14 آب وعوامل الانتصار
خلاصة الخطبة
أكد سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: أن عدوان تموز كان أبشع عدوان صهيوني قامت به إسرائيل على لبنان في تاريخ الصراع، ولكنه انتهى بالفشل وعجز الإسرائيلي عن تحقيق أي من أهدافه التي شنًّ من أجلها الحرب على لبنان والمقاومة..
وقال: لقد انتصر لبنان والمقاومة والجيش والشعب بصمودهم الأسطوري وثباتهم وصبرهم ووحدتهم الوطنية التي تجلت خلال العدوان وتأييد وتسديد الله للمجاهدين على امتداد أيام المواجهة, فكان النصر نصراً إلهياً, تجلت فيه قدرة الله, وتحقق فيه وعده, وظهرت فيه ألطافه وتوفيقاته وتسديداته الغيبية المادية والمعنوية والظاهرية والباطنية.
وأشار: الى حالة الخوف والرعب التي سيطرت على الجنود الصهاينة خلال المواجهات في عيتا الشعب وبنت جبيل ومارون الراس ووادي الحجير.. حيث تحدث الجنود الصهاينة أنفسهم عن هذه الحالة .
وأضاف: في الشهر الأول من انتهاء العدوان قدمت 450 دعوى إلى وزارة الحرب الإسرائيلية من جنود شاركوا في حرب تموز وأصيبوا بأمراض نفسية وبعضهم بأمراض عقلية نتيجة الخوف والرعب الذي عاشوه خلال المواجهات مع مجاهدي المقاومة, وهم يطالبون وزارة الحرب بتعويضات وبمعاملتهم كمعاقي حرب.
ولفت: الى أن الله الذي ألقي الخوف والرعب في قلوب الصهاينة أنزل في المقابل السكينة والطمأنينة على قلوب المؤمنين المجاهدين, فكانت قلوبهم وهم في ميادين المواجهة مطمئنة وهادئة, وكانت قلوب القادة أيضاً الذين كانوا يديرون المعركة ويُوجّهون المجاهدين مطمئنة وهادئة أيضاً.وكان الأمين العام المطمئن الواثق بالنصر, يبث الأمل والإطمئنان والشموخ والشعور بالعنفوان والقوة في نفوس الناس.
واعتبر: أن المقاومة المسددة والمؤيدة من الله أفشلت أهداف العدو, وفرضت عليه أن يوقف المعركة.. والثالوث الذهبي المكون من المقاومة والجيش والشعب الذي ساهم في صنع الإنجاز والانتصار التاريخي في حرب تموز، هو الذي يحمي لبنان اليوم من العدو الصهيوني ومن العدو التكفيري، وهو ضمانة استمرار لبنان قوياً وعزيزاً وموحداً.
وختم بالقول: ليس أمام اللبنانيين بعد مرور تسع سنوات على عدوان تموز سوى التمسك بالمقاومة ودعم الجيش اللبناني لمواجهة أي حماقة يمكن أن يقدم عليها العدو مستغلاً الأوضاع المأزومة في المنطقة.
نص الخطبة
يقول الله تعالى: [سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله ما لم ينزّل به سلطاناً ومأواهم النار وبئس مثوى الظالمين]. آل عمران/51.
ويقول تعالى: [ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنوداً لم تروها وعذّب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين]. التوبة/26.
في الرابع عشر من شهر آب من العام 2006 انتهى أبشع عدوان صهيوني قامت به إسرائيل على لبنان في تاريخ الصراع، انتهى بالفشل وعجز الإسرائيلي عن تحقيق أي من أهدافه التي شنًّ من أجلها الحرب على لبنان والمقاومة.. انتهى هذا العدوان بهزيمة الإسرائيلي وانتصار لبنان والمقاومة في لبنان والشعب اللبناني.
لقد انتصر لبنان والمقاومة والجيش والشعب بصمودهم الأسطوري وثباتهم وصبرهم ووحدتهم الوطنية التي تجلت خلال العدوان وتأييد وتسديد الله للمجاهدين على امتداد أيام المواجهة, فكان النصر نصراً إلهياً, تجلت فيه قدرة الله, وتحقق فيه وعده, وظهرت فيه ألطافه وتوفيقاته وتسديداته الغيبية المادية والمعنوية والظاهرية والباطنية.
