حقوق الأبناء على الأباء
خلاصة الخطبة:
الشيخ دعموش في خطبة الجمعة: نريد حكومة سياسية جامعة تنسجم مع متطلبات المرحلة وتحدياتها.
لفت سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: الى أن المشهد السياسي الداخلي موزع بين مسارين: مسار تأليف الحكومة، ومسار المحاولات الجديدة للتوافق على قانون انتخابي جديد.
وقال: نحن نعمل بحرص ومسؤولية للتوافق على قانون ينصف الجميع ويراعي صحة التمثيل, حتى لا يأخذ أيُ فريق أكثر من حجمه الطبيعي, ومن هنا قلنا إننا نوافق على أي قانون تتوافق عليه القوى المسيحية.. وترى فيه قانوناً منصفاً وعادلاً لها..
واعتبر: أن الخلاف لا يزال مستمراً حول هوية الحكومة وشكلها وأولوياتها الأساسية, فنحن نريد حكومة سياسية جامعة تنسجم مع متطلبات المرحلة وتحديات المرحلة ولا يكون همها إجراء الانتخابات فقط بل إجراء الانتخابات والسعي لمعالجة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية.
وأكد: أننا نريد حكومة وحدة وطنية تراعى فيها التوازنات الحالية في المجلس النيابي وتتمثل فيها القوى البرلمانية بحسب أحجامها..
ورأى: أن لبنان اليوم بين خيارين على الصعيد الحكومي والسياسي:
أما حكومة متفق عليها بين الجميع, أو الذهاب إلى أزمة سياسية كبيرة ومفتوحة على احتمالات متنوعة, وهذا ليس في مصلحة الاستقرار في لبنان.
نص الخطبة:
[يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكةٌ غلاظٌ شدادٌ لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يُؤمرون].
الأولاد هم ركن أساسي من مكونات الأسرة والعائلة في إطارها الأضيق، لأن العائلة تتكون من الوالدين والزوجين والأولاد، وقد تحدثنا في الخطب الماضية عن الوالدين والزوجين وحقوقهما, واليوم نتحدث عن حقوق الأولاد والأبناء.
لقد حثّ الله تعالى ورسوله (ص) على الزواج والإنجاب لأن هذا يشكِّل ضمانة واستمرارية للبشرية, وقد ورد أنه من سعادة المرء أن يكون له ولد صالح يبقى بعده، يفي عنه الدين, ويقضي عنه الصلاة والحج، ويهدي إليه ثواب الأعمال.
وقد روي أن عيسى ابن مريم (ع) مرّ بقبر يُعذّب صاحبه ـ وكان للمسيح معجزات كثيرة منها الإطلاع على ما في القبور ـ ثم مرّ به بعد عام فإذا هو لا يعذّب، فقال: يا رب، مررت بهذا القبر عام أول وكان يُعذَّبُ صاحبهُ، ومررت به هذا العام وهو ليس يُعذَّب، فأوحى الله جل جلاله إليه: يا روح الله قد أدركَ له ولدٌ صالحٌ, فأصلح طريقاً, وآوى يتيماً, فغفرتُ له بما عمل ابنُهُ.
إذاً الولد الصالح هو ضمانة للمرء بعد موته, وبالمقابل، فإن الروايات نفسها تقول إن ولد السوء يهدم الشرف ويشين السلف.
فالمسؤولية تجاه الأولاد كبيرة على صعيد الدنيا والآخرة، يقول تعالى: [يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظٌ شدادٌ لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون]. فالإنسان مسؤول عن دنيا أولاده وآخرتهم.
وقد حث الاسلام على التعامل مع الأولاد بأساليب تظهر مدى تعلق الأهل بهم ومحبتهم لهم , منها:
1- التصابي لهم:
فقد أكد الإسلام على أهمية الحب في العلاقة بين الأهل والأولاد, بحيث يظهر الوالدان المحبة والمودة لأبنائهما إلى حد التصابي معهم، فقد ورد عن النبي (ص): "من كان له صبي فليتصابَ له".
