الدعاء وشروط الإجابة
الشيخ دعموش في خطبة الجمعة: يد الإجرام لن تستطيع كسر إرادة الضاحية وأهلها عن متابعة الطريق وتحمل المسؤوليات.
خلاصة الخطبة
لفت سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: الى أن الضاحية الجنوبية طالما كانت شاهداً على جرائم الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل, خصوصاً في العام 1985 حيث شهدت منطقة (بئر العبد) تفجيراً وحشياً عرف بتفجير بئر العبد, وفي العام 2006 في تموز وآب حيث شهدت هذه المنطقة أيضاً عدواناً إسرائيلياً تدميرياً كبيراً. وقال: لقد خرج أهلنا بعد كل عدوان وهم يعبرون عن صبرهم وصمودهم وثباتهم وإيمانهم بقضيتهم والتزامهم خيار المقاومة، وأن كل هذه الاعتداءات الوحشية لن تثنيهم عن متابعة الطريق ودعمهم اللامتناهي للمقاومة ونهجها وخيارها وقضيتها.
وأشار: الى أن الإنفجار الذي حصل في بئر العبد قبل أيام يأتي في نفس السياق العدواني الذي شهدته المنطقة في المرات السابقة, وهو يأتي في سياق الضغط على أهل الضاحية وإيذائهم وإلحاق الأضرار بهم.
واعتبر: أن العبوة لم تكن مجرد رسالة، بل هي جاءت لتقتل ولتصنع مجزرة بالناس الأبرياء, لكن الله سبحانه وتعالى حال دون ذلك بلطفه وعنايته وتدبيره ورأفته.
ورأى: أن الإسرائيلي والأميركي عجزا طيلة السنوات الماضية عن النيل من الضاحية وأهلها الأوفياء, وما عجز عن تحقيقه الأمريكي والإسرائيلي لن تستطيع أدواتهما وأدوات الفتنة أن يحققوه.
وقال: إذا كان أحد يريد بهذه الطريقة الدموية أن يضغط علينا من أجل أن يثنينا عن أهدافنا, أو يمنعنا من أن نكون حيث يجب أن نكون فهو واهم ومخطئ وجاهل,مؤكداً: أن يد الإجرام الآثمة لن تستطيع أن تكسر إرادة الضاحية وأهلها عن متابعة الطريق وتحمل المسؤليات.
نص الخطبة
يقول الله سبحانه وتعالى: [وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشُدُون]. البقرة/ 186.
هذه الآية هي واحدة من الآيات التي تتناول موضوع الدعاء باعتباره أحد الوسائل التي تعمق الارتباط والعلاقة مع الله سبحانه وتعالى.
وقد جاءت الآية في سياق الآيات التي تتحدث عن شهر رمضان وعن الصوم, ومجيئها في هذا السياق يشعر بأهمية الدعاء في شهر رمضان، ويعطي للدعاء مفهوماً جديداً وهو أن الدعاء عبادة كعبادة الصيام, بل روح العبادة ومخ العبادة وثمرة من ثمرات العبادة.
وقد ورد في سبب نزول هذه الآية: أن رجلاً سأل النبي (ص) عن الله عز وجل أهو قريب ليناجيه بصوت خفي أم بعيد ليناديه بصوت مرتفع؟ فنزلت الآية لتبين وبأسلوب مملوء بالرحمة والعطف: أن الله شديد العناية بالداعين له, والمقبلين عليه, والمتوجهين إليه، فهو قريب من الإنسان لأنه محيط به ومالك له, والمالك قريب من مملوكه, بل هو أقرب إلى عبده من كل شيء حتى من نفسه [ونحن أقرب إليه من حبل الوريد] ق/ 16.
والمقصود بالقرب هنا القرب المعنوي وليس القرب المكاني, أي أن الله قريب من عباده يسمع دعائهم, ويطلع على نياتهم وأسرار قلوبهم وخطرات نفوسهم, وهو يحيط بكل أمورهم وشؤونهم, وإذا كان كذلك فهو قادر على إجابة دعائهم وقضاء حاجاتهم الدنيوية والآخروية، ولذلك فما علينا إلا أن نتوجه إلى الله بالدعاء وأن نؤمن بوعده لنا بالإجابة. [فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون].
