التعاون في ادارة الشأن العائلي
خلاصة الخطبة
رأى نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة أن “المشروع التكفيري الإرهابي الذي كان يُراد له أن يسيطر على كل المنطقة، وليس على سوريا وحدها،والذي سُخّرت له إمكانات مالية وعسكرية وسياسية وإعلامية غير مسبوقة هو اليوم، بفضل تضحيات شعوب هذه المنطقة، في حالة ضعف وتقهقر وتراجع وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة في الموصل، ويصاب بانتكاسات كبيرة في شمال سوريا ويندحر في تدمر”.
وفي السياق، تابع الشيخ دعموش أن “الانجازات الميدانية التي يحققها الجيش العراقي في الموصل والجيش السوري وحلفاؤه في شمال سوريا، تضع هذا المشروع على مسار الفشل والهزيمة، بينما هي في المقابل تعزز من قوة وثبات محور المقاومة وتقدمه في أكثر من موقع وفي أكثر من جبهة”، لافتاً إلى أن “هذا بالتحديد ما يقلق “إسرائيل” والولايات المتحدة وحلفائهما السعوديين والأتراك وغيرهم، ويجعلهم يشنون الحملات على ايران والمقاومة ويهددون بفرض عقوبات جديدة على حزب الله”.
كما أشار الشيخ دعموش إلى أن “وجود حزب الله في سوريا الى جانب الجيش السوري وبقية الحلفاء ساهم في تحقيق مكاسب وانجازات مهمة ومؤثرة، وأعاق المشروع الأمريكي الاسرائيلي السعودي في المنطقة، وأفشل كل محاولات أدواتهم التكفيرية للسيطرة على سوريا والتمدد إلى بقية دول المنطقة، ومنع هؤلاء من استباحة لبنان وزاد في قوة ومنعة هذا البلد، ولذلك هم يهددون بفرض عقوبات من أجل الضغط على حزب الله لكي لا يكون له حضور في سوريا ولكي يخرج من سوريا”.
وقال الشيخ “حزب الله منذ العام 1982 وحتى اليوم كان في دائرة الاستهداف والتهديدات الامريكية والاسرائيلية حيث شُنت عليه حملات سياسية واعلامية كبيرة لتشويه صورته، وفُرض عليه عقوبات، وجرت محاولات لاستدراجه الى الفتن الطائفية والمذهبية، ومحاولات أخرى لإفراغه من شعبيته وللإيقاع بينه وبين أهله، ولكن كل هذه التهديدات والحملات البائسة باءت بالفشل، ولم تثنِ المقاومة عن مواقفها ومتابعة مسؤولياتها، واستمرت في مسار تصاعدي على كل المستويات، وحققت لأهلها وشعبها وبلدها إنجازات وانتصارات مدوية على العدو الصهيوني وفي مواجهة الإرهاب التكفيري، وهي اليوم أكثر تجذراً شعبياً وسياسياً وعسكرياً واكثر قوة وجهوزية من العام 2006، حيث أن العدو الإسرائيلي بات اليوم يخشى ويرتعب من تعاظم قدرات حزب الله وإمكاناته وما يمثله من قوة ردع حقيقية”.
هذا وأكد الشيخ أن “التأييد والالتفاف السياسي والشعبي الذي تحظى به المقاومة اليوم في لبنان والمنطقة يشكل، إلى جانب القدرات العسكرية والجهادية التي تملكها المقاومة، عناصر قوة مهمة للبنان، حيث يجب أن نحافظ عليها ونعززها في مواجهة التهديدات والعقوبات والأخطار الجديدة التي يحاول العدو تخويفنا بها”.
نص الخطبة
التعاون بين أفراد الأسرة داخل البيت في إدارة وترتيب شؤون المنزل والعائلة هو أمر مطلوب من جميع أفراد الأسرة, وعلى الجميع أن يساهم في هذه الإدارة من أجل تأمين الاستقرار اللازم للعائلة, وليس لأحد من أفراد الأسرة التنصل من مسؤوليته في هذا الشأن بحجة أنه ليس معنياً أو أن ذلك ليس من مسؤوليته وإنما هو من مسؤولية الزوجة أو الأم أو الأخت أو طرف معين في الأسرة..