وفي الحديث: "قال موسى بن عمران (ع): يا رب أيُّ الأعمال أفضلُ عندك؟ فقال: حب الأطفال. مع أن حب الأولاد شيء فطريّ لكن الله تعالى يصبغه بصبغة دينية، ويُعطي عليه أجراً، وهذا من كرم الله عز وجل.
وقد روي أنه في يوم من الأيام خرج على الصحابة عثمان بنُ مظعون ومعه صبيٌّ له يُقبِّله فرآه النبي (ص) فقال له: ابنك هذا؟ قال: نعم، قال: أتحبه يا عثمان؟ قال: إي والله يا رسول الله إني أحبه، قال: أفلا أزيدك له حباً؟ قال: بلى، فداك أبي وأمي قال: إنه من يُرضي صبياً له صغيراً من نسله حتى يرضى، ترضّاه الله يوم القيامة حتى يرضى.
وعن الصادق (ع): إن الله ليرحم العبدَ لشدة حبه لولده.
2 ـ تقبيل الأولاد:
فعن رسول الله (ص): من قبَّل ولده كتب الله تعالى له حسنة، ومن فرَّحه فرحه الله يوم القيامة، ومن علَّمه القرآن دُعي بالأبوين فيأتيان بحلتين يُضيءُ من نورهما وجوهَ أهل الجنة.
وروي أيضاً أن النبي (ص) كان يقبّل الحسن والحسين (ع)، فاستغرب أحدُ الأشخاص، واسمه الأقرع بن حبوة، تصرُّف النبي قائلاً: إن لي عشرة أبناء ما قبّلتُ واحداً منهم قطّ, فغضب الرسول (ص) حتى التمع (تغيَّر) لونه، وقال للرجل: إن كان الله قد نزع الرحمة من قلبك فما أصنع بك؟ من لم يرحم صغيرنا ويعزّز كبيرنا ليس منا". هذا هو دينُنا دين الرحمة بالصغار، والتكريم وتقدير الكبار.
وعن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: دخلت على النبي (ص) والحسن والحسين (ع) على ظهره، وهو يجثو لهما ويقول: "نِعمَ الجملُ جملكما، ونِعمَ العدلان أنتما".
وقد تكرّرت هذه الحادثة أمام الصحابة الآخرين، فقال أحد الصحابة: رأيتُ الحسن والحسين (ع) على عاتقي رسول الله (ص)، فقلت: نعم الفرسُ لكما! فقال رسول الله (ص): ونِعم الفارسان هما".
3 ـ الابتعاد عن أسلوب الضرب:
فعن رسول الله (ص): لا تضربوا أطفالكم على بكائهم, فإن بكاءهم أربعة أشهر شهادة أن لا إله إلا الله, وأربعة أشهر الصلاة على محمد وآله، وأربعة أشهر الدعاء لوالديه.
4 ـ عدم التمييز بين الأولاد:
فلا ينبغي التمييز بين الأولاد في المعاملة, وخاصة بين الذكور والإناث, لان التمييز سبب لحدوث المشاكل النفسية لدى الأطفال, وسبب للغيرة والحسد والأحقاد بين الأخوة, وسبب للإحساس بالمظلومية وعدم الإنصاف.
ففي الحديث عن الرسول (ص): من وُلدت له ابنةٌ فلم يؤذها ولم يُهنها ولم يُؤثر ولده عليها أدخله الله بها الجنة.
ومن كانت لديه بنات فإن عليه أن يهتم برعايتهن وملاطفتهن ربما أكثر من الأبناء الذكور نظراً لرقتهن.
فعن النبي (ص): نِعمَ الولدُ البنات المخدّرات! من كان عنده واحدةٌ جعلها الله له ستراً من النار.
وعن الصادق (ع): البنات حسناتٌ، والبنون نعمة، فالحسنات يُثاب عليها، والنّعم مسؤول عنها.
