خطبة الجمعة 28-1-2022 | خدمة الناس قيمة دينية وانسانية
الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 28-1-2022: نرفض كل بند في الموازنة يحمل الفقراء وذوي الدخل المحدود ضرائب اضافية.
شدد نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: على اننا منذ بداية الازمة سعينا في خدمة الناس وكانت أولويتنا ولا زالت الوقوف الى جانب الناس والتخفيف من معاناتهم وتأمين ما أمكن من احتياجاتهم ، وهذا واجبنا بل اقل الواجب تجاه اهلنا الاوفياء وليس مباهاة او منّة او تفضلا .
واشار الى ان حزب الله سخر كل امكاناته المتاحة للتخفيف من تداعيات الازمة، وقدم كل ما يقدر عليه في خدمة الناس وفي مختلف المجالات، في المجال الصحي والغذائي والاجتماعي والتربوي والزراعي وفي مجال الطاقة والمحروقات وغير ذلك، وما قدمه حزب الله في هذه المجالات تفوق ارقامه ومعطياته حدود المتوقع، مع اننا لسنا دولة ولا نقدم انفسنا بديلا عن الدولة، ولا نعفي الدولة من مسؤولياتها .
ولفت: الى ان الدولة يجب ان تقوم بمسؤولياتها تجاه المواطنين وان تعالج ازماتهم وان تساعدهم وتخفف من اعبائهم لا ان تزيد في اعبائهم، ولذلك نحن نرفض كل بند في الموازنة يحمل الفقراء وذوي الدخل المحدود ضرائب اضافية، ويعفي حيتان المال والاغنياء واصحاب المصالح الكبرى من الرسوم، او يساوي بينهم وبين الفقراء في الضرائب.
ورأى: ان الموازنة يجب ان تكون منصفة للطبقة الفقيرة والمعسرة، ومعها لا عليها، وان تراعي حقوقها ، ولا تحمّلُها تداعيات الازمة الاقتصادية والمالية التي تعصف بالبلد.
وقال: لقد تحمل المواطنون العاديون والفقراء بسبب الازمة والفساد والحصار تبعات كثيرة، نهبت أموالهم من الفاسدين ومهربي الاموال للخارج وصودرت ودائعهم في المصارف والبنوك وفقدوا قيمة ما تبقى لديهم من عملة وطنية في لعبة الدولار، فلا يجوز تحميلهم المزيد من التبعات والاعباء والرسوم تحت اي حجة او ذريعة.
وطالب الحكومة ان تتحرك بالشكل المطلوب لاقرار المساعدات الاجتماعية والعمل على تحسين الاوضاع المعيشية للموظفين في القطاعات المختلفة والاسراع في انجاز خطة التعافي الاقتصادي.
نص الخطبة
قال الله في كتابه الكريم: فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا، وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا .
الوقوف الى جانب الناس في همومهم وازماتهم وحاجاتهم ومدّ يد العون للناس، ومساعدتهم وقضاء حوائجهم، والتخفيف من معاناتهم، هو من اعظم الاعمال الصالحة، وهو قيمة دينية واجتماعية واخلاقية وانسانية أكدت عليها الكثير من الآيات والاحاديث الواردةعن المعصومين (ع).
من الايات: الاية التي تلوتها في بداية الحديث، وقوله تعالى: وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين”.
وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ
وقوله عز وجل في سورة المائدة:” وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ”. وهذه دعوة من الله عز وجل كي نتعاون فيما بيننا على الخير وعلى مساعدة بعضنا البعض.
وقوله تعالى :” يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون”.
وهنا يامرنا الله عز وجل بفعل الخيرات ونشر عمل الخير فيما بيننا.
اما الاحاديث: فهناك عشرات الروايات الورد عن رسول الله وائمة اهل البيت التي حثت على خدمة الناس.
فقد اعتبرت الروايات:
أ-خدمة الناس خدمة لله سبحانه وتعالى ، فمن يخدم الناس فكأنما يخدم الله في الحقيقة، فعن الإمام الصادق (عليه السلام): (من قضى لأخيه المسلم حاجة كان كمن خدم الله تعالى عمره).
يقول الإمام الخميني (قده) في بعض كلماته وهو يشير الى هذه الحقيقة: (ليهيئ الأحبة الأعزاء أنفسهم لخدمة الإسلام والشعب المحروم، وليشدوا الأحزمة لخدمة العباد التي تعني خدمة الله).
ب-خدمة الناس عبادة يتقرب الانسان فيها الى الله كما يتقرب بسائر العبادات ، بل أكّدت الأحاديث أنّ خدمة الناس هي أعظم من كثير من العبادات التي يقوم بها الإنسان، وهذا ما يظهر بوضوح من الأحاديث الواردة عن النبي (ص) وأهل البيت (عليهم السلام):
فعن النبي (ص): مَن قضى لأخيه المؤمن حاجة كان كمن عبد الله دهره.