وعندما نعود الى مجتمعنا نجد أن هناك أنماطاً في التعاطي مع الشأن العائلي:
هناك من العوائل من يتعاطى بإهمال ولامبالاة مع شؤون بيته،فالزوجة والزوج وأفراد الأسرة يتركون الأمور ولا يهتمون، ويعيشون حالةمن التسيّب واللامبالاة في متابعة أمور المنزل، الزوج يذهب الى عمله والأولاد الى مدارسهم أو أشغالهم والزوجة تذهب لتأدية زياراتها الاجتماعية مع الجيران والمعارف , وهكذا الجميع يهمل البيت, فلا وقت محدّدًا لإعداد الطعام وتناوله، ولا وقت محددا للتواجد داخل المنزل،وقد يعود الأطفال من المدرسة فلا يجدون أحدًا في البيت يستقبلهم ، وليس هناك تنظيم لوقت النوم، فبعضهم يسهر لوقت متأخر، وبعضهم ينام لمنتصف النهار، وقد يقضي بعض الأبناء ليلته خارج المنزل، وإذا ما احتاج شيء في المنزل للصيانة فلا تجد من يعمل على صيانته وإصلاحه, وحين يصاب أحد افراد العائلة بعارض صحي، لا يجد اهتمامًا مناسبًا لعلاجه، وفي التعليم ليست هناك متابعة جادة لدراسة الأولاد، ولا تواصل مع مدارسهم.. وهكذا.
هذا أحد أنماط التعاطي في إدارة شؤون البيت،وهذه الطريقة في التعاطي مع شؤون البيت موجودة في مجتمعنا، فماذا يُتوقع من سلوك أفراد عائلة تعيش مثل هذا الوضع؟لا شك أنهم سيتربون على هذا المسلك وتنطبع حياتهم بطابع التسيّب واللامبالاة واللانظام.
هناك بعض الأسر والعوائل تسودها حالة من الاتكالية، فتُلقى مسؤولية المتابعة على شخص محدد من أفراد الأسرة، كأن يتحمل الأب مثلا كلّ الأمور، أو تقوم المرأة بكلّ شؤون المنزل، وتُلقى المسؤولية عليها وحدها، بينما لا تكون لسائر أفراد العائلة أيّ مسؤولية أو دور، فيعتمد أفراد الأسرة على الأب في توفير كلّ الاحتياجات،مع أن بعضهم قد يكونوا شباباً قادرين على العمل والمساعدة، ، ويعتمدون على المرأة في القيام بكلّ الخدمات وشؤون المنزل، فلا أحد غيرها معنيٌ بالأمر مع أنه قد يكون هناك صبايا في البيت قادرين على المساعدة والقيام بدور الى جانب الأم على هذا الصعيد.
وهذه الطريقة هي طريقة مرهقة ومتعبة للأب وللأم، وتكرّس روح الاتكالية وتجعل أفراد الأسرة يعتادون الإعتماد والإتكال على الغير وعدم تحمل المسؤولية.
هذان الأسلوبان وهاتان الطريقتان في إدارة الشأن العائلي ليسا صحيحين .
الحالة التي ينبغي أن تسود بين أفراد العائلة ليس حالة التسيب واللامبالاة، وليس روح التواكل والاعتماد على الغير، بل روح التعاون والمشاركة وتحمل المسؤولية.
الانسان الذي ينتمي الى أسرة وعائلة هو جزء من هذه الأسرة وعضو فيها، ينعكس عليه واقعها، وتتأثر حياته بأوضاعها، وهو معنيٌّ بأمورها، ويجب أن يفكر أفراد الأسرة في شؤونها، وأن يتعاونوا جميعاً لإنجاح حياتهم العائلية، وإدارة منزلهم على أفضل وجه.