وبالرغم من أن الدعاء هو مما أكد عليه الإسلام بشدة, كما أكد القرآن أن قيمة العبد عند ربه إنما هي بدعائه ولجوئه وتوجهه إلى الله [قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم] بالرغم من ذلك.. إلا أن الجاهلين بحقيقة الدعاء وآثاره التربوية والنفسية والروحية والاجتماعية يطلقون أنواع التشكيك بشأن الدعاء فيقولون مثلاً: الدعاء عامل مخدر, لأنه يصرف الناس عن الفعالية والنشاط والحركة وعن تطوير الحياة, ويجعل الإنسان اتكالياً.. يكتفي بالدعاء أن يرزقه الله مثلاً وأن يحقق له أهدافه ورغباته من دون أن يتحرك نحو ذلك..
فالدعاء يدفع الإنسان إلى التوسل بالعوامل الغيبية لتحقيق حاجاته بدلاً من أن يتحرك هو بعمله وفعله ونشاطه ودوره لتحقيق حاجاته وأهدافه.. هكذا يقول الجاهلون, هؤلاء يجهلون بأن الإنسان بحاجة إلى الملجأ الذي يلوذ به في الشدائد وعند الحاجات والأزمات والمصائب.
الدعاء لا يعني ترك العلل والوسائل والأسباب الطبيعية والتخلي عنها واللجوء بدلها إلى الدعاء, بل المقصود أن نبذل كل جهدنا للاستفادة من الوسائل الطبيعية فإذ انسدت الأبواب أمامنا نلجأ إلى الدعاء, لأنه يحيي في نفوسنا روح الأمل, ونستمد من الله العون والتوفيق والتسديد.
وحتى تتحقق إجابة الدعاء من الله سبحانه فإن هناك عدة شروط لا بد للإنسان أن يحققها:
أولاً: أن يسعى الإنسان لتطهير قلبه وروحه من الذنوب والأخطاء, وأن يتوب من ذنوبه. فعن الصادق (ع): إياكم أن يسأل أحدكم ربه شيئاً من حوائج الدنيا والآخرة حتى يبدأ بالثناء على الله والمدحة له, والصلاة على النبي (ص), والاعتراف بالذنب، ثم المسألة.
ثانياً: أن يسعى لتطهير أمواله من كل غصب وظلم وعدوان, وأن لا يكون طعامه من حرام. فعن رسول الله (ص): من أحب أن يستجاب دعاؤه فليطب مطعمه ومكسبه.
ثالثاً: أن يسعى الإنسان لمواجهة كل أشكال الفساد والانحراف في داخل بيته وفي مجتمعه من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فعن النبي (ص): لتأمرون بالمعروف ولتنهن عن المنكر أو ليسلطن الله شراركم على خياركم, فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم. لأن ترك هذه الفريضة يؤدي إلى خلو الساحة من الصالحين وتركها للفاسدين والمفسدين فلا يعود هناك أي أثر للدعاء, لأن الوضع الفاسد نتيجة حتمية لأعمال الإنسان نفسه.
رابعاً: العمل بالمواثيق الإلهية, بالإيمان والعمل الصالح والصلاح والاستقامة, فإن كل هذه العناوين هي من شروط استجابة الدعاء، فمن لم يف بهذه الشروط لا يتوقع من الله الإجابة.
فقد سأل سائل أمير المؤمنين (ع) قائلاً: ما بالنا ندعو فلا يجاب دعاؤنا؟؟ فأجابه علي (ع): إن قلوبكم خانت بثمان خصال:
أولها: انكم عرفتم الله فلم تؤدوا حقه كما أوجب عليكم، فما أغنت عنكم معرفتكم شيئاً.
والثانية: انكم آمنتم برسوله ثم خالفتم سنته وأمتم شريعته, فأين ثمرة إيمانكم.
والثالثة: انكم قرأتم كتابه المنزل عليكم فلم تعملوا به وقلتم سمعنا وأطعنا ثم خالفتم.
والرابعة: انكم قلتم إنكم تخافون من النار وأنتم في كل وقت تقدمون إليها بمعاصيكم, فأين خوفكم؟
والخامسة: أنكم قلتم إنكم ترغبون في الجنة وأنتم في كل وقت تعملون ما يباعدكم عنها, فأين رغبتكم فيها؟
والسادسة: انكم أكلتم نعمة المولى ولم تشكروا عليها.
