2018

التفقه واجتناب الشبهات

التفقه واجتناب الشبهات

خلاصة الخطبة

رأى نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: أننا أصبحنا على مقربة من تشكيل الحكومة بعد مبادرة رئيس الجمهورية للحل واعتراف الرئيس المكلف بحق السنة المستقلين في التوزير، ومن المتوقع أن يتم الاعلان عن الحكومة قريبا. 

وقال: أمام الهموم الكبيرة التي يعيشها الناس لا سيما على الصعيدين المعيشي والاقتصادي وأمام التحديات المتعددة التي تواجه لبنان، يصبح تشكيل الحكومة أمرا مهما ولكن ما هو أهم هو ان تكون الحكومة حكومة متجانسة ومنتجة وتعمل بكل جدية ومسؤولية على النهوض بالبلد على مختلف الصعد. 

وأمل الشيخ دعموش: ان تنطلق ورشة صياغة البيان الوزاري بالسرعة المطلوبة وأن لا يضيع احد وقتا في نقاش ما اصبح من الثوابت .

معتبرا: ان الحكومة التي ستتشكل ينتظرها عمل كثير ولا مجال لتضييع المزيد من الوقت، ولذلك المطلوب انجاز البيان الوزاري سريعا والتوجه نحو العمل ، والمطلوب من الحكومة أن تبذل جهودا مضاعفة فتعمل بفاعلية أكبر للتعويض عن الفترة الماضية وتحقيق انجازات على الصعد المختلفة،من أجل اعادة كسب ثقة اللبنانيين الذين شعروا في الفترة الأخيرة بأن همومهم في مكان وهموم المسؤولين في مكان آخر.

وشدد: على أن المطلوب اداء حكومي مسؤول لان استمرار الآداء الحكومي بعدتشكيل الحكومة​ الجديدة على ما هو عليه، سيعرّض الوضع الاقتصادي لمزيد من التدهور، "وبالتالي تكمن أهمية الحكومة الجديدة في آدائها كما تكمن في تركيبتها.

لافتا: الى ان الأولوية في الحكومة الجديدة وفي المرحلة المقبلة يجب أن تكون لاصلاح الوضع الاقتصادي ومكافحة الفساد والهدر ومعالجة المشكلات الحياتية للمواطنيين كحل مشكلة الكهرباء والمياه والنفايات ودعم القطاعات الاقتصاديّة المنتجة لا سيما قطاعاتالزراعة​ و​الصناعة،اضافة الى العديد من الملفّات السياسيّة والأمنية والأساسيّة الأخرى سواء المرتبطة بالنازحين او وباستخراج النفط والغاز او بالعلاقة مع سوريا او بالتصدي للخروقات الاسرائيلية المتكررة وللعقوبات الأميركية على لبنان ، واذا لم تتمكن الحكومة من انطلاقة قوية وايجابية في هذه الملفات وغيرها فقد نشهد وضعاً أكثر سوءاً من الوضع الذي نحن فيه.

نص الخطبة

عن أبي عبد الله عليه السلام قال:  "تفقّهوا في دين الله، ولا تكونوا أعراباً، فإنّ من لم يتفقّه في دين الله لم ينظر الله إليه يوم القيامة، ولم يزكِّ عمله".

التفقه هوالتعرف والتعلم والتفهم او بذل الجهد لتفهم أمور الدين، والمقصود بالدين هو الاسلام بكل أبعاده العقائدية والعملية والأخلاقية.

فعندما يحثنا الاسلام على التفقه بالدين فان المقصود هو أن نبذل جهداً ونعطي وقتاً لتعلم وتفهم جميع المعارف الدينية، من أصول وفروع وأحكام وتشريعات وأخلاق، وليس خصوص الاحكام الشرعية والحلال والحرام .

وهدف الاسلام من التشديد على التفقه في الدين، هو خلق أمة متفقهة بالأحكام الشرعية العملية والمعارف الاسلامية، أمة تعي عقائد دينها وأحكام دينها ومفاهيم دينها وأخلاق دينها، لأن التفقه في الدين يجعل لدى الانسان المؤمن خلفية دينية ينطلق منها ويستند اليها في كل أعماله وتصرفاته وسلوكه ومواقفه، ويصبح الانسان محكوماً لمفاهيم الدين واحكامه وتشريعاته، اما اذا لم يتفقه في الدين فانه يصبح محكوماً للأهواء والمزاج والأعراف والتقاليد والعادات السائدة في المجتمع، ويصبح خاضعا  للمصالح والاستحسانات التي لا تستند الى ثقافة اصيلة، بل انّ ترك التفقه في الدين يجعل الانسان جاهليّاً بل من جفاة الجاهلية، فقد ورد عن علي (عليه السلام): " ليتأسَّ صغيركم بكبيركم، وليرأف كبيركم بصغيركم، ولا تكونوا كجفاة الجاهلية: لا في الدين يتفقّهون، ولا عن الله يعقلون".

