خطبة الجمعة 14-10-2022 - المؤاخاة عنوان وحدة الأمة
الشيخ دعموش خلال خطبة الجمعة 14-10-2022: الإنجاز الأبرز هو كسر الحظر الأمريكي الذي كان مفروضًا على التنقيب عن النفط واستخراجه.
رأى نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش أن "لبنان بفضل المقاومة والتضامن الوطني ووحدة وثبات الموقف اللبناني، استطاع أن ينتزع من العدو حقوقه النفطية وأن يحصل على كل مطالبه الأساسية"، معتبرًا أن "هذا الانجاز هو إنجاز وطني حققه لبنان بفعل القوة وصلابة الموقف وليس منّة من الأمريكي والإسرائيلي".
ولفت الشيخ دعموش خلال خطبة الجمعة الى أن "الإنجاز الأبرز الذي تحقق من خلال الاتفاق هو كسر الحظر الأمريكي الذي كان مفروضًا على التنقيب عن النفط واستخراجه، والسماح للشركات استئناف عمليات الإستكشاف والتنقيب في كل البحر اللبناني، بعد أن كانت الشركات ممنوعة من العمل بقرار أمريكي".
وقال: "لقد أَفشل هذا الإنجاز كل محاولات العدو الاسرائيلي لوضع يده على ثروات وحقوق لبنان النفطية والغازية، وخرق الحصار الأمريكي المفروض على لبنان، ووضع لبنان على خارطة الدول النفطية، وبعث الأمل لدى اللبنانيين في مستقبل زاهر يستطيعون فيه معالجة أزماتهم الاقتصادية والمعيشية".
وأضاف سماحته: "هناك العديد من أصوات النشاز التي تحاول التقليل من أهمية دور المقاومة فيما حصل، وهذا أمر طبيعي لأن هناك من كان يتمنى بقوة أن لا يتحقق هذا الإنجاز على يدي المقاومة، كما انه من الطبيعي أن يعمل بعض الأطراف على نسبة فضل ما تم إنجازه إليهم، لكن الفضل الأكبر معروف لمن يعود والمهم لدينا هو أن نأكل العنب وان ينعم لبنان وكل اللبنانيين بثرواتهم وأن لا تضيع أموالهم مجددًا في جيوب الفاسدين والناهبين".
وشدد الشيخ دعموش على أن "لبنان بحاجة الى استقرار سياسي ودستوري ليتمكن من الاستفادة من الثروة النفطية والغازية ومن معالجة ازماته في ظروف ملائمة"، مؤكدًا أن "مدخل ذلك هو إنجاز انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل الحكومة".
واعتبر أن "فرض اسم تحدٍ لرئاسة الجمهورية من قبل بعض الكتل، يهدر الوقت ويؤخر إنجاز هذا الاستحقاق، لافتًا إلى أن "من يأخذ البلد الى الفراغ ليس من يبحث عن توافق بل هو من يطرح أسماء لرئاسة الجمهورية للتحدي واستفزاز الآخرين".
وختم الشيخ دعموش بالقول: "من يبحث عن الاستقرار عليه أن يعمل على التوافق والتفاهم بين اللبنانيين، لأن التوافق هو المدخل الأساسي للاستقرار السياسي الذي يحتاجه بلدنا في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها".
نص الخطبة
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم وهو يتحدث عن النبي الاعظم محمد بن عبد الله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ).
من أبرز الاعمال التي قام بها النبي (ص) والتي تكشف عن رحمته وحنكته وحسن تدبيره وسمو إنسانيته، المؤاخاة بين المسلمين.
ونظرا لاهمية هذا المفهوم وحرص الاسلام على ارساء الوحدة بين المسلمين فقد قام النبي(ص) بالمؤاخاة بين المسلمين مرتين:
الأولى : في مكة قبل الهجرة الى المدينة , حيث آخى بين المسلمين المكيين الذين كانوا قد دخلوا في الاسلام حديثاً، وقد آخى بينهم على الحق والمساواة .
وكان الهدف من هذه المؤآخاة تحطيم التفاوت الطبقي والقبلي والاقتصادي فيما بين المسلمين, لأنه كان فيهم الاشراف والأغنياء والتجار ورجال الاعمال وكان فيهم البسطاء العاديين والفقراء والمساكين والعبيد المعتقين, فكان لا بد من تحطيم هذه الفوارق الاجتماعية والمعيشية والتعبير بشكل عملي عن المساواة الاسلامية وتعميق العلاقة الايمانية كعنصر جامع ومشترك بينهم وانه لا فرق بين مسلم ومسلم وان الجميع متساون في الاسلام والايمان .
وكما قال النبي (ص): ( لا فرق بين عربي و لا أعجمي و لا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى ).
وفي حديث اخر عنه(ص): في خطبته بحجة الوداع: (أما بعد أيها الناس، ألا إن ربكم واحد، ألا وإن أباكم واحد،ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأسود على أحمر، ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى، إن أكرمكم عند الله أتقاكم).
