خطبة الجمعة 8-7-2022 - الاختبار الإلهي والتسليم المطلق
الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 8-7-2022: المقاومة هي عنصر قوة حقيقي للبنان يمكنه أن يستند اليها لانتزاع حقوقه واستخراج ثرواته النفطية.
شدّد نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة على أن العيد الحقيقي للبنانيين هو عندما يتجاوزون الأزمات التي يتسبب بها الحصار الأميركي المفروض عليهم، لأن ما يعاني منه اللبنانيون من مشكلات لا سيما على صعيد الكهرباء سببه أميركا التي تعرقل استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن، وتعطل الحلول، وتضع الفيتوات على العروض المقدمة للبنان من بعض الدول الصديقة كالصين وروسيا وإيران وغيرها لإنتاج الكهرباء.
واعتبر الشيخ دعموش أن هذه العروض كان من الممكن -لو امتلك المسؤولون اللبنانيون الجرأة والشجاعة وقبلوا بها- أن تعالج هذه المشكلة وأن ينعم اللبنانيون بالنور بدل العتمة، لكن المشكلة أن المسؤولين في لبنان يخافون من أميركا وينصتون للسفيرة الأميركية ولا يملكون شجاعة الاعتراض والإقدام والموقف الحر، ومن كان كذلك لا يمكنه أن يبني وطنًا، وهو أعجز من أن يعالج أزمات البلد ويحل مشكلة الكهرباء والماء والنفايات وغيرها.
وقال: "اليوم اذا أراد اللبنانيون الخروج من نفق الأزمات عليهم أن يتحرروا من القبضة الأميركية ولا ينجروا وراء الوعود الأميركية الكاذبة، فأميركا لا تريد لبنان بلدًا قويًا، ولا تريده أن يستند الى عناصر قوته ليحمي ثرواته وغازه ونفطه، فأميركا تريد لبنان بلدًا ضعيفًا هزيلًا على كل المستويات، لتمكين العدو من تحقيق أطماعه في ثرواته وغازه ونفطه، بينما حزب الله يريد للبنان أن يبقى قويًا وصلبًا في مواجهة التهديدات والأطماع الصهيونية.
وأكد الشيخ دعموش أن حزب الله تمكّن من خلال مراكمة عناصر القوة أن يثبت معادلة الردع في مواجهة العدو "الاسرائيلي"، لافتًا إلى أن التهديدات "الاسرائيلية" للبنان هي نتيجة قلق هذا الكيان وخوفه من الذهاب نحو الحرب، فالعدو خائف وليس لديه قرار بالحرب لأنه قد يعرف كيف يبدأ الحرب ولكنه لن يعرف كيف ستنتهي وما هي النتائج التي ستفضي اليها.
ولفت إلى أنّ المقاومة هي عنصر قوة حقيقي للبنان يمكنه أن يستند اليها لانتزاع حقوقه واستخراج ثرواته النفطية، وأي تشكيك في فعل المقاومة هو إضعاف لموقف لبنان وتفريط بعناصر قوته.
نص الخطبة
قال الله تعالى حكاية عن إبراهيم (ع): [رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِين، فَبَشَّرْناهُ بِغلامٍ حَلِيمٍ، فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِين* وَنادَيْناهُ أَن يا إِبْرَاهِيمُ* قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَآ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِين* إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاَءُ الْمُبِينُ* وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ* وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخرينَ* سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ* كَذَلِكَ نَجْزي الْمُحْسِنِينَ* إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِين*]. الصافات/ 100 ـ 111
يرتبط عيد الأضحى بقضية استعداد إبراهيم(ع) للتضحية بإبنه اسماعيل(ع) استجابة لأمر الله، فقد طلب ابراهيم بداية من الله أن يرزقه ولداً صالحاً(رَبِّ هَبْ لِى مِنَ الصَّالِحِينَ) حيث كان قد تقدم به السن ولم يكن له ولد، فاستجاب الله لدعائه ورزقه بولد حليم (فبشّرناه بغلام حليم) فانسرّ إبراهيم الذي كان ينتظر لسنوات طويلة ان يرزقه الله بولد صالح ، الا انه عندما وصل ولده الذي سماه اسماعيل إلى مرحلة من العمر يستطيع فيها السعي والعمل وبذل الجهد مع والده في مختلف شؤون الحياة وإعانته على اُموره، أمره الله بذبحه والتضحية به! ( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْىَ قَالَ يَـبُنَىَّ إِنِّى أَرَى فِى الْمَنَامِ أَنِّى أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى) وكان عمر إسماعيل أنذاك ثلاثة عشر سنة، هذا المنام يدلّ على بدء إمتحان واختبار صعب وعسير آخر لهذا النّبي العظيم يضاف الى بقية الإمتحانات التي مرّ بها، فقد رأى في المنام أنّ الله يأمره بذبح إبنه الوحيد وقطع رأسه، ومن المعلوم أنّ ما يراه الأنبياء في نومهم هو حقيقة وليس من وساوس الشياطين، وبالتالي فإن المطلوب من إبراهيم تنفيذ الأمر الألهي بحق إبنه الوحيد الشاب اليافع الحليم المميز بصفاته والذي رزق به بعد طول انتظار.
