رجب شهر الاستغفار والعبادة
الشيخ دعموش في خطبة الجمعة: المقاومة تقلق إسرائيل أكثر من السلاح العربي والمجموعات التكفيرية في سوريا.
خلاصة الخطبة
رأى سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: أن القصف الإسرائيلي على سوريا يؤكد من جديد على أن ما يجري في سوريا ليس ثورة أو صراعاً مذهبياً, وإنما هو نزاع سياسي وعسكري وأمني في إطار المواجهة بين مشروعين: مشروع المقاومة, والمشروع الإسرائيلي الأميركي الذي يريد تدمير سوريا وإخراجها من دائرة الصراع الإسرائيلي, وتسديد ضربة للمقاومة.
وقال: إن المقاومة هي التي تخيف إسرائيل وتقلق إسرائيل أكثر مما تقلقها الأنظمة العربية والجيوش العربية والسلاح العربي المكدس في المخازن.. وأكثر مما تقلقها المجموعات التكفيرية والمجموعات المسلحة التي باتت تملأ سوريا.
واعتبر: أن إسرائيل تريد استغلال الأزمة في سوريا لتغيير المعادلة, وفرض قواعد جديدة للعبة, وتكبيل أيدي حزب الله وإيران وسوريا وكل محور المقاومة.
وأشار: الى أن رد في حزب الله على القصف الاسرائيلي جاء على لسان سماحة الأمين العام حفظه الله الذي رسم معادلة جديدة تقوم على أمرين أساسيين:
الأول: إننا في المقاومة الإسلامية وفي حزب الله جاهزون لتسلم سلاح كاسر للتوازن, والمقاومة جاهزة لاستخدامه في مواجهة العدو.
الثاني: إن المقاومة جاهزة أيضاً لتوسيع نطاق عملها من لبنان إلى الجولان.
وختم: بأن هذه المعادلة ستفرض على الإسرائيلي إعادة النظر في حساباته, وستجعله يندم على عدوانه وحماقته التي ارتكبها في سوريا.
نص الخطبة
على أبواب أشهر النور الثلاثة رجب وشعبان وشهر رمضان, لا بد من الوقوف عند شهر رجب الأصب لنتعرف إلى فضله وعظمته.
فهو شهر فضله الله, وعظمه, وكرمه, ووصفه بالشهر الأصب؛ لأن الرحمة تُصب فيه صباً على عباده.
وقد ورد عن رسول الله (ص) وأئمة أهل البيت (ع): أن رجب شهر الله العظيم، وأنه لا يقاربه شهر من الشهور حرمة وفضلاً ومنزلة، وأنه شهر الدعاء والاستغفار والتوبة والعبادة.
وفي الحديث: كان رسول الله (ص) إذا جاء شهر رجب, جمع المسلمين حوله وقام فيهم خطيباً وقال: أيها المسلمون قد أظلكم شهر عظيم مبارك، هو شهر رجب الأصب, يصب فيه الرحمة على من عبده إلا عبداً مشركاً ومظهر بدعة في الإسلام.
وهو شهر نستقبل فيه الكثير من المناسبات الإسلامية العظيمة والجليلة, ففي الأول منه ولادة الإمام محمد الباقر (ع)، وفي الثاني والثالث منه ولادة وشهادة الإمام علي الهادي (ع), وفي العاشر منه ولادة الإمام محمد الجواد(ع), وفي الثالث عشر منه مولد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع), وفي الخامس والعشرين شهادة الإمام موسى الكاظم (ع), وفي السابع والعشرين بعثة النبي (ص) رسولاً وهادياً ومبشراً ورحمة للعالمين.
وبهذا كان هذا الشهر مليئاً بالنفحات الروحانية, وتسود فيه أجواء العبادة والإيمان, وتتعدد فيه المناسبات التي تجعلنا نتحسس كل قيم الإسلام ومعانيه السامية.
وبالعودة إلى الروايات التي تتحدث عن أعمال هذا الشهر, نجد أن الروايات ركزت وأكدت على أمرين في هذا الشهر: على الصوم, وعلى الاستغفار.
