من مزايا الإمام العسكري (ع)
خلاصة الخطبة
رأى سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: أن الصبر والصمود والقدرة على تحمل الضغوط والمقاومة ومواجهة التحديات بالصبر والحكمة تجعل العدو يسلم ويخضع ويذعن لمنطق الحق .
وقال: ألم يخضع العدو الإسرائيلي لمنطق القوة والمقاومة في العام 2000م وينسحب من جزء عزيز وكبير من ارضنا التي كان يحتلها, بعدما رأى صبر أهلنا وصمودهم وقدرة المقاومة على المواجهة والتصدي لاحتلاله؟
ألم يخضع الإسرائيلي للمقاومة ويوقف عدوانه في العام 2006م بعدما رأى صبر أهلنا وصمودهم وقدرة المقاومة على مواجهة عدوانه؟
وأشار: الى أن أمريكا والغرب والاستكبار العالمي تراجع أمام ايران وأذعن لحقها في امتلاك الطاقة النووية السلمية, بعد سنوات من الضغوط والتهديدات والحصار والعقوبات والعداء, وبعد فشل كل هذه السياسات والإجراءات والمؤامرات التي استهدفت إيران.
واعتبر: أن مقاومة الشعب الإيراني للغرب, وصبره وثباته وصموده في مواجهة الضغوط والعقوبات, وحكمة قيادته، وجهود علمائه النوويين الذين تقدموا بهذه الصناعة المهمة الى مستويات متقدمة, اضطرت الغرب والاستكبار للتراجع والرضوخ لمنطق التفاهم والاتفاق المتكافئ, ورفع الحظر والعقوبات عن إيران, والتعامل معها على أنها دولة قوية لها مكانتها وموقعها في المعادلة الإقليمية والدولية.
وأكد: أن إيران اليوم تقدم لشعوب العالمين العربي والإسلامي النموذج في الصمود والثبات والصبر والمقاومة والاستعداد لبذل التضحيات من أجل الحفاظ على الاستقلال والسيادة والقوة, وتقدم أيضاً نموذج الدولة التي تمتلك القدرة والسيادة والتي تفاوض الدول الكبرى مجتمعة وتبرم معها اتفاقاً متكافئاً, وتنال اعترافاً بمكانتها وموقعها المميزين في المعادلة الدولية.
وختم بالقول: هذا النموذج يشكل نموذجاً فريداً للدول العربية الخاضعة والذليلة والمستسلمة بالكامل للإرادة الأمريكية.. هذه الدول التي بات لا وزن ولا قيمة لها لأنها دول تابعة وخاضعة وضعيفة أمام الدول الكبرى, والدول العربية بدل أن تناصب العداء لإيران كان الأجدر بها ان تستفيد وتحتذي وتقتدي بهذا النموذج لتكون دولاً قوية وعزيزة بدل ان تكون دولاً ذليلة وضعيفة أمام إرادة الإستكبار.. لكن من المستبعد أن يلتقط بعض العرب هذا النموذج المشرق ويقتدي به, لأن الحقد والحسد والكيد والفشل أعمى قلوبهم، فبدأوا يفضلون التحالف مع الصهاينة بدل الحوار مع إيران، وها هو نتنياهو يعلن بان بعض العرب حلفاؤنا ؟!.. نحن يئسنا من العرب ولم نعد نأمل أن يأخذ العرب بالنموذج الذي تمثله ايران والذي جعل منها دولة قوية ومقتدرة.. إلا أن هذا النموذج سيبقى نموذجاً يحتذى من قبل الأحرار والشرفاء أينما وجدوا في هذا العالم..
نص الخطبة
في أجواء ذكرى ولادة الإمام الحسن العسكري (ع) نرفع أسمى آيات التبريك والتهنئة للإمام الحجة القائم المنتظر (عج)، ولولي أمر المسلمين ولعموم المؤمنين والموالين والمسلمين.