ولكن قبل كلّ شيء، فكّر إبراهيم (ع) في إعداد إبنه لهذا الأمر، فعرض الأمر عليه حيث (قال يابني إنّي أرى في المنام أنّي أذبحك، فانظر ماذا ترى؟).
والولد الذي كان صورة طبق الأصل عن والده، والذي تعلم خلال فترة عمره القصيرة الصبر والثبات والإيمان والتسليم والإذعان لأمر الله من والده، أبدى استعداده من دون تردد أو امتعاض وبكل رحابة صدر وطيب خاطر للالتزام بالأمر الإلهي، وبصراحة واضحة قال لوالده: (قال يا أبت افعل ما تؤمر) ولا تفكّر في أمري، فانّك (ستجدني إن شاء الله من الصابرين) أي افعل ما أنت مأمور به، فإنّني مسلم بأمر الله سبحانه.
فلما سلما بأمر الله وحان وقت التنفيذ وتله للجبين أي أنّه وضع جبين ولده على الأرض، حتّى لا تقع عيناه على وجه إبنه فتهيج عنده عاطفة الاُبوّة وتمنعه من تنفيذ الأمر الإلهي, أو يحصل لديه تردد بذلك.جاء النداء الألهي(وناديناه أن يا إبراهيم قد صدّقت الرؤيا إنّا كذلك نجزي المحسنين).
ويظهر من خلال هذا السرد ان نبي الله إبراهيم ابدى كامل استعداده لتلبية أمر الله في ذبح ابنه إسماعيل بالرغم من مجموعة أمور صعبة:
أولاً: ان إسماعيل كان ولده الوحيد الذي رزقه الله به في شيخوخته بعد طول انتظار, ومن الطبيعي أن يكون تعلق إبراهيم بإبنه أشد وحبه له أعظم وأكبر.
ثانياً: إن الله أمره بذبحه وهو في ريعان أيامه وفي السن الذي يزداد تعلق الوالدين عادة بولدهما.
ثالثاً: إن هذا الولد إسماعيل الذي أُمر بذبحه هو في أعلى درجات الكمال الإنساني, هو ولد مميز في ايمانه وعقله وسلوكه واخلاقه واستقامته.. وهذا ما يزيد من تعلق ابراهيم به وحبه له.
ورابعاً: إن الله يأمر إبراهيم أن يذبح هذا الولد الذي يمتلك هذه الصفات والخصائص.. بيديه, وهذا أبلغ في الاختبار والمسؤولية.
ومع كل ذلك فإن إبراهيم أبدى كامل استعداده لتلبية أمر الله والاستجابة له وتنفيذه من دون أن يسأل عن السبب والغاية والهدف, ومن دون أن يتبرم أو يستنكر أو يمتعض, ومن دون ان يحتار ويتردد في ذلك.
كل ذلك لأنه واثق بأن الله لا يختار له ولا يأمره إلا بما هو حسن, وفيه صلاح له ولإبنه.
في المقابل, فإن إسماعيل لم يتردد أيضاً, ولم يكن منه إلا التسليم لأمر الله والانقياد له بثقة ورضى كاملين, ولكنه لا يعتبر هذا التسليم شجاعة وصبراً وبطولة وإنما يعتبره خضوعاً لإرادة الله ومشيئته.
وطبعاً ذبح إسماعيل وإراقة دمه لم يكن هو المقصود النهائي لله تعالى وإنما كان المقصود هو البلاء والامتحان والاختبار لإبراهيم وولده إسماعيل [إن هذا لهو البلاء المبين].
وحكمة هذا البلاء :
اولا: اظهار فضل ابراهيم واسماعيل للناس، ليكونا قدوةً لهم في المواقع التي يبحثون فيها عن القدوة الحسنة الرائدة في الانقياد والتسليم لمشيئة الله.
ثانيا: أن يزيد في تزكية وتصفية نفس إبراهيم ونفس إسماعيل في مراحل إعداده لتحمل المسؤولية الكبرى, مسؤولية النبوة وقيادة الأمة.
وما نستفيده من هذه القصة عموما:
أولاً: يجب أن يكون الله سبحانه وتعالى أحبّ إلى الإنسان من كل شيء, أحب إليه من ابنه وولده وأهله وعشيرته وماله وملكه وحزبه وزعيمه وكل شيء, كما كان الله أحب إلى إبراهيم وإبنه إسماعيل من كل شيء.