فالمرأة ينبغي أن تُشعر الرجل بأنها تقف الى جانب زوجها وتعينه في تأمين النفقات المطلوبة، أن تدير مصروف البيت بطريقة تخفف على الرجل الأعباء ولا تثقل عليه بطلباتها واحتياجاتها خاصة إذا كان مضغوطًا من الناحية المالية أو كانت ظروفه الاقتصادية صعبة.
والرجل ينبغي له أن يساعد زوجته في أداء خدمات المنزل المتعارفة، وفي تحمّل مسؤولية الأولاد ورعايتهم ومتابعتهم بالتربية السليمة.
وما يمارسه أكثر الرجال من إلقاء كلّ أعباء المنزل على المرأة، إضافة إلى تحمّلها دور الأمومة وتربية الأبناء، وحتى متابعة تعليمهم، يمثّل تخلّيًا وتهرّبًا من المسؤولية، قد ينعكس سلبيًّا على واقع حياة الأسرة، ومستوى تماسكها الداخلي، وحسن مستقبل أبنائها.
عندما نعود الى الروايات الواردة عن رسول الله(ص) وأئمة أهل البيت نجد أنها توجّه الإنسان ليكون في خدمة عائلته، يتابعهم ويرعاهم ويتحمل مسؤوليته اتجاههم,وأنّ ذلك مدعاة لرضا الله تعالى والحصول على ثوابه وأجره والكرامة عنده.
فقد ورد عن رسول الله (ص) أنه قال:
"أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلقًا،وخيارُكم خيارُكم لنسائهم".
كما أن سيرة النبي(ص) تكشف عن مشاركته لزوجاته في تدبير شؤون المنزل، فقد سئلت عائشة: (ما كان رسول الله يعمل في بيته؟ فقالت: كان بشرًا من البشرِ، يَفْلِي ثوبَه، ويحلبُ شاتَه، ويخدم نفسَه) .
وروي عنها أنها قالت: "كان يكونُ في مهنةِ أهلِه- تعني خدمةَ أهلِه- فإذا حضرتِ الصلاةُ خرجَ إلى الصلاةِ".
وفي حياة الزهراء ينقل لنا التاريخ صورًا من مشاركة عليّ لفاطمة في أداء مهام الخدمة المنزلية، فقد جاء في الحديث: "أنه دخل رسول الله على عليّ فوجده هو وفاطمة يطحنان في الجاروش، فقال النبي : أيّكما أعيى. فقال عليٌّ: فاطمة، يا رسول الله، فقال لها: قومي يا بنيّة، فقامت وجلس النبي موضعها مع عليّ فواساه في طحن الحبِّ".
وعن الباقر (ع): "إنّ فاطمة ضمنت لعليّ عمل البيت والعجين والخبز وقمّ البيت، وضمن لها عليّ ما كان خلف الباب نقل الحطب وأن يجيء بالطعام" .
من جانب آخر، ينبغي إشراك الأبناء في إدارة البيت، ليتربوا على تحمّل المسؤولية، ويكتسبوا تجارب الحياة، فالبنت ينبغي أن تساعد أمها وتكتسب الخبرة منها، والولد يجب أن يشارك في قضاء حاجات العائلة ويكون له دور في تحمل المسؤولية العائلية، أما التعامل مع الأبناء وكأنهم ضيوف شرف، لا يرتّبون حتى غرف نومهم، ولا يغسلون الكأس الذي يشربون منه الماء، فهذا ما قد يربيهم على الكسل، وضعف الجدّية والاهتمام وانعدام المسؤولية.
ونسمع في مجتمعنا عن بعض الشباب والفتيات الذين تزوجوا حديثاً كيف أن حياتهم الزوجية فشلت أو أُصيبت بمشاكل نتيجة أن الشاب أو البنت لا خبرة لهما في إدارة الحياة أو أن البنت تنقصها الخبرة في أدنى الخدمات المنزلية، مما يؤثر في بعض الأحيان على نجاح التجربة العائلية وقد يؤدي الى الطلاق.