ولد الإمام الحسن العسكري (ع) في الثامن من ربيع الثاني سنة 232 هـ في المدينة المنورة مهبط الوحي وموطن الملائكة ، وسمّي بالعسكري نسبة إلى محلّة ومنطقة تسمى بالعسكر في مدينة سامراء وهي المنطقة التي كان يسكن فيها الإمام الحسن(ع) هو ووالده الإمام علي الهادي (ع).
وقد أرشد الإمام الهادي إلى إمامة ولده الحسن (ع) بنصوص عديدة، منها: ما كتبه إلى أحد أصحابه "أبو محمد إبني، أصْبحُ آلِ محمد غريزةً، وأوثقهم حجة، وهو الأكبر من ولدي، وهو الخلف، وإليه ينتهي عُرى الإمامة وأحكامنا فما كنتَ سائلي عنه، فاسأله عنه، فعنده ما تحتاج إليه".
وقال أحد المتشرّفين بلقاء الإمام الحسن العسكري (ع) عن صفاته : "دخلت سرّ من رأى وأتيت إلى الحسن العسكري (ع)، فرأيته جالساً على بساطٍ أخضر، ونور جماله يغشى الأبصار فأمرني بالجلوس، فجلست وأنا لا أستطيع النظر إلى وجهه إجلالاً لهيبته".
ويذكر أحد الذين تشرّفوا بخدمته: "إذا نام سيدي أبو محمد العسكري، رأيت النور ساطعاً من رأسه إلى السماء".
أما عبادته: فقد عبّر أحد أصحاب الإمام عن عبادته قائلاً: "كان (ع) يجلس في المحراب ويسجد، فأنام وأنتبه وهو ساجد".
فكان يطيل السجود لأن السجود تعبير عن منتهى العبودية لله سبحانه.
ورغم العمر القصير الذي عاشه الإمام (ع) حيث لم يتجاوز عمره الشريف الثماني والعشرين سنة ، فقد حاز على مكانة اجتماعية عظيمة رغم التضييق الأمني الشديد الذي مارسته السلطة عليه، والذي يتمثّل بفرض الإقامة شبه الجبرية عليه وإجباره على الحضور يومين في الأسبوع إلى دار الخلافة, وقد وصف أحد المرافقين للإمام (ع) في سيره نحو دار الخلافة مشهد الناس الذي يعبِّر عن مكانة الإمام (ع) لديهم فكان يصف يوم خروج الإمام بحيث "يغضُّ الشارع... ولا يكون لأحد موضعٌ يمشي، ولا يدخل بينهم، وإذا جاء أستاذي (يعني الإمام "ع") سكتت الضجة،.. حتى يصير الطريق واسعاً، ثم يدخل وإذا أراد الخروج وصاح البوابون: هاتوا دابة أبي محمد، سكن صياح الناس، وصهيلُ الخيل، وتفرّقت الدواب حتى يركب ويمضي".
واستطاعت مكانة الإمام العسكري (ع) أن تخترق وجدان أعدائه الحاقدين، فقال عنه أحد الشخصيات البارزة في الحكم العباسي حينما ذُكِرَ أمامه أبناء أمير المؤمنين علي (ع)، فقال: "ما رأيت منهم مثل الحسن بن محمد ابن الرضا، دخل حاجبه على أبي ـ وكان وزيراً عند المعتمد العباسي ـ فقال: أبو محمد ابن الرضا بالباب، فزجرهم واستقبله، ثم أجلسه على مصلاه، وجعل يكلمه، ويفديه بنفسه، فلما قام شيَّعه، فسألت أبي عنه، فقال: يا بني، ذلك إمام الرافضة، ولو زالت الخلافة عن بني العباس ما استحقها أحدٌ من بني هاشم غيره؛ لفضله وعفافه وصومه وصلاته وصيانته وزهده وجميع أخلاقه... ولقد كنت أسأل عنه دائماً، فكانوا يعظِّمونه ويذكرون له كرامات، وقال: ما رأيت أنفع ظرفاً ـ أي أغزر علماً وأدباً ـ ولا أغضَّ طرفاً، ولا أعفَّ لساناً وكفاً من الحسن العسكري".
