المغفرة مشروطة بالتوبة
خلاصة الخطبة :
شدد سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة : علىأن ابواب المغفرة والرحمة مفتوحة أمام الجميع من دون استثناء ولكن بشرط ان يعودوا الى الله ويتوبوا اليه من ذنوبهم وآثامهم ،وأن يستسلموا لاوامر الله ونواهيه،وأن يظهروا صدق توبتهم وإنابتهم واستسلامهم بالعمل والممارسة .
فالعفو العام والرحمة الواسعة والمغفرة التي وعد الله بها العاصين والمسرفين على انفسهم مشروطة بالتوبة والتسليم لله والعمل الصالح , وهذه الشروط لا يمكن ان يتجاهلها الانسان اذا اراد ان يحصل على الرحمة الالهية.
وشرححقيقة التوبة فقال: هي ان يحصل لدى الانسان المذنب تفاعل داخلي ويندم على ما فعله من ذنوب في الماضي ويندم على كل عمل خالف فيه رضا الله سبحانهويخجل مما فعله ويشعر بتأنيب الضميربحيث يدفعه هذا الشعور الى ان يقرر ان لا يرتكب تلك الذنوب مرة اخرى.
واعتبر : أنه لا يكفي في التوبة ان يقول الانسان استغفر الله وأتوب اليه مجرد كلمة سطحية خالية من أي مضمون,بل لا بد من الشعور بالندم والحسرة والألم والتصميم على عدم العودة للذنوب، لانه اذا قال الانسان استغفر الله مجرد لقلقة لسان فان ذلك قد يكون استهزاءاً بالله وضحكا على الله نعوذ بالله من ذلك.
وأشار: الى ان التوبةالصادقةيقبلها الله بشرطين:
الشرط الاول : ان تكون التوبة عن ذنب صدر من الانسان بجهالة,أي نتيجة الجهل والغفلة وعدم المعرفة بالآثار السيئة والنتائج السلبية التي تترتب على الذنوب والمعاصي ،بحيث تصدر الذنوب والمعاصي من الانسان نتيجة سيطرة أهوائه وشهواته ومصالحه وآماله وطموحاته المنحرفة , واما اذا صدرت الذنوب والمعاصي من الانسان عناداً للحق وانكاراً لحكم الله،بمعنى انه يعرف ان العمل الذي يفعله هو ذنب ومعصية ولكنه مع ذلك يفعله عمداً وعناداً و تحدياً وتمرداً على الله ،فلا تقبل التوبة منه، إلا أن يتخلى عن عناده وعدائه وانكاره وتمرده على الله.
والشرط الثاني : ان تكون التوبة سريعة وفورية وليس بعد فاصل زمني بعيد عن المعصية.
ولذلك يقول الله تعالى: ( انما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً ) .النساء/17.
ولفت: الى انه لا يجوز للانسان ان يسوّف في موضوع التوبة بأن يقول غداً اتوب او بعد غد او في السن الفلاني ، أو في الاسبوع الثاني أو الثالث من شهر رمضان , إذ من الذي يضمن لنفسه ان يعيش الى غد او الى السن الفلاني ولا يدركه الموت فجأة وعلى حين غفلة وهو مستغرق في الذنوب والمعاصي(وانيبوا الى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون) و (من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون).
لذلك يجب على الانسان ان يبادر الى التوبه والعودة الى الله قبل فوات الآوان، ويجب ان تكون عودته صادقة وان تحدث انقلاباً وتحولاً في حياته كلها .
وفي الموضوع السياسي أكد الشيخ دعموش:ان الانجازات الامنية التي تحققت خلال الاسابيع الماضية في مواجهة الارهاب التكفيري والموجة الجديدة من الانتحاريين يجب حمايتها, ويجب توفير كل اشكال الدعم للجيش وللاجهزة الامنية لتقوى على تحقيق المزيد من الانجازات في ملاحقة وكشف الشبكات الارهابية والقضاء على البؤر التكفيرية الارهابية في لبنان.
واعتبر ان التكفريين ارادوا ان يجروا الحرب المشتعلة في سوريا والعراق الى لبنان لا لاستهداف طائفة معينة او منطقة معينة او جهة معينة وانما لاستهداف كل لبنان من دون ان يميزوا بين المناطق ولا بين الطوائف ولا بين القوى الامنية والمقاومة ولا بين المسلمين والمسيحيين, ولكنهم فشلوا في ذلك, وفشلوا ايضاً بعد مرور اكثر من سنة على بدء العدوان التكفيري على لبنان في تغيير موقف حزب الله تجاه سوريا وهم اعجز من ان يغيروا ذلك او ان يغيروا المعادلات القائمة في لبنان او ان يحققوا اي انجازات لهم او مكاسب سياسية او امنية , ولن يستطيعوا ان يحصدوا في لبنان سوى اليأس والفشل والخيبة والهزيمة ان شاء الله تعالى.