واحدة من أهم الامدادات المعنوية الخفية التي نصر الله بها المقاومة وأيدّ بها المجاهدين وهزم بها الصهاينة في حرب الثلاثة وثلاثين يوماً هي: إلقاء الرعب والخوف والهلع في قلوب الجنود الصهاينة, فقد سيطر عليهم الخوف والرعب في ميادين المواجهة وعندما التحموا بالمقاومين في عيتا الشعب وفي بنت جبيل وفي مارون الراس وفي وادي الحجير.. وأصيبوا بالاضطراب والقلق وفقدوا القدرة على البقاء في الميدان.
وقد تحدث الجنود الصهاينة أنفسهم عن حالة الخوف والرعب التي أصابتهم وهم يحاولون الدخول إلى بعض البلدات والقرى اللبنانية الحدودية.
يصف أحد جنود الاحتياط في الجيش الإسرائيلي واسمه إيتان مشاهد المواجهة في بنت جبيل التي أدخلته في حالة من الخوف والهستيريا فيقول: كان إطلاق النار من كل الجهات, صراخ, جنود قتلى, روائح جثث محروقة, رعب.. رعب بكل ما تعنيه الكلمة.
ويتحدث أحد جنود النخبة في الجيش الإسرائيلي في الدعوى التي رفعها لوزارة الحرب الإسرائيلية تحت عنوان (الكوابيس المرعبة) فيقول: إنه لا يستطيع النوم, كلما أذهب إلى السرير للنوم أغمض عيني واشغل تفكيري بمواضيع كثيرة, لكن مشاهد الرعب والخوف التي عشتها عند اختطاف الجنود لا تفارقني.
في الشهر الأول من انتهاء العدوان قدمت 450 دعوى إلى وزارة الحرب الإسرائيلية من جنود شاركوا في حرب تموز وأصيبوا بأمراض نفسية وبعضهم بأمراض عقلية نتيجة الخوف والرعب الذي عاشوه خلال المواجهات مع مجاهدي المقاومة وهم يطالبون بتعويضات وبمعاملتهم كمعاقي حرب.
إذن: إلقاء الخوف والرعب في قلوب الأعداء كان عاملاًَ أساسياً من عوامل النصر والمدد الإلهي.
وقد تحدث القرآن الكريم عن هذا العامل المهم في تحقيق النصر على العدو, وتحدث عنه كعامل للنصر على اليهود الذي جرى في تاريخ الإسلام، النصر على أسلاف هؤلاء وأجدادهم, تحدث كيف أن الله نصر المسلمين المجاهدين على يهود بني النضير بإلقاء الرعب في قلوبهم فلم تمنعهم حصونهم المدججة بالسلاح والعتاد والرجال من وصول المؤمنين المجاهدين إلى قلاعهم, يقول تعالى: [هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا انهم مانعتهم حصونهم من الله فاتاهما لله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار]. الحشر/ 2.
ويقول تعالى عن يهود بني قريظة: ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً، وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قوياً عزيزاً,وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقاً تقتلون وتأسرون فريقاً, وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضاً لم تطؤها وكان الله على كل شيء قديراً]. الأحزاب/ 25 ـ 27.
وفي مقابل هذا العامل الذي يختص بالأعداء هناك عامل آخر من عوامل النصر والإمدادات الغيبية والتسديدات الإلهية ولكنه عامل يختص بالمؤمنين المجاهدين وهو: إنزال السكينة والطمأنينة على المؤمنين وهم في قلب المعركة.
فالله الذي يلقي الخوف والرعب في قلوب الأعداء ينزل في المقابل السكينة والطمأنينة على قلوب المؤمنين, بحيث يسيطر عليهم الهدوء والإطمئنان والراحة، فلا مكان في قلوبهم للخوف ولا للقلق ولا للهلع ولا للإستيحاش ولا للشك ولا للتردد، ولا مكان في جهادهم ومقاومتهم للتعب أو الكلل أو الملل، السلوك الغالب على المجاهدين هو الثبات والشجاعة والجرءة والاقدام والبسالة.
