الحديث الرمضاني(1) - نمط العيش الاسلامي
الشيخ دعموش في الحديث الرمضاني: الترويج لنمط الحياة الغربية هو وسيلة إخضاع ثقافيّ وسياسيّ واقتصاديّ.
﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾.
الحياة الطيبة التي يعدنا الله بها لها مقدمات ومن مقدماتها ان يكون سلوك الانسان ونمطه في الحياة واسلوب عيشه منسجما مع نمط الحياة الذي اراده الله واراده الاسلام.
ونمطُ الحياة هو مجموعة السلوكيّات والممارسات والتصرفات الي يتبعها الانسان في حياته وفي علاقته بربه ونفسه والمحيطين به ويتمحور «نمط الحياة»، بشكل أساسيّ، حول القِيَم التي تُحدّد علاقات الإنسان تلك، وتجعله يرجّح نوعًا معيّنًا من التعاملات مع محيطه..
ونمط الحياة مرتبط بفهمنا للحياة والهدف منها. فإذا كان هدف الإنسان المؤمن الوصول إلى رضا الله -تعالى- والسعادة الدنيويّة والأخرويّة... فهذا يفرض عليه نمطا خاصا من السلوك وطريقةً خاصّة في الحياة الدنيا، توصله إلى ذلك الهدف. تفرض عليه الالتزام بقيم ومفاهيم ومواصفات وضوابط توصله الى رضا الله وتنسجم مع انتماءه الى الاسلام فاذا كان الانسان مسلما فان معناه ان عليه ان يلتزم في سلوكه في الحيات مواصفات وقيما وضوابط ونمط حياتي ومعيشي منسجم مع قواعد الاسلام وتشريعاته ومفاهيمه .
ولذلك عندما تتحدث الروايات مثلا عن صفات المسلم او صفات المؤمن تتحدث عن مواصفات خاصة ترتبط بانماط سلوكه الفردي والعائلي والاجتماعي كذلك عندما ينتمي امسلم الى التشيع ومذهب اهل البيت(ع) فان هذا الانتما يفرض عليه سلوكا ونمطا في الحياة اكثر تشددا .
امير المؤمنين يقول: امير المؤمنين(ع): شيعتنا المتباذلون في ولايتنا، المتحابون في مودتنا، المتزاورون في إحياء أمرنا، الذين إن غضبوا لم يظلموا وإن رضوا لم يسرفوا، بركة علىمن جاوروا، سلم لمن خالطوا.
وعن الباقر(ع): أيكتفي من ينتحل التشيع أن يقول بحبنا أهل البيت، فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه وما كانوا يعرفون يا جابر إلا بالتواضع والتخشع والأمانة وكثرة ذكر الله والصوم والصلاة والبر بالوالدين والتعاهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والأيتام وصدق الحديث وتلاوة القرآن وكف الألسن عن الناس إلا من خير، وكانوا امناء عشائرهم في الأشياء.
كل هذه المواصفات هي نمط حياتي وسلوكي واسلوب في العيش والنموذج الذي ينبغي ان نقدمه كمنتسبين للاسلام ولهذا الخط والنهج في السلوك الانساني والحضاري .
والاضر التي تحدد لنا نمط الحياة وكيف ينبغي ان يكون سلوكنا واسلوب عيشنا حيتنا هو:
اولا: القرآن الكريم باعتباره حدد في سوره واياته الأنماط السلوكيَّة التي بها تتحدَّد شخصيّة المؤمن؛ ومن ثمّ الهويّة الإسلاميّة للمجتمع.
حدد مثلا كيف ينبغي ان يكون سلوكنا مع اعداءنا او مع اصدقائنا وكيف ينبغي ان تكون اخلاقنا مه اهل بيتنا ومع جيراننا والناس الذين نعيش معهم حدد الثير من السلوكيات المتعلقة حتى باكلنا وشربنا وملبسنا ومظهرنا وما الى ذلك .
ثانيا الإسلام بكل ما تضمنه من احكام وتشريعات ومفاهيم وقيم دلت عليها الروايات الشريفة فالاسلام أَوْلى الإسلامُ اهتمامًا خاصًّا لنمط الحياة، فجعله منسجمًا مع الأهداف العليا للوجود الإنسانيّ، الذي يضمن صلاح الدنيا
والاخرة. قال تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾.