وهذاالمعنى هو ما اشار اليه الحديث الذي ذكرته في بداية الخطبة عن الامام الصادق (عليه السلام) قال: (تفقّهوا في دين الله، ولا تكونوا أعراباً) اي جاهليين لا فهم لديكم للمبادىء والقيم والاخلاق والأحكام الالهية.

إذن: المطلوب أن يتفقه الانسان في دينه ليفهم دينه واحكام دينه وأخلاق دينه وما يدعو اليه الدين من قيم وسلوك وعمل.

 واعتبر الاسلام، نظراً لأهمية التفقه، اعتبر التفقه أفضل العبادات، كما في الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله):  "ما عُبد الله تعالى بشيء أفضل من الفقه في الدين"لأن  التفقه هو مقدمة لصحة كل العبادات التي يتقرب الانسان بها الى الله، فكل عمل يتقرب الانسان به الى الله له فقهه الخاصّ وأحكامه الخاصّة، فاذا لم يعرف هذه الاحكام وجاء العمل على خلاف احكام الله لم يصح منه ذلك العمل، ولذلك ورد عن الإمام عليّ (عليه السلام) : لا خير في عبادة ليس فيها تفقّه..لأنها قد تكون على غير الصورة التي يريدها الله.

 والتفقُّه هو شكل من أشكال الخير الذي يختص الله به الانسان، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام): "إذا أراد الله بعبدٍ خيراً، فقّهه في الدين، وألهمه اليقين".

وفي حديثٍ عن الإمام الكاظم (عليه السلام) يعدّد فيه فضائل التفقّه في الدين فيقول:  "تفقّهوا في دين الله فإنّ الفقه مفتاح البصيرة، وتمام العبادة، والسبب إلى المنازل الرفيعة والرُّتب الجليلة في الدين والدنيا، وفضل الفقيه على العابد كفضل الشمس على الكواكب،ومن لم يتفقّه في دينه لم يرضَ الله له عملاً".

والتفقُّه تمام الدين وكمال الدين، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام)"أيها الناس اعلموا أنّ كمال الدين طلب العلم والعمل به، وأنّ طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال".

وقد ورد في الأحاديث استحباب أن يخصص المسلم وقتاً للتفقّه ولتعلم مبادىء الدين واحكامه والحلال والحرام.

فعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "أفٍّ لكلّ مسلم لا يجعل في كلّ جمعة (أي أسبوع) يوماً يتفقّه فيه أمر دينه، ويسأل عن دينه".

فيسأل في العقيدة وفي مبادىء الدين في أصوله وفروعه وضروراته وقيمه والخصال التي دعا الى الالتزام بها، وكذلك إذا استعصت عليه مسألة ولم يعرف حكمها الشرعي  يبادر إلى السؤال عن حكمها ولا يرضى لنفسه الجهل وعدم المعرفة.

ولا ينبغي للانسان أن يسحي من السؤال ، حيث إن بعضالمتقدمين في السن مثلا يخجلون من سؤال من هو أصغر منهم ويقولون: كيف نسأل هذا وهو مثل أولادنا وبعض المتعلمين والدكاترة يخجلون من السؤل عن ما لا يعرفونه من امور دينهم خشية ان يستخف الناس بهم وبعلومهم! مع أنه ليس عيباً ان يسأل الانسان في مجالات لا يعرفها، فان الانسان مهما تعلم وتخصص وامتلك شهادات علمية واكاديمية لا يمكنه ان يحيط بكل العلوم والمعارف، فما المانع وما العيب في ان يسأل الانسان عن شيء ليس من اختصاصه ويجهله؟ كالطبيب او المهندس الدكتور في الفيزياء او او عندما يسأل عن أمور في الدين لا يعرفها؟.

اذن لا بد للانسان من ان يتفقه ويتلع ويسأل عما لا يعرف من أجلأن يتعرف ويصحح عقيدته وعباداته وأداءه ليكون أداءا ينسجم مع ما يريده الله من الانسان في الحياة.

