ولادة الأنوار الثلاثة (ع) في شعبان
خلاصة الخطبة
الشيخ دعموش في خطبة الجمعة: فريق 14 آذار تجاوز بخطاياه كل حدود وأكبرها وأخطرها التحريض المذهبي.
لفت سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: الى أن الشهادة بالنسبة لكل واحد من مجاهدي المقاومة الاسلامية هي أمنية وكرامة من الله، ولذلك فهم كانوا يندفعون نحوها في كل المواجهات التي حصلت خلال المراحل الماضية عندما كانوا يقومون بمسؤولياتهم في مواجهة الاحتلال والعداون, واليوم أيضاً عندما يواجهون التكفيريين الذين يهددون لبنان والاستقرار في لبنان ويريدون محاصرة المقاومة.
واعتبر: أن فريق 14 آذار تجاوز بخطاياه كل حدود, وأكبر الخطايا وأخطرها هو التحريض المذهبي, بهدف محاصرة المقاومة وتشويه سمعتها.
وأكد: ان كل الحرب النفسية والإعلامية والسياسية وكل التحريض والسباب والشتائم, لن ينتزع منا الالتزام بقناعاتنا ولن يثنينا عن التمسك بمواقفنا وخياراتنا.
وختم بالقول: طالما فريق 14 آذار يراهن على سقوط النظام في سوريا فإن لبنان سيبقى في أزمة, وطالما أنه يراهن على طعن المقاومة بالظهر ويفسح المجال للجيش الحر بالتواجد في بعض المناطق ويعرقل مهمة الجيش اللبناني في ضبط الأمن لا يمكن للبلد أن يستقر.
نص الخطبة
نبارك للمسلمين الذكريات العزيزة والمجيدة والعطرة: ذكرى ولادة الإمام الحسين بن علي (ع) في الثالث من شعبان, وذكرى ولادة أبي الفضل العباس في الرابع منه, وذكرى ولادة الإمام زين العابدين علي بن الحسين (ع) في الخامس منه.
سأتحدث باختصار عن شخصية كل واحد من هؤلاء العظماء وعن خصوصيات كل واحد منهم, ثم أتحدث عن القواسم المشتركة بينهم.
الإمام الحسين (ع) عاش في رعاية جده المصطفى(ص) ست سنوات, كان يرعاه في البيت وفي المسجد, وكان يسمع من رسول الله (ص) من علومه ومعارفه وحكمه ويعي ما يسمعه، وقد كانت هذه السنوات الست على قلتها كافية لتصنع من شخصية الحسين (ع) صورة مصغرة عن شخصية رسول الله (ص).
وقد عرف رسول الله(ص) المسلمين قيمة الحسين(ع) ومنزلته, وقال(ص)عنه وعن أخيه الحسن (ع): الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة, والحسن والحسين إمامان قاما او قعدا, والحسن والحسين ريحانتاي من الدنيا. وقال(ص): حسين مني وأنا منه أحب الله من أحب حسيناً. وقال(ص) أيضاً: هما خير أهل الأرض.
وعاش مع أمه التربية الإسلامية الأصيلة, فأعطته مما أعطاها الله من روحانية وعصمة وعلم، وفي ظل أبيه تلقى من علمه وأخلاقه وحكمته وشجاعته.
لقد أكد الإمام الحسين (ع) في بعض كلماته: أن التدين ليس لقلقة لسان, وأن الإيمان والالتزام ليسا كلمات يقولوها الإنسان أو أشكال يستعرضها أو طقوس يمارسها, وإنما هما الثبات على الموقف الإيماني الذي يتطلبه الدين عندما يخضع الإنسان للتجربة أو الاختبار والابتلاء.
قد ترى الإنسان يتكلم عن الإيمان كأفضل ما يتكلم به إنسان عن الإيمان, وقد يصلي ويصوم ويحج كأفضل ما يكون الصيام والصلاة والحج، ولكن عندما يفرض التدين عليه شيئاً من أمواله (يفرض عليه مثلاً خمس أمواله وأرباحه) أو يفرض عليه أن يخسر موقعه الاجتماعي أو السياسي أو يخسر وظيفته أو أن يضحي بأمواله أو حتى بحياته عندما يتطلب الواجب منه ذلك، عندها يعرف المتدين من غير المتدين.
[الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنّا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين].
بعض الناس عندما يقف بالخيار بين الحفاظ على دينه وبين الحصول على مكاسب الدنيا, يفضل الدنيا على الدين.
وهذا ما عبر عنه الإمام الحسين (ع) في بعض كلماته الخالدة: "الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درت معايشهم فإذا محصوا بالبلاء قلَّ الديانون".
وهذه التجربة عاشها الحسين (ع) مع أولئك الذين التزموا معه بالبيعة ثم نكثوا.. لأنهم عندما خيروا بين الدنيا والدين اختاروا أن يبيعوا دينهم بدنياهم، وهذا ما يجب أن ننتبه إليه عندما نقع بين خيارين.
أما أبو الفضل العباس (ع): فهو العباس ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع), قمر بني هاشم, وأمه أم البنين فاطمةُ بنتُ حزام.