المؤاخاة وتعاليم النبي(ص) بالمساواة ترشدنا إلى أن ينظر الواحد منا للمسلم الآخر كأنه اخاه في النسب فيحب له ما يحبه لنفسه من الأمن والخير والطمأنينة والاستقرار على قاعدة: (لا يؤمن احدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه).
المؤاخاة الثانية : في المدينة المنورة حيث آخى بين المهاجرين والانصار بعد حوالى خمسة أشهر من الهجرة الى المدينة , وكان هدفها:
أ- تأكيد وحدة المسلمين بالقضاء على التناقضات الداخلية فيما بينهم , لا سيما بين الأوس والخزرج,خصوصاً أن المسلمين كانوا مجتمعاً ناشئاً يواجه تحديات كبيرة.تحديات المشركين واليهود والمنافقين داخل المدينة.
هذه التحديات كانت تتطلب اول شيء ازالة التناقضات والأحقاد والثارات والحساسيات القبيلة بينهم لكي يكونوا كتلة واحدة متآلفة ومتعاونة.
ب- علاج التفاوت الشديد بين المسلمين الأنصار والمهاجرين حيث ان الانصار كانو اغنياء وفي ديارهم وبين أرزاقهم ، بينما المهاجرون كانوا مهجرين من ديارهم وقد تركوا اموالهم وارزاقهم وممتلكاتهم ورائهم في مكة وهاجروا صفر اليدين الى المدينة بسبب دخولهم في الاسلام , فكان لا بد من المؤآخاة لتحقيق مبدأ المساواة .
ج-إيجاد البديل الأنسب للمهاجرين عما فقدوه من إخوة الدم والقرابة , فهم بسبب الاسلام فقدوا العشيرة والقبيلة والسند والاخوان فجاءت الأخوة مع الانصار لتسد هذا الفراغ وتبعد عنهم الشعور بالوحدة.
النبي(ص) بخطوة المؤآخاة يقدم للبشرية أنبل نموذج إنساني في المساواة والمواساة والعدل بين البشر بينما الغرب وادعياء الحضارة الحديثة يقدمون ابشع صور التمييز العنصري بين البشر .
انظروا الى ما يحصل في اميركا وفي اوروبا تجاه السود بسبب لون بشرتهم ولمجرد انهم سود . تقول الاحصاءات والمعلومات جمعها موقع "خرائط جرائم الشرطة"، المتخصص برصد انتهاكات العنف للشرطة المحلية في اميركا، أن العنف الذي تستخدمه الشرطة الأمريكية ضدالسود أدى لمقتل 7666 شخصاً، في الفترة ما بين 2013-2019. وان السود يتعرضون للعنف 3 أضعاف البيض.
واليوم هناك شبه إجماع على أن العنصرية ضد اصحاب البشرة السوداء متغلغلة في المجتمع الأمريكي والمجتمعات الغربية.
وكلنا يعرف ايضا ان حكومة البيض الغربيين المستعمرين في جنوب أفريقيا مارست على عقود أسوأ ألوان سياسات التمييز العنصري في هذا العصر، حيث احتكرت الأقلية البيضاء، المنحدرة من أصول أوروبية، من أحفاد المستوطنين الهولنديين الأوائل، الذين يعرفون باسم الأفريكانيين، وهم لا يشكلون اكثر من نسبة 14% من السكان، احتكروا السلطة السياسية ومارسوا تجاه الأغلبية السوداء من السكان الأصليين، سياسة الفصل والتمييز العنصري بابشع صورها، فقد حددت للسود مساحات خاصة لحياتهم لا تتجاوز 13% من مجموع مساحة البلاد، وكان عليهم إبراز هويات شخصية للدخول إلى الأحياء التي يقطنها البيض، وكانت مدارس الدولة معزولة عزلاً عنصرياً كاملاً، كما لم يكن ممكنا لغير البيض الالتحاق بالوظائف المتقدمة المخصصة للبيض، واستمرت هذه السياسة حتى عام 1991م، حيث ألغيت بفضل صمود ونضال الشعب، والتضامن الدولي معه.
اليوم إسرائيل هي ابرز نموذج للممارسات العنصرية الظالمة حيث تمارس هذه السياسة بحق الشعب الفلسطيني بدعم أمريكي كامل، وهناك في عديد من بلدان العالم الغربي حالات من التمييز بين الناس معلنة أو غير معلنة، تتم بمختلف الأشكال والعناوين.
الاسلام جاء ليقضي على مثل هذه الممارسات الظالمة بحق الشعوب من خلال مفهوم المساواة والمؤاخاة .