وهذا ما نصت عليه الآية الكريمة: [قُلْ إِن كَانَ ءَابَآؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَٰنُكُمْ وَأَزْوَٰجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَٰلٌ ٱقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَٰرَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَٰكِنُ تَرْضَوْنَهَآ أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَجِهَادٍۢ فِى سَبِيلِهِۦ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّىٰ يَأْتِىَ ٱللَّهُ بِأَمْرِهِۦ ۗ وَٱللَّهُ لَا يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلْفَٰسِقِينَ]. التوبة/ 24.
ثانياً التسليم المطلق لأمر الله والرضا بأمره والاستجابة لإرادته في كل شيء.. لا أن يستجيب لله في شيء وشيء.. يستجيب لله عندما يكون أمر الله منسجماً مع أهوائه وشهواته ومصالحه وآماله وطموحاته, وعندما لا يكون كذلك يتمرد على الله..
المطلوب التسليم في كافة الأمور [ادخلوا في السلم كافة].
الإسلام ليس مجرد انتماء وانتساب أجوف, ولا ادعاء فارغ, ولكنه إيمان راسخ ويقين صادق, علامته الخضوع والانقياد والتسليم لأمر الله ومشيئته وإرادته والرضا بقضائه.
وعندما يحقق الانسان هذا المستوى من الايمان الراسخ والتسليم لامر الله فذلك هو العيد الكبير.
والعيد الكبير ايضا هو اليوم الذي يضحي فيه الإنسان بشهواته وأنانيته ويلتزم بواجباته وما افترضه الله عليه بكل رضى وتسليم.
العيد الكبير هو اليوم الذي تعود فيه الأمة الإسلامية إلى قيمها وجذورها الإيمانية الأصيلة فتتوحد وتخرج من عصبياتها المذهبية، وتلتزم مبادئ الرحمة والصفح في التعامل مع بعضها وتسعى نحو عزتها واستعادة كرامتها.
العيد الكبير هو عندما تتخلص الامة من التبعية لاميركا وتعي ان ادارتها هي العدو الحقيقي لهذه الامة ولكل القيم الالهية والانسانية وانها الراعية الاساسي للكيان الصهيوني وارهابه وانها السبب في الكثير من الحروب والازمات والويلات والمصائب التي تعاني منها دول وشعوب في العالم لا سيما دول وشعوب هذه المنطقة
العيد الحقيقي للبنانيين هو عندما يتجاوزون الازمات التي يتسبب بها الحصار الامريكي المفروض عليهم، لان ما يعاني منه اللبنانيون من مشكلات لا سيما على صعيد الكهرباء سببه اميركا التي تعرقل استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الاردن وتعطل الحلول وتضع الفيتوات على العروض المقدمة للبنان من بعض الدول الصديقة كالصين وروسيا وايران وغيرها لانتاج الكهرباء ، هذه العروض كان من الممكن لو امتلك المسؤولون اللبنانيون الجرأة والشجاعة وقبلوا بها ان تعالج هذه المشكلة وان ينعم اللبنانيون بالنور بدل التعمة، لكن المشكلة ان المسؤولين في لبنان يخافون من اميركا وينصتون للسفيرة الامريكية ولا يملكون شجاعة الاعتراض والاقدام والموقف الحر ، ومن كان كذلك لا يمكنه ان يبني وطنا، وهو اعجز من ان يعالج ازمات البلد ويحل مشكلة الكهرباء والماء والنفايات وغيرها.
اليوم اذا اراد اللبنانيون الخروج من نفق الازمات عليهم ان يتحرروا من القبضة الامريكية وان لا ينجروا وراء الوعود الامريكية الكاذبة، فاميركا لا تريد لبنان بلدا قويا ، ولا تريده ان يستند الى عناصر قوته ليحمي ثرواته وغازه ونفطه، اميركا تريد لبنان بلدا ضعيفا هزيلا على كل المستويات، لتمكين اسرائيل من تحقيق اطماعها في ثرواته وغازه ونفطه، بينما حزب الله يريد للبنان ان يبقى قويا وصلبا في مواجهة التهديدات والاطماع الصهيونية،
لقد تمكن حزب الله من خلال مراكمة عناصر القوة ان يثبت معادلة الردع في مواجهة العدو الاسرائيلي، والتهديدات الاسرائيلية للبنان هي نتيجة قلق هذا الكيان وخوفه من الذهاب نحو الحرب، فاسرائيل خائفة وليس لديها قرار بالحرب لانها قد تعرف كيف تبدأ الحرب ولكنها لن تعرف كيف ستنتهي وما هي النتائج التي ستفضي اليها .
اليوم المقاومة هي عنصر قوة حقيقي للبنان يمكنه ان يستند اليها لانتزاع حقوقه واستخراج ثرواته النفطية، واي تشكيك في فعل المقاومة هو اضعاف لموقف لبنان وتفريط بعناصر قوته.