الإمام الحسن العسكري (ع) كآبائه الاطهار الميامين كان قمة في الاخلاق والسلوك الحسن, وقمة في التعامل الحكيم مع الآخرين.
لقد ضرب الإمام العسكري (ع) أروع الأمثلة في الأخلاق التي جسدت أخلاق جده رسول الله (ص) والتي أصبحت منهجاً التزم به أهل بيته (ع).
وقد برزت حكمته وعظمة اخلاقه في تعامله مع عموم من خالفه ومن نصب له العداء والبغضاء وحاربه أشد المحاربة حيث تمكن أن يؤثر بسلوكه واخلاقه على الكثير منهم حتى تحول بعض هؤلاء من أعداء إلى محبين وموالين .
فعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْعَلَوِيِّ، قَالَ: حُبِسَ أَبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ نَارْمَشَ «و هُوَ أَنْصَبُ النَّاسِ وَ أَشَدُّهُمْ عَلى آلِ أَبِي طَالِبٍ و قِيلَ لَهُ: افْعَلْ بِهِ و افْعَلْ , فَمَا أَقَامَ عِنْدَهُ إِلَّا يَوْماً حَتّى و ضَعَ خَدَّيْهِ لَهُ و كَانَ لَايَرْفَعُ بَصَرَهُ إِلَيْهِ إِجْلَالًا و إِعْظَاماً، فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ وَ هُوَ أَحْسَنُ النَّاسِ بَصِيرَةً، و أَحْسَنُهُمْ فِيهِ قَوْلًا.
فقد تحول هذا الرجل في يوم واحد من عدو الى محب بعدما رأى سلوك الامام(ع) وأخلاقه.
وعن عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْغَفَّارِ قَالَ: دَخَلَ الْعَبَّاسِيُّونَ عَلى صَالِحِ بْنِ و صِيفٍ، و دَخَلَ صَالِحُ بْنُ عَلِيٍّ و غَيْرُهُ- مِنَ الْمُنْحَرِفِينَ عَنْ هذِهِ النَّاحِيَةِ- عَلى صَالِحِ بْنِ و صِيفٍ عِنْدَ مَا حَبَسَ أَبَا مُحَمَّدٍ عليه السلام فَقَالَ لَهُمْ صَالِحٌ: و مَا أَصْنَعُ به وقَدْ و كَّلْتُ بِهِ رَجُلَيْنِ مِنْ أَشَرِّ مَنْ قَدَرْتُ عَلَيْهِ، فَقَدْ صَارَا مِنَ الْعِبَادَةِ و الصَّلَاةِ و الصِّيَامِ إِلى أَمْرٍ عَظِيمٍ، فَقُلْتُ لَهُمَا مَا فِيهِ، فَقَالَا: مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ يَصُومُ النَّهَارَ، و يَقُومُ اللَّيْلَ كُلَّهُ، لَايَتَكَلَّمُ و لَايَتَشَاغَلُ، و إِذَا نَظَرْنَا إِلَيْهِ ارْتَعَدَتْ فَرَائِصُنَا و يُدَاخِلُنَا مَا لَانَمْلِكُهُ مِنْ أَنْفُسِنَا؟ فَلَمَّا سَمِعُوا ذلِكَ انْصَرَفُوا خَائِبِينَ .
فهذان النصان يعطيانا صورة واضحة عن قدرة الإمام العسكري (ع) في التعامل مع من نصب له ولأهل بيته العداء, وقد تمكن أن يحولهم من العداء إلى المحبة والولاء .
ولم يكن ذلك التأثير من باب المعجز والخروج عن الحالات الاعتيادية بل إنها روحية الإسلام وأخلاقه التي حولت المجتمع الجاهلي إلى مجتمع مثالي وحضاري, وهي أخلاق أهل البيت(ع) التي اكتسبوها من القرآن الكريم حيث يقول تعالى: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾﴿وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ فصلت(34- 35)
الأخلاق والسلوك ومعاملة الناس بالحسنى أبلغ وأشد تأثيراً في الآخرين من كثير من الخطب والمواعظ والكلمات.