وعنه (ص): والله، لقضاء حاجة المؤمن خير من صيام شهر واعتكافه.
وعنه (ص): مَن مشى في حاجة أخيه ساعة من ليل أو نهار، قضاها أو لم يقضِها، كان خيراً له من اعتكاف شهرين.
وعن ميمون بن مهران: كنت جالسًا عند الحسن بن عليّ (عليه السلام) فأتاه رجل، فقال له: يا بن رسول الله، إنّ فلانًا له عليّ مال، ويريد أن يحبسني، فقال (عليه السلام): والله ما عندي مالٌ فأقضي عنك»، قال: فكلّمه، قال: «فلبس (عليه السلام) نعله»، فقلت له: يا بن رسول الله، أنسيتَ اعتكافك؟ فقال له: «لم أنس، ولكنّي سمعت أبي (عليه السلام) يحدّث عن جديّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: من سعى في حاجة أخيه المسلم، فكأنّما عبد الله عزّ وجلّ تسعة آلاف سنة، صائمًا نهاره، قائمًا ليله.
وعن الإمام الباقر (عليه السلام): لقضاءُ حاجة رجل مسلم أفضل من عتق عشر نسمات، واعتكاف شهر في المسجد الحرام .
وعنه (عليه السلام) : لإن أعول أهل بيت من المسلمين وأُشبع جوعتهم وأكسو عريهم وأكف وجوههم عن الناس أحبّ إليّ من أن أحج حجة وحجة وحجة حتى إنتهى إلى عشرة ومثلها ومثلها ومثلها حتى إنتهى إلى سبعين .
وعن الإمام الصادق (عليه السلام): قضاء حاجة المؤمن خير من عتق ألف رقبة، وخير من حملان ألف فرس في سبيل الله.
وعنه (عليه السلام): والذي بعث بالحقّ محمّدًا بشيرًا ونذيرًا، لَقَضاء حاجة امرئٍ مسلم، وتنفيس كربته، أفضل من حجّة وطواف، وحجّة وطواف حتّى عدّ عشرة، ثمّ خلّى يده وقال: اتقوا الله، ولا تملّوا من الخير، ولا تكسلوا.
وعنه (عليه السلام) مشيُ المسلم في حاجة المسلم خير من سبعين طوافًا بالبيت الحرام.
وعنه (عليه السلام): لقضاء حاجة امرئ مؤمن أحبّ إلى الله من عشرين حجة كل حجة ينفق فيها صاحبها مائة ألف"
يقول الإمام الخميني (قده): (لا أظن أن هناك عبادة أفضل من خدمة المحرومين). فخدمة الناس هي عبادة تقرب إلى الله تعالى ولابد نقصد بها وجه الله سبحانه وتعالى .
ج-خدمة الناس أحبّ الأعمال إلى الله تعالى: فالله يحب خدمة الناس ويحب من يخدمهم، ففي الرواية عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): (الخلق كلهم عيال الله فأحب خلقه إليه أنفعهم لعياله).
وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من أحب الناس إلى الله؟ قال: أنفع الناس للناس).
وعن الإمام الصادق عليه السلام، عن أبيه، قال: “سُئِل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أيّ الأعمال أحبّ إلى الله؟ قال: اتّباع سرور المسلم، قيل: يا رسول الله، وما تّباع سرور المسلم؟ قال: شبعة جوعه، وتنفيس كربته، وقضاء دينه.
د- خدمة الناس رحمة من الله سبحانه، فمن خدم الناس نال رحمة الله وقَبِلَها، ومن ردّها يكون قد رَدَّ رحمة الله تعالى، فعن الامام الصادق (عليه السلام): أيّما مؤمنٍ أتاه أخوه في حاجة، فإنّما ذلك رحمة ساقها الله إليه، وسبّبها له، فإن قضى حاجته كان قد قبل الرحمة لقبولها، وإن ردّه عن حاجته، وهو يقدر على قضائها، فإنّما ردّ عن نفسه الرحمة التي ساقها الله إليه، وسبّبها له، وذخرت الرحمة إلى يوم القيامة .
وخدمة الناس لا تنحصر بالشؤون المادية من قبيل مساعدة الناس بالمال فقط بل كل طاقة او امكانات يمتلكها الانسان ويمكن ان يقدمها لمن يحتاج اليها سواء كانت مادية او معنوية ، هي تندرج في اطار خدمة الناس .
فالطَّاقات والإمكانات الّتي يمتلكها الإنسان، سواء كانت مالاً او علما أو خبرة أو رأياً أو علاقات أو نصيحة، لا يحقّ له، وبصرف النظر عن حجمها، أن يبخل بها على أحد؛ مادام هناك من يحتاج إليها، لان الامكانات التي يملكها الإنسان ليست ملكاً له وحده، بل للآخرين فيها نصيب، هو استفاد من الآخرين للحصول عليها، وعليه أن يفيدهم بها، وسيسأله الله عن ذلك: (ثمّ لتُسأَلنَ يومئذٍ عن النّعيم) التّكاثر: 8 .
