الحديث الرمضاني(13) – 17-4-2023
الشيخ دعموش في الحديث الرمضاني: القرآن اختصر اسلوب التعامل مع الاصدقاء بالاحسان اليهم.
الصداقة الناجحة
قال تعالى: " وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ ..".
الإنسان اجتماعي بطبعه، فلا يستطيع أن يعيش منعزلاً لوحده بعيدا عن الآخرين، ولذلك نراه يعمل على كسب الأصدقاء والإكثار من الإخوان وتكوين علاقات وصداقات اجتماعية وانسانية ناجحة، لما للصداقات الناجحة من فوائد وآثار إيجابية في الدنيا والآخرة، ولذا ورد الحث على كسب الأصدقاء والإكثار منهم، فقد روي عن رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «استَكثِروا مِنَ الإِخوانِ؛ فَإِنَّ لِكُلِّ مُؤمِنٍ شَفاعَةً يَومَ القِيامَةِ».
وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام): «أكثِروا مِنَ الأَصدِقاءِ فِي الدُّنيا؛ فَإِنَّهُم يَنفَعونَ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ؛ أمَّا الدُّنيا فَحَوائِجُ يَقومونَ بِها، وأمَّا الآخِرَةُ فَإِنَّ أهلَ جَهَنَّمَ قالوا: ﴿فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ ، وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ﴾
لكن كيف نعاشر أصدقائنا وكيف نتعامل معهم ؟
عندما نعود الى القران نجد انه اختصر اسلوب التعامل معهم بالاحسان اليهم كما هو الحال بالنسبة الى بقية الشرائح الاجتماعية (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى..وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ).
اما الأحاديث الشريفة فقد فصلت وأوضحت لنا أكثر اسلوب التعامل معهم وشرحت عناوين الاحسان، وأكدت ان نمط الحياة الذي ينبغي اتباعه مع الاصدقاء يجب ان يقوم على الخطوات والسلوكيات التالية:
1-اظهار المحبة والمودة والمشاعر الطيبة والصادقة و الإيجابية لهم كالابتسام في وجوههم، والتودد لهم، واظهار الاهتمام من خلال السؤال عنهم وعن احوالهم واوضاعهم وزيارتهم ومجاملتهم بكلام لبق ولطيف
فلا بد ان يكون الانسان ودوداً في تعامله مع أصدقائه ورفقائه ومعارفه، ولطيفاً معهم، وملاقاتهم بالابتسامة والبشر وطلاقة الوجه وأما ملاقاة الأصدقاء بوجه متجهم عبوس، وناشف فهذا مما يفسد الصداقات والعلاقات العامة.
ولا بد ان تكون محبتهم في الله وليس لاجل مصلحة مادية او خاصة فالمحبة والمودة عندما تكون لله عز وجل ومرتكزة على الإيمان، فإنها تكون صداقة قوية وعميقة ومستمرة؛ لأنها تتصف بالصدق والإخلاص والوفاء. بينما عندما تكون الصداقة قائمة على المصالح المادية والخاصة فقط، ومتجردة من أية قيم أو مبادئ أو أخلاق فإنها تفشل عند أقل خلاف أو تعارض في المصالح.
2-التواضع لهم وعدم التعالي عليهم، فان معاملتهم بتكبر وترفع يفسد الصداقة ايضا ، ولذلك لا بد أن تتواضع لهم، وتعاملهم بأريحية وبساطة، وبدون تصنع وتكلف، حتى وإن كنت أنت أرفع منهم منصباً أو علماً أو شأناً.
التعامل بتواضع مع الأصدقاء، وخفض الجناح لهم ولين الجانب معهم يعزز العلاقة بينك وبينهم ويجعلها قوية ومتماسكة بينما التعامل بتكبر معهم يدمر هذه العلاقة ويفسد الصداقة .
3-احترامهم وتقديرهم والوثوق بهم إحترام اراءهم وافكارهم وعدم الاستخفاف بها فان الاحترام المتبادل بين الأصدقاء عنصر مهم في تمتين الصداقة واستمرارها؛ وأما غياب الاحترام بين الأصدقاء فيؤدي إلى قطع الصلة بينهم،
4-من أهم مقومات الصداقة الناجحة أيضاً: المبادرة لمساعدة الأصدقاء وخصوصاً عند الحاجة والعسرة والضيق، فتعطيهم من مالك ان احتاجوا لمال وتعطيهم من خبرتك وتجربتك وتعطيهم من نصائحك وتنصرهم وتدافع عنهم وتحاول ان تقضي حوائجهم وتفرج كربهم وهمومهم فالصديق قد يواجه في حياته أحياناً بعض المواقف الصعبة والمشاكل والهموم التي يكون فيها بأمسّ الحاجة إلى المعين والناصر والى من يقف جنبه في المحن فيفرج همه وغمه وكربه . فعن الإمام الرضا (عليه السلام) قال: «مَن فَرَّجَ عن مُؤمِنٍ كُربَةً مِنكُرَبِ الدنيا فَرَّجَ اللَّهُ عَنهُ كُربَةً مِن كُرَبِ الآخِرَةِ .