وللتفقّه آثار ونتائج طيبة تنعكس على شخصية الانسان واعماله وسلوكه:

منها: الورع الذي يعني الامتناع عن الحرام، ففي الحديث: الورع شيمة الفقيه".ولذلك نجد المتفقه يخاف الله ويتورع عن ارتكاب المحرمات والمعاصي، بينما غير المتفقه غالبا ما يكون متهتكاً ولا يبالي فيما يقوم به إن كان حلالا او حراما..

 ومنها: حسن الخلق والحِلْم والوقار وعدم الكلام بما لا يعنيه، فعن الإمام الرضا (عليه السلام): "من علامات الفقه الحِلْم والعلم والصمت".

والغاية من التفقه ليس الحصول على مجرد المعرفة ولا الترف الثقافي او الفكري ولا لملىء الفراغ ، بل من أجل ان يستفيد المتفقه من هذه الثقافة العامة لتطبيق الاحكام بصورة افضل، فالله يريدنا ان نتعلم ونكتسب معارف الدين واحكام الدين من اجل العمل بها ومراعاتها في مختلف جوانب حياتنا في عباداتنا ومعاملاتنا في تجاراتنا ومواقفنا وعلاقاتنا .

عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "أيها الناس اعلموا أنّ كمال الدين طلب العلم والعمل به".
فالكمال هو فرع مقدّمتين أساسيتين:الأولى: طلب العلم، والثانية: العمل به.

وعن الامام الصادق (عليه السلام): "لا يقبل الله عملاً إلا بمعرفة، ولا يقبل المعرفة إلا بعمل، فمن عرف دلّته معرفته على العمل، ومن لم يعمل فلا معرفة له، إنّ الإيمان بعضه من بعض".
ولذلك المطلوب ان يتفقه الانسان وان يلتزم بالاحكام ويراعي الحلال والحرام، واذا لم يعرف ان يسأل، واذا اشتبه عليه حكم ان يحتاط وان لا يقدم على العمل طالما الأمر ملتبس عليه.

عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "إنّ من صرّحت له العِبَرُ عمّا بين يديه من المَثُلات، حجزته التّقوى عن تَقحُّم الشّبهات".

اي أنّ الإنسان العاقل إذا اعتبر بما وقع من الحوادث على الأمم الماضية في القرون السّالفة وعلم أنّ السّبب في ذلك كان العصيان والمخالفة لأوامر الله تعالى وارتكاب المحرمات والشبهات فلا شك سيكون هذا الاعتبار مانعاً له عن الدخول في الشّبهات فضلاً عن المحرّمات
واجتناب الشبهات من الورع فعن الامام (عليه السلام): "أورع النّاس من وقف عند الشّبهة...". 
يقول الإمام الخمينيّ (قدس سره): "للورع مراتب كثيرة: فورع العوام: الاجتناب عن الكبائر، وورع الخواصّ: الابتعاد عن الشبهات خشية الوقوع في المحرّمات.

وقد أشير إلى ورع الخواصّ في رواية عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يقول فيها:  "حلال بيّن و حرام بيّن وشبهات بين ذلك فمن ترك الشّبهات نجا من المحرّمات و من أخذ بالشّبهات ارتكب المحرّمات و هلك من حيث لا يعلم".

هناك أشخاص يملكون شخصية مزدوجة, فهم أتقياء ورعون محتاطون في أمور وغير مبالين في أمور أخرى.

ترى البعض يحتاط في وضوئه ويحتاط في صلاته ويحتاط قي الطهارة والنجاسة بل نجد البعض يصاب بالوسواس في وضوئه وفي الطهارة والنجاسة وعند أداء العبادة والصلاة الى الحد الذي يعيد وضوئه وصلاته مرة واثنين وثلاثة ولكنه في جانب اخر عندما يتاجر ويبيع ويشتري او عندما يدخل مطعما ليأكل او عندما يتكلم عن الناس لا يبالي ما اذا كانت تجارته تجارة حلال او حرام ولا يبالي ما غذغ كان حديثه عن الآخرين غيبة او بهتانا او نميمة او كذبا وافتراءا، ولا يسأل عندما تكون مصلحته في ان يحصل على مال او او جاه او موقع او منصب عن الوسيلة التي ستجني عليه المال او توصله الى ذلك المنصب أهي حلال او حرام، مناسبة او غير مناسبة؟.

هذا ازدواجية في الشخصية ، في العبادات يحتاط الى أبعد الحدود وفي المعاملات والتعاطي مع الناس لا يبالي في الشبهات بل يقتحمها ويرتكبها من اجل الحصول على المال والمصالح.