المقوّمات التي يقوم عليها نمط الحياة الإسلاميّ ونمط العيش هي:
اولا: الاقتصاد والاعتدال: والمقصود منه الابتعاد عن الإسراف والإقتار والتضييق على النفس والعيال (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا) . وقد ورد عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله: «وَعَلَيْكَ بِالقَصْدِ، فَإِنَّهُ أَعْوَنُ شَيْءٍ عَلَى حُسْنِ العَيْشِ».
وهذا النمط الذي يعتمد على الاقتصاد والاعتدال في الماكل والمشرب والملبس وفي كل عناصر الحياة، انما هو في مقابل ثقافة الاستهلاك والصرف غير الضروري الذي يروج له الغرب حيث ان الغرب يدعم شركاتٍ تجاريّةٍ وماليّة عالميّة، تهدف إلى الربح يعمل على زيادة نسبة المستهلكين، وبالطبع تغيير الهويّة الثقافيّة؛ لخلق بيئة ثقافيّة تُروِّج للبضاعة، مستفيدةً من المرأة التي يستغل جسدها ومفاتنها في التسويق والدعاية والاعلان. وتعمل هذه الشركات على درس عادات الشعوب وتقاليدها، لتوظّف ذلك في عمليّة تحويل الأذواق والميول إلى الصور النمطيّة التي تريدها. فظهر الميل نحو شراء الكماليّات على حساب الأساسيّات، وظاهرة التسوّق التي لا تنبع من الحاجة، بل بدأنا نشتري على أساس جمال المكان وأساليب العرض... وليس على أساس الحاجة الواقعيّة.
ثانيا: القناعة: القناعة هي شعور النفس بعدم الرغبة فيما هو أكثر من حاجتها، ويترتّب عليها الرضى بالرزق الإلهيّ، وعدم الاعتماد على غيره. يُروى أنّ الإمام الصادق (عليه السلام) قال لرجلٍ لا يقنع بما يصيب من الدنيا: «إِنْ كَانَ مَا يَكْفِيكَ يُغْنِيكَ، فَأَدْنَى مَا فِيهَا يُغْنِيكَ؛ وَإِنْ كَانَ مَا يَكْفِيكَ لَا يُغْنِيكَ، فَكُلُّ مَا فِيهَا لَا يُغْنِيكَ».
ثالثا: الزهد، والمقصود به عدم التعلّق باللذائذ الدنيويّة، بحيث يكون لها التأثير الكبير على مستوى الحياة، على حساب الأبعاد الأخرويّة للحياة الإنسانيّة. عن الإمام الصادق (عليه السلام): «جُعِلَ الْخَيْرُ كُلُّه فِي بَيْتٍ، وجُعِلَ مِفْتَاحُه الزُّهْدَ فِي الدُّنْيَا».
والقناعة والزهد هما في مقابل ما يروج له الغرب من انماط سلوكية في مجتمعنا تقوم على الاستغراق في ملذات الدنيا واهوائها وشهواتها والانصراف نحو الميوعة والتحلل الاخلاقي والاجتماعي وضرب العادات والتقاليد الايجابية في المجتمع .
هم يريدون ان يروجوا حتى من خلال الموضة،لثقافتهم ونمطهم في العيش فالموضة بأشكالها، تحتل حيِّزًا كبيرًا من حياة أغلب الناس، يُقبِلون عليها تقليدًا للآخر، من دون معرفة الأسباب الحقيقيّة لذلك، متناسين أنّ الموضة تحكي عن نوع الثقافة والقيم التي نحملها، بدءًا من اللّباس والمظهر وتسريحة الشعر والأوشام، وليس انتهاءً بالعبارات والسلوكيّات التي تحكي عن الآخر، وليس عن المجتمع المتديِّن.
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ كَفَرُواْ﴾
الغرب عندما يروج في مجتمعاتنا وبين شعوبنا لثقافته ونمطه في الحياة ونموذجه فانه لا يريد من ذلك الترويج لمجرّد سلوكيّات أو أفكار بعيدا عن أهداف الهيمنة، بل هو وسيلة إخضاع ثقافيّ وسياسيّ واقتصاديّ ومعيشي ، عم يريدون ان يسيطروا على هذه الشعوب لتخضع لسياساتهم واهدافهم . يقول أحد الكتّاب الغربيّين: إنّ وسائل الإعلام الأمريكيّ «تُروِّج عبر العالَم للحلم الأمريكيّ، الذي أصبح هو النمط المثاليّ للحياة، وهو الذي يسعى لتحقيقه كلّ إنسان، وحينها تتلخَّص السعادة بالنسبة إليك، في أنْ ترتدي الجينز الأزرق، وتستمع لموسيقى الروك...».