لقد أنزل الله على قلوب المجاهدين المقاومين في حرب تموز السكينة والطمأنينة، فكانت قلوب المجاهدين الذين يقاومون في ميادين المواجهة مطمئنة وهادئة, وكانت قلوب القادة أيضاً الذين كانوا يديرون المعركة ويُوجّهون المجاهدين مطمئنة وهادئة أيضاً.
لقد شاهدنا وشاهد العالم كله اطمئنان المجاهدين وهم يواجهون حشود الصهاينة بعزم وإرادة وشجاعة، لقد حشد العدو أربعين ألفاً من نخبة جيشه في حرب تموز, بينما لم يكن يتجاوز عدد المقاومين الألف مقاتل او ألفاً وخمسمائة في الأكثر, فكان الواحد منهم في مواجهة أربعين, كان الإسرائيلي يغطي جنوده بالطائرات والقصف المركز, بينما كان المقاومون لا يملكون سوى عتاداً بسيطاً, ومع ذلك كانوا يقاتلون باطمئنان وشجاعة, كنا نشاهد الاطمئنان في وجوههم وفي عيونهم, وشاهدنا بأم أعيننا اطمئنان وهدوء قائد المقاومة وسيدها سماحة الأمين العام (حفظه الله) الذي كان يطل عبر الشاشة ليعبر عن اطمئنانه وثقته بنصر الله وبوعده.
وكان الأمين العام المطمئن الواثق بالنصر, يبث الأمل والإطمئنان والشموخ والشعور بالعنفوان والقوة في نفوس الناس.
وقد تحدث القرآن الكريم كيف أن الله ينزل السكينة والطمأنينة على القادة وعلى المجاهدين، وكيف انه أنزل سكينته على رسوله محمد (ص) في أكثر من موقع من مواقع الجهاد والمواجهة.
قال تعالى: [فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم]. التوبة/ 40.
وتحدث القرآن كيف أن الله أنزل السكينة على الرسول وعلى عموم المؤمنين المجاهدين في معركة حنين فقال تعالى: [ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنوداً لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين]. التوبة/ 26.
هذه الإمدادات والألطاف الغيبية لا يمنحها الله بالمجان وإنما يمنحها للمؤمنين العاملين المجاهدين المخلصين والصادقين الذين يؤدون تكاليفهم ويتحملون مسؤولياتهم الشرعية والوطنية.
يمنحها لأولئك الذين يعملون على الاستفادة من قدراتهم وإمكاناتهم وطاقاتهم المتاحة في ساحة الجهاد والمقاومة.
وعندما لا تف تلك القدرات والإمكانات والوسائل في تحقيق النصر على العدو، يتدخل الله ويمدّ المؤمنين بتلك الطرق والأساليب الغيبية ويضع ألطافه وتسديداته وتوفيقاته الظاهرية والباطنية المادية والمعنوية في خدمة المجاهدين المؤمنين ليفشلوا كل أهداف العدو, وليلحقوا به الهزيمة وليفرضوا عليه الانسحاب من المعركة.. وهذا ما حصل في حرب تموز وآب في مثل هذا اليوم من العام 2006.
لقد أفشلت المقاومة المسددة والمؤيدة من الله أهداف العدو, وفرضت عليه أن يوقف المعركة.. والثالوث الذهبي المكون من المقاومة والجيش والشعب الذي ساهم في صنع الإنجاز والانتصار التاريخي في حرب تموز، هو الذي يحمي لبنان اليوم من العدو الصهيوني ومن العدو التكفيري، هذا الثالوث هو ضمانة استمرار لبنان قوياً وعزيزاً وموحداً.
ولذلك ليس أمام اللبنانيين بعد مرور تسع سنوات على عدوان تموز سوى التمسك بالمقاومة ودعم الجيش اللبناني لمواجهة أي حماقة يمكن أن يقدم عليها العدو مستغلاً الأوضاع المأزومة في المنطقة.
والحمد لله رب العالمين