 الامام الخميني(رضوان الله عليه) يتحدث عن هذا النموذج من الناس فيقول قدس سره: "نجد الكثير من ذوي الوسوسة التي لا مبرّر لها والجهلة المتنسّكين، لا يحتاطون في مواضع يجب الاحتياط فيها أو يستحب. هل سمعت أحداً يعيش حالة الوسوسة في الشبهات المالية؟ مَن من [الوسواسيين] دفع الزكاة والخمس مرات عديدة؟ وذهب إلى الحجّ لأداء الواجب مرات متكرّرة؟ وأعرض عن الطعام المشتبه؟ لماذا كانت أصالة الحلّية في الأطعمة المشتبهة جارية وأصالة الطهارة في مشكوك النجاسة غير جارية؟...

لذلك الاحتياط في الموارد التي يشتبه فيها الانسان ولا يعرف الحكم فيها راجح إن لم يكن واجباً، فعلى الانسان ان يبتعد عن الطعام الذي يشتبه في حليته، وعن الكلام الي يشتبه في حرمته وفي كونه غيبة او بهتانا او كذبا او ما شاكل، وان يبتعد عن التجارة والمال الذي يشتبه في حرمته، وهكذا في كل موارد الشبهات التي تصادف الانسان في أي مجال من مجالات الحياة.

اليوم أصبحنا على مقربة من تشكيل الحكومة بعد مبادرة رئيس الجمهورية للحل واعتراف الرئيس المكلف بحق السنة المستقلين في التوزير، ومن المتوقع أن يتم الاعلان عن الحكومة قريبا. 

اليوم أمام الهموم الكبيرة التي يعيشها الناس لا سيما على الصعيدين المعيشي والاقتصادي وأمام التحديات المتعددة التي تواجه لبنان يصبح تشكيل الحكومة أمرا مهما ولكن ما هو أهم هو ان تكون الحكومة حكومة متجانسة ومنتجة وتعمل بكل جدية ومسؤولية على النهوض بالبلد على كافة الصعد. 

ونأمل ان تنطلق ورشة صياغة البيان الوزاري بالسرعة المطلوبة وأن لا يضيع احد وقتا في نقاش ما اصبح من الثوابت .

فالحكومة التي ستتشكل ينتظرها عمل كثير ولا مجال لتضييع المزيد من الوقت، ولذلك المطلوب انجاز البيان الوزاري سريعا والتوجه نحو العمل ، والمطلوب من الحكومة أن تبذل جهودا مضاعفة فتعمل بفاعلية أكبر للتعويض عن الفترة الماضية وتحقيق انجازات على الصعد المختلفة،من أجل اعادة كسب ثقة اللبنانيين الذين شعروا في الفترة الأخيرة بأن همومهم في مكان وهموم المسؤولين في مكان آخر.

المطلوب اداء حكومي مسؤول لان استمرار الآداء الحكومي بعد تشكيل الحكومة​ الجديدة على ما هو عليه، سيعرّض الوضع الاقتصادي لمزيد من التدهور، "وبالتالي تكمن أهمية الحكومة الجديدة في آدائها كما تكمن في تركيبتها.

الأولوية في الحكومة الجديدة وفي المرحلة المقبلة يجب أن تكون لاصلاح الوضع الاقتصادي ومكافحة الفساد والهدر ومعالجة المشكلات الحياتية للمواطنيين كحل مشكلة الكهرباء والمياه والنفايات ودعم القطاعات الاقتصاديّة المنتجة لا سيما قطاعاتالزراعة​ و​الصناعة،اضافة الى العديد من الملفّات السياسيّة والأمنية الأخرى سواء المرتبطة بالنازحين او وباستخراج النفط والغاز او بالعلاقة مع سوريا او بالتصدي للخروقات الاسرائيلية المتكررة وللعقوبات الأميركية على لبنان ، واذا لم تتمكن الحكومة من انطلاقة قوية وايجابية في هذه الملفات وغيرها فقد نشهد وضعاً أكثر سوءاً من الوضع الذي نحن فيه.

                                                                  والحمد لله رب العالمين

 

 

الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 13-9-2024: جبهات المساندة من لبنان إلى اليمن والعراق وسورية وإيران، لم تتخلَ ولن تتخلى عن مساندة ونصرة غزة، وكل محاولات إيقاف هذه الجبهات فشلت، وهي مستمرة طالما العدوان مستمر.

مواقيت الصلاة

الفجر

4:59

الشروق

6:15

الضهر

11:24

العصر

14:12

المغرب

16:51

العشاء

17:44

المواقيت بحسب توقيت مدينة بيروت