أما الصوم, فقد أكدت الروايات على عظيم أجر الصيام في شهر رجب ولو ليوم واحد, فقد ورد عن رسول الله (ص): من صام رجب كله استوجب على الله ثلاثة أشياء: مغفرة بجميع ما سلف من ذنوبه، وعصمة فيما بقي من عمره، وأماناً من العطش يوم الفزع الأكبر.
فقام شيخ ضعيف فقال: يا رسول الله، إني عاجز عن صيامه كله، فقال رسول الله (ص): صم أول يوم منه فإن الحسنة بعشر أمثالها, وأوسط يوم منه، وآخر يوم منه، فإنك تعطى ثواب صيامه كله.
وعن الإمام الكاظم (ع): رجب نهر في الجنة أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل، من صام يوماً من رجب سقاه الله من ذلك النهر.
وعن النبي (ص) قال: رجب شهر الله, وشعبان شهري، ورمضان شهر أمتي, ألا فمن صام من رجب يوماً استوجب رضوان الله الأكبر, وابتعد عن غضب الله, وأغلق عنه باب من أبواب النار.
وروى ابن بابويه بسند معتبر عن سالم أحد أصحاب الإمام الصادق (ع) قال: دخلت على الإمام الصادق (ع) في رجب وقد بقيت منه أيام، فلما التفت إليّ قال لي: يا سالم هل صمت في هذا الشهر شيئاً؟ قلت: لا والله يا بن رسول الله, فقال لي: لقد فاتك من الثواب ما لا يعلم مبلغه (أي حده وحجمه) إلا الله عز وجل، إن هذا الشهر قد فضله الله وعظم حرمته وأوجب للصائمين فيه كرامته, قال: قلت له: يا ابن رسول الله, فإن صمت مما بقي شيئاً هل أنال فوزاً ببعض ثواب الصائمين؟ قال: يا سالم من صام يوماً من آخر هذا الشهر كان ذلك أمانا ًمن شدة سكرات الموت، وأماناً له من هول المُطَّلع وعذاب القبر، ومن صام يومين من آخر هذا الشهر كان له بذلك جواز على الصراط، ومن صام ثلاثة أيام من آخر هذا الشهر أمن من الفزع الأكبر من أهواله وشدائده, وأعطي براءة من النار.
وأما الاستغفار, فقد أكدت الروايات على أهميته.
فعن رسول الله (ص): رجب شهر الاستغفار لأمتي، فأكثروا فيه الاستغفار فإنه غفور رحيم, ويسمى الرجب الأصب؛ لأن الرحمة على أمتي تصب فيه صباً، فاستكثروا من قول: استغفروا الله وأسأله التوبة.
وعنه (ص): إن الله نصب في السماء ملك يقال له الداعي, فإذا دخل شهر رجب ينادي ذلك الملك كل ليلة منه إلى الصباح: طوبى للذاكرين, طوبى للطائعين, يقول الله تعالى: أنا جليس من جالسني, ومطيع من أطاعني, وغافر من استغفرني, الشهر شهري, والعبد عبدي, والرحمة رحمتي, فمن دعاني في هذا الشهر أجبته, ومن سألني أعطيته, ومن استهداني هديته, وجعلت هذا الشهر حبلاً بيني وبين عبادي فمن اعتصم به وصل إليّ.
ويقول الله سبحانه عن لسان نوح: [فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً].نوح/10ـ 12.
فالاستغفار سبب: لمغفرة الذنوب، ولنزول الأمطار، وللامداد بالأموال والبنين، ولدخول الجنة.
فإذا أردت تكفير السيئات وزيادة الحسنات ورفع الدرجات, عليك بالاستغفار.
وإذا أردت الذرية الطيبة والولد الصالح, والمال الحلال, والرزق الواسع, عليك بالاستغفار.
وإذا أردت راحة البال وطمأنينة القلب, عليك بالاستغفار.
وإذا أردت صحة البدن والسلامة من العاهات والأمراض, عليك بالاستغفار.
قال تعالى: [استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعاً حسناً].
ويقول رسول الله (ص): "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب.
لذلك كله يجب الاستفادة من الفرصة التي يوفرها رجب في الجانب الروحي والمعنوي وفي بناء الشخصية الإيمانية.