وقد ورد في الحديث: "إنَّ الله لم ينعم على عبدٍ بنعمةٍ، إلا وقد ألزمهُ فيها الحجَّة من قبله، فمن منَّ الله عليه فجعله قويّاً، فحجّته عليه القيام بما كلّفه، واحتمال من هو دونه ممن هو أضعف منه، ومن منَّ الله عليه فجعله موسَّعاً عليه، فحجّته ماله، يجب عليه فيه تعاهد الفقراء بنوافله، ومن منَّ الله عليه فجعله شريفاً في نسبه، جميلاً في صورته، فحجّته عليه أن يحمد الله على ذلك، وألا يتطاول على غيره، فيمنع حقوق الضّعفاء لحال شرفه وجماله".
خدمة الناس يجب ان تقترن بالاخلاص ايضا، بان تكون نية الانسان عندما يبادر لخدمة الناس خالصة لوجه الله سبحانه وتعالى على قاعدة:{إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً} لا من اجل الحصول على شهرة او مكسب اجتماعي او اداري او سياسي او انتخابي، بل من اجل الحصول على رضا الله وابتغاء وجه الله والقيام بالمسؤولية التي حملنا الله اياها تجاه الناس واتجاه اهلنا وشعبنا.
هذه هي النية التي يجب أن تقف وراء عمل الانسان والخدمة التي يقدمها للناس ، يقول الإمام الخميني (قده): (ولا تسعى لكسب السمعة والمحبوبية من خلال هذه الخدمة فهذه بحد ذاتها من حبائل الشيطان التي يوقعنا بها).
وما نقدمه من خير للناس باخلاص فهومحفوظ عند الله وثوابه محقق، وقد اكد القرآن على أنّ ما نعمله من خير وخدمة للناس، سنجده عند الله، يقول تعالى: ﴿وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾16. وفي آية أخرى يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرً﴾17، ويقول سبحانه: ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾18.
فكلّ عمل نعمله في طريق الخير فهو لنا، حتى لو كان في مظهره من أجل الآخرين، لأنّنا حينما نعمل للآخرين، فإنّ هذا العمل سيتضاعف وتعود إلينا نتائجه من حيث نشعر أو لا نشعر.
وعلى هذه القاعدة وانطلاقا من هذه الروحية روحية الاخلاص لله ولاهلنا الطيبين ووفاءا لهم على كل ما قدموه من تضحيات على طريق المقاومة، نحن منذ بداية الازمة سعينا في خدمة الناس وكانت أولويتنا ولا زالت الوقوف الى جانب الناس والتخفيف من معاناتهم وتأمين ما أمكن من احتياجاتهم ، وهذا واجبنا بل اقل الواجب تجاه اهلنا الاوفياء وليس مباهاة او منة او تفضلا .
حزب الله سخر كل امكاناته المتاحة للتخفيف من تداعيات الازمة وقدم كل ما يقدر عليه في خدمة الناس في مختلف المجالات، في المجال الصحي والغذائي والاجتماعي والتربوي والزراعي وفي مجال الطاقة والمحروقات وغير ذلك، وما قدمه حزب الله في هذه المجالات تفوق ارقامه ومعطياته حدود المتوقع مع اننا لسنا دولة ولا نقدم انفسنا بديلا عن الدولة ولا نعفي الدولة من مسؤولياتها .
الدولة يجب ان تقوم بمسؤولياتها تجاه المواطنين وان تعالج ازماتهم وان تساعدهم وتخفف من اعبائهم لا ان تزيد في اعبائهم.
ولذلك نحن نرفض كل بند في الموازنة يحمل الفقراء وذوي الدخل المحدود ضرائب اضافية ويعفي حيتان المال والاغنياء واصحاب المصالح الكبرى من الرسوم او يساوي بينهم وبين الفقراء في الضرائب.
الموازنة يجب ان تكون منصفة للطبقة الفقيرة والمعسرة، ومعها لا عليها، وان تراعي حقوقها ، ولا تحمّلُها تداعيات الازمة الاقتصادية والمالية التي تعصف بالبلد
لقد تحمل المواطنون العاديون والفقراء بسبب الازمة والفساد والحصار تبعات كثيرة، نهبت أموالهم من الفاسدين ومهربي الاموال للخارج وصودرت ودائعهم في المصارف والبنوك وفقدوا قيمة ما تبقى لديهم من عملة وطنية في لعبة الدولار، فلا يجوز تحميلهم المزيد من التبعات والاعباء والرسوم تحت اي حجة او ذريعة.
وعلى الحكومة ايضا ان تتحرك بالشكل المطلوب لاقرار المساعدات الاجتماعية والعمل على تحسين الاوضاع المعيشية للموظفين في القطاعات المختلفة والاسراع في انجاز خطة التعافي الاقتصادي.