوانها على الشعب الفلسطيني وتستمر في ممارسة إرهابها واعتداءاتها على غزة المحاصرة من دون ان تتمكن من كسر ارادة هذا الشعب او ثنيه عن عن الإستمرار في مقاومته الشجاعة بكل أشكالها في مواجهة الإحتلال والإرهاب الصهيوني.
ومهما تمادت اسرائيل في اعتداءاتها على غزة وعلى الشعب الفلسطيني فلن تستطيع إخضاع هذا الشعب او فرض ما يسمى بصفقة القرن عليه او فرض تغيير معادلة الردع التي أرستها المقاومة في مواجهة الإحتلال فالمقاومة بكل فصائلها لن تسكت على العدوان الإسرائيلي المتكرر وهي مصممة على الرد على أي عدوان يطال غزة.
أما العدوان الأمريكي السعودي على اليمن فقد فشل مجددا في تحقيق انجازات بالرغم من وحشية العدوان والتصعيد الأخير على الساحل الغربي وعلى الحديدة فقد فشل الهجوم التي تصدرت قيادته الإمارات العربية المتحدة بدعم من التحالف وبمساندة من الغرب في تحقيق أي من أهدافه بفعل صمود الشعب اليمني وبسالته في التصدي لهذا العدوان وعلى السعودية وشركائها في العدوان أن ييأسوا من فرض الإستسلام على الشعب اليمني الباسل ومن تحقيق انتصارات عليه بعدما جربوا بأسه واختبروا صبره وثباته واصطدموا بإرادته وعزمه وفشلوا خلال كل مراحل العدوان المستمر على اليمن.
والحمد لله رب العالمين