والسابعة: ان الله أمركم بعداوة الشيطان وقال: (إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً) فعاديتموه بلا تولٍ وواليتموه بلا مخالفة.
والثامنة: انكم جعلتم عيوب الناس نصب أعينكم وعيوبكم وراء ظهوركم, تلومون من أنتم أحق باللوم منه.
فأي دعاء يستجاب لكم مع هذا وقد سددتم أبوبه وطرقه.. فاتقوا الله وأصلحوا أعمالكم, وأخلصوا سرائركم, وأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر, فيستجيب الله لكم دعائكم.
قبل أيام (الثلاثاء 9 تموز) امتدت يد الإجرام إلى الضاحية الجنوبية، فوقع انفجار كبير في هذه المنطقة التي طالما كانت شاهداً على جرائم الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.
ففي العام 1985 شهدت هذه المنطقة (بئر العبد) بالذات تفجيراً وحشياً عرف بتفجير بئر العبد, أودى بعشرات الضحايا من النساء والأطفال والشيوخ والشباب الأبرياء.. وكان هذا التفجير عنواناً من عناوين الإرهاب الأمريكي والهمجية الأمريكية الوحشية.. لأن من قام بذلك التفجير الوحشي يومها هو المخابرات الأمريكية وأدواتها, بهدف ترهيب المقاومة وتخويف الحالة الإسلامية آنذاك, وضرب رموزها, وعزل المجاهدين حتى لا يكملوا مسيرتهم في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي والأطماع الصهيونية في لبنان, باعتبار أن الضاحية كانت ولا تزل الخزان الرئيسي للمقاومة في مواجهة إسرائيل وأطماعها ومشروعها السياسي في المنطقة.
وفي العام 2006 في تموز وآب وفي مثل هذه الأيام, شهدت هذه المنطقة أيضاً عدواناً إسرائيلياً تدميرياً كبيراً, لقد صب الإسرائيلي كل أحقاده وإرهابه على هذه المنطقة, فأمعن فيها تدميراً وتخريباً وقتلاً, من أجل الضغط على الناس وإيذائهم لإبعادهم عن المقاومة.. ولكن هذه الضاحية وهذه المنطقة بالذات (بئر العبد) لا في المرة الأولى ولا في المرة الثانية انكسرت، لقد خرج أهلنا بعد كل عدوان وهم يعبرون عن صبرهم وصمودهم وثباتهم وإيمانهم بقضيتهم والتزامهم خيار المقاومة، وأن كل هذه الاعتداءات الوحشية لن تثنيهم عن متابعة الطريق ودعمهم اللامتناهي للمقاومة ونهجها وخيارها وقضيتها.
لقد امتدت يد الإجرام من جديد إلى هذه المنطقة, والإنفجار الذي حصل قبل أيام يأتي في نفس السياق العدواني الذي شهدته المنطقة في المرات السابقة.
وشبكة التحريض وأدوات الفتنة هم من يتحمّل مسؤولية هذا التفجير الآثم, هذا التفجير الذي يأتي في سياق الضغط على أهل الضاحية وإيذائهم وإلحاق الأضرار بهم, بأرواحهم وممتلكاتهم.
لم تكن هذه العبوة مجرد رسالة، بل هي جاءت لتقتل ولتصنع مجزرة بالناس الأبرياء, لكن الله سبحانه وتعالى حال دون ذلك بلطفه وعنايته وتدبيره ورأفته.
لقد عجز الإسرائيلي والأميركي طيلة السنوات الماضية عن النيل من الضاحية وأهلها الأوفياء, وما عجز عن تحقيقه الأمريكي والإسرائيلي لن تستطيع أدواتهما وأدوات الفتنة أن يحققوه, هم أعجز من ذلك.
إذا كان أحد يريد بهذه الطريقة الدموية أن يضغط علينا من أجل أن يثنينا عن أهدافنا فهو واهم.
إذا كان أحد يريد بهذا العمل الإرهابي أن يمنعنا من أن نكون حيث يجب أن نكون فهو واهم ومخطئ وجاهل, لن تستطيع اليد الآثمة أن تكسر إرادة الضاحية وأهلها عن متابعة الطريق وتحمل المسؤوليات.
والحمد لله رب العالمين