والعباس(ع) ليس إماماً كبقية الأئمة المعصومين الإثني عشر(ع), ولكنه كان عالماً وقائداً وشجاعاً ومضحياً، كان قائد جيش الحسين (ع) وصاحب لوائه في كربلاء.
وقد روي عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: كان عمنا العباس بن علي نافذ البصيرة، صلب الإيمان، جاهد مع أبي عبد الله (ع) وأبلى بلاءً حسناً ومضى شهيداً.
وروي عن علي بن الحسين (ع) أنه قال: رحم الله العباس فلقد آثر وأبلى وفدى أخاه بنفسه.
لذلك عندما وقف في كربلاء وقد قطعت يمناه أنشد بلسان حاله:
والله إن قطعتم يميني إني أحامي أبداً عن ديني
فأنا لست هنا في موقف عائلي أدافع فيه عن أخي من ناحية نسبية أو عائلية أو عاطفية, ولكني هنا مع الحسين (ع) أدافع عن إمام صادق, أنا هنا مع الإمام الحسين(ع) أدافع عن الدين والقيم, أنا هنا مع الإمام القائد المفترض الطاعة, مع الإنسان الذي يدور معه الحق حيثما دار, مع من يمثل رسول الله(ص), لذلك أنا هنا لا أحامي عن نسبي وأخي في النسب, بل عن الحسين الإمام(ع), ولا أحامي عن موقع دنيوي أو منصب زائل, بل أدافع عن ديني..
وهذا هو نداء العباس الشاب إلى كل الشباب، الشباب الواعون العارفون الأقوياء الأشداء، نداء العباس لهم أن يتحركوا في ساحة الصراع دائماً من أجل حماية الدين والقيم الدينية والدفاع عن القضايا الإسلامية المحقة.
وأما الإمام زين العابدين (ع): فهو الإمام الذي ملأ الحياة الإسلامية روحانية وعلماً وأخلاقاً.. وكان قمة في الورع والعبادة والتقوى حتى سلم المسلمون جميعاً في عصره بأنه أفقهُ أهل زمانة وأورعهم وأتقاهم.
قال الزهري وهو من معاصريه: ما رأيت قرشياً أفضل منه, وقد سمي زين العابدين لكثرة عبادته، وكذلك السجاد وذو الثفنات.
وقد روي أن أناساً من أهل المدينة كانوا يعيشون ولا يدرون من أين كان يأتي معاشهم, فلما مات علي بن الحسين(ع) فقدوا ما كانوا يجدونه أمام منازلهم بالليل.
شهد الإمام(ع) كربلاء وكان مريضاً ونجا، وعندما أدخلوا السبايا ومعهم الإمام زين العابدين(ع) على ابن زياد سأله من أنت؟ فقال: أنا علي بن الحسين، فقال له: أليس قد قتل الله علي بن الحسين؟ فقال الإمام: قد كان لي أخ يسمى علياً قد قتله الناس, فقال ابن زياد: بل الله قتله, فقال الإمام: الله يتوفى الأنفس حين موتها، فغضب وقال: وبك جرأة لجوابي وفيك بقية للرد عليّ؟ اذهبوا به فاضربوا عنقه، فتعلقت به عمته زينب (ع) وقالت: يا ابن زياد حسبك من دمائنا واعتنقته وقالت: لا والله لا أفارقه فإن قتلته فاقتلني معه, فقال لها الإمام (ع): اسكتي يا عمة حتى أكلمه ثم أقبل عليه وقال: أبالقتل تهددني يا ابن زياد؟ أما علمت أن القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة.
ومن هذه المدرسة التي تحمل هذا الوعي وهذه الروحية تخرج المجاهدون في المقاومة الاسلامية، وكانت الشهادة بالنسبة للواحد منهم أمنية وكرامة من الله، ولذلك كانوا يندفعون نحوها في كل المواجهات التي حصلت خلال المراحل الماضية, عندما كانوا يقومون بمسؤولياتهم في مواجهة الاحتلال والعداون, واليوم أيضاً عندما يواجهون التكفيريين الذين يهددون لبنان والاستقرار في لبنان ويريدون محاصرة المقاومة.
لقد شاهدنا صراخ المهزومين كيف علا تحريضاً وسباً وشتائماً, وهذا أسلوب العاجز والفاشل والضعيف.
إن فريق 14 آذار تجاوز بخطاياه كل حدود، وبالأخص حزب المستقبل, أكبر الخطايا وأخطرها هو التحريض المذهبي, بهدف محاصرة المقاومة وتشويه سمعتها.
إن كل الحرب النفسية والإعلامية والسياسية وكل التحريض والسباب والشتائم, لن ينتزع منا الالتزام بقناعاتنا ولن يثنينا عن التمسك بمواقفنا وخياراتنا.
وطالما فريق 14 آذار يراهن على سقوط النظام في سوريا فإن لبنان سيبقى في أزمة, وطالما أنه يراهن على طعن المقاومة بالظهر ويفسح المجال للجيش الحر بالتواجد في بعض المناطق ويعرقل مهمة الجيش اللبناني في ضبط الأمن لا يمكن للبلد أن يستقر.
لذلك عليهم أن يكفوا عن لغتهم التحريضية وعن رهاناتهم التآمرية الخاسرة.
والحمد لله رب العالمين