حتى العدو عندما تعامله بقيم الأخلاق والانسانية فانه يذعن لك ويرضخ ويسلم ويفقد كل مبررات العدوان.
وليست الأخلاق وحدها هي التي تجعل العدو يخضع, بل إن الصبر والصمود, والقدرة على تحمل الضغوط, والمقاومة, ومواجهة التحديات بالصبر والحكمة, تجعل العدو يسلم ويخضع ويذعن أيضاً لمنطق الحق .
ألم يخضع العدو الإسرائيلي لمنطق القوة والمقاومة في العام 2000م وينسحب من جزء عزيز وكبير من ارضنا التي كان يحتلها, بعدما رأى صبر أهلنا وصمودهم وقدرة المقاومة على المواجهة والتصدي لاحتلاله؟
ألم يخضع الإسرائيلي للمقاومة ويوقف عدوانه في العام 2006م بعدما رأى صبر أهلنا وصمودهم وقدرة المقاومة على مواجهة عدوانه؟
اليوم أمريكا والغرب والاستكبار العالمي تراجع أمام ايران وأذعن لحقها في امتلاك الطاقة النووية السلمية, بعد سنوات من الضغوط والتهديدات والحصار والعقوبات والعداء, وبعد فشل كل هذه السياسات والإجراءات والمؤامرات التي استهدفت إيران.
مقاومة الشعب الإيراني للغرب, وصبره وثباته وصموده في مواجهة الضغوط والعقوبات, وحكمة قيادته، وجهود علمائه النوويين الذين تقدموا بهذه الصناعة المهمة الى مستويات متقدمة, اضطرت الغرب والاستكبار للتراجع والرضوخ لمنطق التفاهم والاتفاق المتكافئ, ورفع الحظر والعقوبات عن إيران, والتعامل معها على أنها دولة قوية لها مكانتها وموقعها في المعادلة الإقليمية والدولية.
إيران اليوم تقدم لشعوب العالمين العربي والإسلامي النموذج في الصمود والثبات والصبر والمقاومة والاستعداد لبذل التضحيات من أجل الحفاظ على الاستقلال والسيادة والقوة, وتقدم أيضاً نموذج الدولة التي تمتلك القدرة والسيادة والتي تفاوض الدول الكبرى مجتمعة وتبرم معها اتفاقاً متكافئاً, وتنال اعترافاً بمكانتها وموقعها المميزين في المعادلة الدولية.
هذا النموذج يشكل نموذجاً فريداً للدول العربية الخاضعة والذليلة والمستسلمة بالكامل للإرادة الأمريكية.. هذه الدول التي بات لا وزن ولا قيمة لها لأنها دول تابعة وخاضعة وضعيفة أمام الدول الكبرى, والدول العربية بدل أن تناصب العداء لإيران كان الأجدر بها ان تستفيد وتحتذي وتقتدي بهذا النموذج لتكون دولاً قوية وعزيزة بدل ان تكون دولاً ذليلة وضعيفة أمام إرادة الإستكبار.. لكن من المستبعد أن يلتقط بعض العرب هذا النموذج المشرق ويقتدي به, لأن الحقد والحسد والكيد والفشل أعمى قلوبهم، فبدأوا يفضلون التحالف مع الصهاينة بدل الحوار مع إيران، وها هو نتنياهو يعلن بأن بعض العرب حلفاؤنا ؟!.. نحن يئسنا من العرب ولم نعد نأمل أن يأخذ العرب بالنموذج الذي تمثله ايران والذي جعل منها دولة قوية ومقتدرة.. إلا أن هذا النموذج سيبقى نموذجاً يحتذى من قبل الأحرار والشرفاء أينما وجدوا في هذا العالم..
والحمد لله رب العالمين