الشباب عليهم استغلال طاقاتهم في بناء شخصيتهم الإيمانية والرسالية فيتوجهون في هذا الشهر نحو الالتزام بأحكام الله والاهتمام بالواجبات والمستحبات، إذا كنا نقوم بعمل مستحب فإن علينا في شهر رجب مضاعفة العمل، وإن لم نكن نأتي بالمستحبات سابقاً فإن علينا الشروع فيها من الآن.
البعض يتصور أن عليه الاستمرار في أداء الأعمال التي كان يؤديها سابقاً, إلا أن الصحيح هو أن عليه أن يزيد من تلك الأعمال العبادية والصالحة.. كالصوم والصلاة ومحاسبة النفس ومراقبتها, وأن يبتعد عن الأعمال السيئة والعادات القبيحة وعن المحرمات والمعاصي والفساد بكل أشكاله, الفساد الأخلاقي, والفساد المالي, والفساد السياسي، وأن نساهم في إصلاح أنفسنا وإصلاح الآخرين وهدايتهم, وفي إصلاح بلدنا وواقعنا.
ومن هذا الجو ندخل إلى واقعنا الذي نحن فيه.
القصف الإسرائيلي على سوريا يؤكد من جديد بل هو دليل إضافي على أن ما يجري في سوريا ليس ثورة أو صراعاً مذهبياً, وإنما هو نزاع سياسي وعسكري وأمني في إطار المواجهة بين مشروعين: مشروع المقاومة, والمشروع الإسرائيلي الأميركي الذي يريد تدمير سوريا وإخراجها من دائرة الصراع الإسرائيلي, وتسديد ضربة للمقاومة.
لأن المقاومة هي التي تخيف إسرائيل وتقلق إسرائيل أكثر مما تقلقها الأنظمة العربية والجيوش العربية والسلاح العربي المكدس في المخازن.. وأكثر مما تقلقها المجموعات التكفيرية والمجموعات المسلحة التي باتت تملأ سوريا.
إسرائيل تقصف مواقع القدرة والقوة في سوريا, لأنها المواقع التي تخيف إسرائيل, ولا تقصف مواقع عسكرية للمسلحين لأن هؤلاء لا يشكلون خطراً عليها ولا يخيفونها بل يريحونها ويخدمونها.
بعد الذي حصل في سوريا من الطبيعي أن نستخلص أن إسرائيل تريد استغلال الأزمة في سوريا لتغيير المعادلة, وفرض قواعد جديدة للعبة, وتكبيل أيدي حزب الله وإيران وسوريا وكل محور المقاومة.
وكان ردنا في حزب الله على ذلك هو ما جاء على لسان سماحة الأمين العام حفظه الله بالأمس.. أي بالمعادلة الاستراتيجية الجديدة التي رسمها الأمين العام في خطابه بالأمس تحت عنوان: "السلاح الكاسر للتوازن".
لقد رسم الأمين العام حفظه الله معادلة تقوم على أمرين أساسيين:
الأول: إننا في المقاومة الإسلامية وفي حزب الله جاهزون لتسلم سلاح كاسر للتوازن, والمقاومة جاهزة لاستخدامه في مواجهة العدو.
الثاني: إن المقاومة جاهزة أيضاً لتوسيع نطاق عملها من لبنان إلى الجولان, من خلال جهوزيتها للمقاومة في لبنان, واستعدادها لدعم مقاومة شعبية في سوريا ضد الاحتلال تستعيد الجولان المحتل إلى سوريا، هذه هي المعادلة الجديدة.
لقد اعتقدت إسرائيل على مدى أقل من أسبوع أنها نجحت في إيصال رسالتها بأنها هي الأقوى, وأن يدها هي الطولى في المنطقة، وأنها تستطيع تغيير المعادلة ببساطة, ولكن كلام الأمين العام بالمعادلة الجديدة التي رسمها سيفرض على اسرائيل إعادة النظر في حساباتها, وسينقلب السحر على الساحر, وسيجعل الإسرائيلي يندم على عدوانه وحماقته التي ارتكبها في سوريا.
والحمد لله رب العالمين