نص الخطبة:
(قل يا عبادي الذين أسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً انه هو الغفور الرحيم ، وانيبوا الى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون ، واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتةً وأنتم لا تشعرون). الزمر /53/54/55
ويقول رسول الله (ص):ايها الناس انه قد اقبل اليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة... ايها الناس ان ابواب الجنان في هذا الشهر مفتحة فأسالوا ربكم ان لا يغلقها عليكم والشياطين مغلولة فاسالوا ربكم ان لا يسلطها عليكم.
الاية الاولى تفتح ابواب المغفرة والرحمة الالهية امام جميع العاصين والمذنبين والمسرفين والبعيدين عن الله من دون استثناء ،وتدعوهم الى عدم اليأس والقنوط وعدم فقدان الأمل بمغفرة الله ورحمته ، وتؤكد حقيقة هامة هي : ان جميع الذنوب مهما كانت عظيمة وكبيرة فهي قابلة للمغفرة والعفو لان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم .
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو : هل الوعد الذي اعطاه الله في الاية الاولى بغفران جميع الذنوب هو وعد مطلق بحيث ان الله يغفر للمذنبين والعاصين وإن لم يتوبوا ويعودوا الى الله ،ام أنه وعد مشروط بالتوبة والانابة الى الله؟
والجواب على هذا التساؤل يتضح من خلال الاياتين الثانية والثالثة بصورة جيدة ،لان هناك ثلاثة أوامر وردت في هاتين الايتين وضحت كل شيء بهذا الخصوص:
الامر الاول : أنيبوا الى ربكم ،والأمر الثاني : وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب، والأمر الثالث : واتبعوا أحسن ما أنزل اليكم من ربكم .
هذه الأوامر الثلاثة تقول : إن ابواب المغفرة والرحمة مفتوحة أمام الجميع من دون استثناء ولكن بشرط ان يعودوا الى الله ويتوبوا اليه من ذنوبهم وآثامهم ،وأن يستسلموا لاوامر الله ونواهيه،وأن يظهروا صدق توبتهم وإنابتهم واستسلامهم بالعمل والممارسة .
فالعفو العام والرحمة الواسعة والمغفرة التي وعد الله بها العاصين والمسرفين على انفسهم في الاية الاولى ،مشروطة بالتوبة والتسليم لله والعمل الصالح , وهذه الشروط لا يمكن ان يتجاهلها الانسان اذا اراد ان يحصل على الرحمة الالهية.
وعلى هذا الاساس فكل من يريد ان يحصل على عفو الله ومغفرته ويريد ان يصل الى ساحة رحمته يجب ان يخطو هذه الخطوات الثلاث:
الخطوة الاولى: التوبة والندم على الذنب والتوجه الى الله ( وانيبوا الى ربكم ) .
الخطوة الثانية : الايمان بالله والتسليم له في كل ما أمر به وفي كل ما نهى عنه.
الخطوة الثالثة : العمل الصالح وقد عبرت الاية عن هذه الخطوة بقوله تعالى:(واتبعوا احسن ما أنزل اليكم من ربكم ) اي اعملوا بأحسن ما امركم الله به وهو الواجبات والمستحبات .
فاذا استطاع الانسان ان يجتاز هذه المراحل الثلاث يكون قد دخل الى ساحة عفو الله ورحمته الواسعة طبقاً للوعد الالهي المؤكد مهما كان ذلك الانسان مثقلا بالمعاصي والذنوب.
وحقيقة التوبة هي : ان يحصل لدى الانسان المذنب تفاعل داخلي ويندم على ما فعله من ذنوب في الماضي ويندم على كل عمل خالف فيه رضا الله سبحانهويخجل مما فعله ويشعر بتأنيب الضميربحيث يدفعه هذا الشعور الى ان يقرر ان لا يرتكب تلك الذنوب مرة اخرى.
ولذلك فلا يكفي في التوبة ان يقول الانسان استغفر الله وأتوب اليه مجرد كلمة سطحية خالية من أي مضمون, بل لا بد من الشعور بالندم والحسرة والألم والتصميم على عدم العودة للذنوب ، لانه اذا قال الانسان استغفر الله لقلقة لسان فان ذلك قد يكون استهزاءاً بالله وضحكا على الله نعوذ بالله من ذلك.