النبي(ص) بخطوة المؤآخاة ايضا يقدم للمسلمين اسمى معاني الوحدة والتآلف والتآزر والتعاون فيما بينهم , بينما بعض الوهابية والتكفيريون يقدمون أسوء نموذج في إثارة الاحقاد والبغضاء والتكفير والتفريق بين المسلمين على اساس مذهبي وعرقي وعربي وفارسي وما شاكل ذلك.
وجرائم التكفريين والوهابيين في السنوات الاخيرة بحق المسلمين والمسيحيين في العراق وسوريا ولبنان وباكستان وافغنستان وغيرها من دول العالم معروفة ومشاهدة ولا تخفى على احد.
الاسلام من خلال المؤاخاة يؤكد على وحدة المسلمين بكل طوائفهم ومذاهبهم والوانهم وجنسياتهم واعراقهم ودولهم ووحدة أهدافهم ومصيرهم .
اليوم الدول الإسلامية والمسلمون معنيون بالعودة الى القيم التي ارساها النبي الاعظم(ص) على مستوى المؤاخاة والاخوة الايمانية والاسلامية، وانهاء حالة التشرذم والانقسامات والخلافات والنزاعات تحت اي عنوان من العناوين كانت، مذهبية أو قومية أو سياسية او غير ذلك.
الخلافات والانقسامات في العالم الاسلامي أدت إلى إضعاف المسلمين ودولهم وجعلت الأعداء يستفردون بكل دولة من هذه الدول ويعبثون بأمنها وسياستها واقتصادها.
اليوم الدول الإسلامية مدعوة الى التعاون والتفاهم ومعالجة الخلافات وإصلاح العلاقات والارتقاء إلى مستوى التحديات والتوجه نحو العمل المشترك لمواجهة التحديات التي تهدد الامة، وتهدد كل دولة من دول العالم الاسلامي.
الوحدة والتضامن والتعاون يحتاج الى ارادة سياسية من الجميع، ووعلى الجميع رفض النهج التكفيري بكل اشكاله لانه يشكل تهديدا حقيقيا للوحدة ويؤدي إلى الإطاحة بكل منجزاتها التي تحققت حتى الان.
اليوم بالوحدة والتضامن والثبات والصمود والاستعداد للتضحية نستطيع ان نصنع الانجازات والانتصارات لامتنا وبلداننا وان نصنع مستقبلا زاهرا لابنائنا وللاجيال الاتية.
واليوم لبنان بفضل المقاومة والتضامن الوطني ووحدة وثبات الموقف اللبناني استطاع ان ينتزع من العدو حقوقه النفطية وان يحصل على كل مطالبه الاساسية.
وهذا الانجاز هو انجاز وطني حققه لبنان بفعل القوة وصلابة الموقف وليس منّة من الامريكي والاسرائيلي.
والإنجاز الأبرز الذي تحقق من خلال الاتفاق هو كسر الحظر الامريكي الذي كان مفروضا على التنقيب عن النفط واستخراجه ، والسماح للشركات استئناف عمليات الإستكشاف والتنقيب في كل البحر اللبناني. حيث كانت الشركات ممنوعة من العمل بقرار امريكي.
لقد افشل هذا الانجاز كل محاولات العدو الاسرائيلي لوضع يده على ثروات وحقوق لبنان النفطية والغازية، وخرق الحصار الامريكي المفروض على لبنان، ووضع لبنان على خارطة الدول النفطية، وبعث الأمل لدى اللبنانيين في مستقبل زاهر يستطيعون فيه معالجة ازماتهم الاقتصادية والمعيشية .
اليوم هناك العديد من اصوات النشاز التي تحاول التقليل من اهمية دور المقاومة فيما حصل، وهذا امر طبيعي لان هناك من كان يتمنى بقوة ان لا يتحقق هذا الانجاز على يدي المقاومة ، كما انه من الطبيعي ان يعمل بعض الاطراف على نسبة فضل ما تم انجازه اليهم لكن الفضل الأكبر معروف لمن يعود، والمهم بالنسبة لنا هو ان نأكل العنب وان ينعم لبنان وكل اللبنانيين بثرواتهم وان لا تضيع اموالهم مجددا في جيوب الفاسدين والناهبين.
اليوم امام هذا الانجاز لبنان بحاجة الى استقرار سياسي ودستوري ليتمكن من الاستفادة من الثروة النفطية والغازية ومن معالجة ازماته في ظروف ملائمة، والمدخل الى ذلك هو انجاز انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل الحكومة .
فرض اسم تحدٍ لرئاسة الجمهورية من قبل بعض الكتل النيابية يهدر الوقت و يؤخر انجاز هذا الاستحقاق.
من يأخذ البلد الى الفراغ ليس من يبحث عن التوافق بل هو من يطرح اسماء لرئاسة الجمهورية للتحدي واستفزاز الاخرين.
من يبحث عن الاستقرار عليه ان يعمل على التوافق والتفاهم بين اللبنانيين لان التوافق هو المدخل الاساسي للاستقرار السياسي الذي يحتاجه بلدنا في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها.