5- ملاحقة الاولاد بالتربية السليمة:
فإن من الأمور الهامة ملاحقة ومتابعة الأولاد بالتربية السليمة, وتعليمهم, وإصلاح اعوجاجهم إذا اعوجّوا بالكلمة الطيبة وبإسلوب مقنع وليس بالضرب، بل بالإفهام، وكذلك بالقدوة الحسنة, بأن يكون الأب والأم قدوة في البيت، فيتأثر الولد بسلوك أهله وعاداتهم، وكذلك بأخذ الأولاد إلى المساجد وتعليهم الصلاة وتعويدهم على الصيام منذ صغرهم، وتعليمهم القرآن واصطحابهم إلى مجالس العزاء؛ واختيار الأصدقاء المناسبين لهم, فإن لهذا كله تأثيراً كبيراً في تنشئة الأولاد ومستقبلهم.
ثم لا بد من العناية بالأولاد صحياً وجسدياً، فضلاً عن إطعامهم وإكسائهم، فيوم القيامة سنُسأل عن هذه الأمول كما نُسألُ عن صلاتنا وصيامنا.
6- معاملة الاولاد بالعدل:
بأن نعدل بين أولادنا في كثير من الأمور والتصرفات, بأن نعدل بينهمفي المحبة والعطف, وفي المعاملة, فلا يجوز تفضيل ولد على ولد في المعاملة، فعن الرسول (ص): "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم". وفي الهدايا: فعن النبي (ص): ساوُوا بين أولادكم في العطية، فلو كنتُ مفضلاً أحداً لفضّلت النساء. وفي التقبيل, فعن النبي (ص): إن الله تعالى يحب أن تعدلوا بين أولادكم حتى في القُبَل. فالقبلة وإن كانت تصرفاً صغيراً إلا أنها تحمل مداليل عاطفية كبيرة.
نظر رسول الله إلى رجل له ابنان فقبل أحدهما وترك الآخر فقال له النبي (ص): فهلا واسيت بينهما.
هكذا يجب أن نتصرّف إذا أردنا أن يكون لنا أولاد صالحون ليكونوا عوناً لنا في الدنيا وذخراً في الآخرة.
وهناك أولاد هم ذُخر لأهلهم في الآخرة حتى قبل موت الأبوين، وهم الشهداء, فمن المعروف عندنا أن الشهداء يُرزقون حق الشفاعة، فعندما يُوتى بالشهيد إلى باب الجنة يقف ويقول: لا أدخلها إلا وأبواي معي. فالشهداء في ثقافتنا هم ذُخر لآبائهم يوم القيامة، وعزٌّ وكرامة لهم في الدنيا، فطوبى لرحم حمل بهؤلاء العظماء, وهنيئاً لأصل تفرّع منه هذا الغصن المثمر إيماناً وتضحية وعزاً وشفاعة.
ومن بوابة الشهداء ندخل الى المشهد السياسي, فالمشهد السياسي الداخلي موزع بين مسارين: مسار تأليف الحكومة، ومسار المحاولات الجديدة للتوافق على قانون انتخابي جديد.
نحن نعمل بحرص ومسؤولية للتوافق على قانون ينصف الجميع ويراعي صحة التمثيل حتى لا يأخذ أيُ فريق أكثر من حجمه الطبيعي, ومن هنا قلنا إننا نوافق على أي قانون تتوافق عليه القوى المسيحية.. وترى فيه قانوناً منصفاً وعادلاً لها..
أما مسار تأليف الحكومة فالخلاف لا يزال مستمراً حول هوية الحكومة وشكلها وأولوياتها الأساسية, نحن نريد حكومة سياسية جامعة تنسجم مع متطلبات المرحلة وتحديات المرحلة ولا يكون همها إجراء الانتخابات فقط بل إجراء الانتخابات والسعي لمعالجة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية.
نريد حكومة وحدة وطنية تراعى فيها التوازنات الحالية في المجلس النيابي وتتمثل فيها القوى البرلمانية بحسب أحجامها..
اليوم لبنان بين خيارين على الصعيد الحكومي والسياسي:
أما حكومة متفق عليها بين الجميع, أو الذهاب إلى أزمة سياسية كبيرة ومفتوحة على احتمالات متنوعة, وهذا ليس في مصلحة الاستقرار في لبنان.
والحمد لله رب العالمين