واذا سلك الانسان طريق التوبةالصادقةفان الله يقبل توبته بشرطين:
الشرط الاول : ان تكون التوبة عن ذنب صدر من الانسان بجهالة,أي نتيجة الجهل والغفلة وعدم المعرفة بالآثار السيئة والنتائج السلبية التي تترتب على الذنوب والمعاصي ،بحيث تصدر الذنوب والمعاصي من الانسان نتيجة سيطرة أهوائه وشهواته ومصالحه وآماله وطموحاته المنحرفة , واما اذا صدرت الذنوب والمعاصي من الانسان عناداً للحق وانكاراً لحكم الله،بمعنى انه يعرف ان العمل الذي يفعله هو ذنب ومعصية ولكنه مع ذلك يفعله عمداً وعناداً و تحدياً وتمرداً على الله ،فلا تقبل التوبة منه، إلا أن يتخلى عن عناده وعدائه وانكاره وتمرده على الله.
والشرط الثاني : ان تكون التوبة سريعة وفورية وليس بعد فاصل زمني بعيد عن المعصية.
ولذلك يقول الله تعالى: ( انما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً ) .النساء/17.
اما كيف يغفر الله ذنوبه ومعاصيه ويمحو عنه كل ما في سجله وصحيفة أعماله ؟ فهذا ما أوضحه لنا الإمام الصادق (ع) في حديث مروي عنه حيث روي انه قال(ع) : اذا تاب العبد توبة نصوحاً، احبه الله فستر عليه في الدنيا والاخرة ،فقيل له : وكيف يستر عليه؟ قال: ينسي ملكيه ما كتبا عليه من الذنوب ،ثم يوحي الى جوارحه ان اكتمي عليه ذنوبه،ويوحي الى بقاع الارض ان اكتمي عليه ما كان يعمل عليك من الذنوب ،فيلقى الله حين يلقاه وليس عليه شيء يشهد بشيء من الذنوب.
ولاجل كل ذلك فانه يجب على الانسان ان يبادر الى التوبة من كل ذنب كبير او صغير ،خاصة في شهر رمضان حيث ابواب الرحمة مفتوحة فيه للجميع كما قال رسول الله (ص) : ايها الناس إن ابواب الجنان في هذا الشهر مفتحة فاسألوا ربكم ان لا يغلقها عليكم .
نحن مدعوون إلى التوبة النصوح في شهر رمضان المبارك، ويجب أن نثق بأن الله عز وجل سيقبل التوبة الصادقة وسيبدل السيئات حسنات.
ولا يجوز للانسان ان يسوّف في موضوع التوبة بأن يقول غداً اتوب او بعد غد او في السن الفلاني ، أو في الاسبوع الثاني أو الثالث من شهر رمضان , إذ من الذي يضمن لنفسه ان يعيش الى غد او الى السن الفلاني ولا يدركه الموت فجأة وعلى حين غفلة وهو مستغرق في الذنوب والمعاصي(وانيبوا الى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون) و (من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون).
لذلك يجب على الانسان ان يبادر الى التوبه والعودة الى الله قبل فوات الآوان، ويجب ان تكون عودته صادقة وان تحدث انقلاباً وتحولاً في حياته كلها .
ومن هذا الجو ندخل الى واقعنا لنقول:ان الانجازات الامنية التي تحققت خلال الاسابيع الماضية في مواجهة الارهاب التكفيري والموجة الجديدة من الانتحاريين يجب حمايتها, ويجب توفير كل اشكال الدعم للجيش وللاجهزة الامنية لتقوى على تحقيق المزيد من الانجازات في ملاحقة وكشف الشبكات الارهابية والقضاء على البؤر التكفيرية الارهابية في لبنان.
لقد اراد التكفيريون ان يجروا الحرب المشتعلة في سوريا والعراق الى لبنان لا لاستهداف طائفة معينة او منطقة معينة او جهة معينة وانما لاستهداف كل لبنان من دون ان يميزوا بين المناطق ولا بين الطوائف ولا بين القوى الامنية والمقاومة ولا بين المسلمين والمسيحيين, ولكنهم فشلوا في ذلك, وفشلوا ايضاً بعد مرور اكثر من سنة على بدء العدوان التكفيري على لبنان في تغيير موقف حزب الله تجاه سوريا وهم اعجز من ان يغيروا ذلك او ان يغيروا المعادلات القائمة في لبنان او ان يحققوا اي انجازات لهم او مكاسب سياسية او امنية , ولن يستطيعوا ان يحصدوا في لبنان سوى اليأس والفشل والخيبة والهزيمة ان شاء الله تعالى.
والحمد لله رب العالمين