إن حالة التعاون والمشاركة بين أفراد العائلة في إدارة شؤونها، تصب في مصلحتهم جميعاً، وتحقق لهم مكاسب كبيرة، فهي أولاً: تعزز وتكرّس روح الشعور بالمسؤولية في نفوسهم، وهذا ينعكس على سلوكهم خارج المنزل، فيكونون أكثر استعدادًا للتعاون مع زملائهم في العمل، ومع أصدقائهم في الحياة، ويخلق لديهم توجهات للعمل الخيري والتطوعي وحب مساعدة الآخرين.
وثانيًا: تشدّ أفراد الأسرة إلى بعضهم، وتقوّي تماسكهم العائلي، حيث يشعر كلّ واحد منهم بدوره وبحضوره، وأنه شريك في إنجازات العائلة، ووجوده أساسي وفاعل وليس هامشيًّا لا يختلف حضوره عن غيابه.
وثالثًا: تصبح أمور العائلة أكثر انتظامًا، وتكون أمورها أقرب إلى النجاح، وتصبح أكثر حصانة ومناعة تجاه المشاكل والسلبيات التي قد تحدث في الحياة العائلية، لأسباب داخلية وخارجية.
نحن بحاجة الى الترابط العائلي لأنه جزء من ترابط المجتمع وهو يساهم في وحدة المجتمع وفي وحدة الأمة ، هذه الوحدة التي نحتاجها لمواجهة الأخطار والتحديات التي تواجه هذه الأمة وأهمها خطر الإرهاب الصهيوني وخطر الإرهاب التكفيري.
الارهاب الصهيوني الذي يهدد الاسلام من الخارج والذي كشف مجدداً عن عنصريته وكراهيته للإسلام والمسلمين من خلال تصويت الكنيست الإسرائيلي على منع رفع الأذان في الأراضي المحتلة.
والإرهاب التكفيري الذي يهدد الاسلام من الداخل والذي بات يسيء الى الاسلام أكثر مما يسيء به أعداء الاسلام., ويشكل خطرا على المسلمين أكثر من الخطر الذي يشكله أعداء المسلمين, وهو مشروع يستهدف المسلمين بكل مذاهبهم ودولهم ومقدراتهم ، ويريد السيطرة على كل هذه المنطقةلمصلحةاسرائيلوأمريكا.
لكن هذا المشروع التكفيري الإرهابي الذي كان يراد له ان يسيطرعلى كل المنطقة وليس على سوريا وحدها والذي سُخرت له إمكانات مالية وعسكرية وسياسية واعلامية غير مسبوقة هو اليوم بفضل تضحيات شعوب هذه المنطقة والقوى الحية فيها،في حالة ضعف وتقهقر وتراجع وهو يلفظ انفاسه الاخيرة في الموصل,ويصاب بانتكاسات كبيرة في شمال سوريا ويندحر فيتدمر.
ولذلك فان الانجازات الميدانية التي يحققها الجيش العراقي في الموصل,والجيش السوري وحلفاؤه في شمال سوريا تضع هذا المشروع على مسار الفشل والهزيمة,بينما هي في المقابل تعزز من قوة وثبات محور المقاومة وتقدمه في اكثر من موقع وفي اكثر من جبهة.
وهذا بالتحديد ما يقلق اسرائيل والولايات المتحدة وحلفائهما السعوديين والاتراك وغيرهم،ويجعلهم يشنون الحملات على ايران والمقاومة ويهددون بفرض عقوبات جديدة على حزب الله.
فوجود حزب الله في سوريا الى جانب الجيش السوري وبقية الحلفاء ساهم في تحقيق مكاسب وانجازات مهمة ومؤثرة ،وأعاق المشروع الامريكي الاسرائيلي السعودي في المنطقة, وافشل كل محاولات ادواتهم التكفيرية للسيطرة على سوريا والتمدد الى بقية دول المنطقة، ومنع هؤلاء من استباحة لبنان وزاد في قوة ومنعة هذا البلد.
ولذلك هم يهددون بفرض عقوبات من اجل الضغط على حزب الله لكي لا يكون له حضور في سوريا ولكي يخرج من سوريا.
حزب الله منذ العام 1982 وحتى اليوم كان في دائرة الاستهداف والتهديدات الامريكية والاسرائيلية حيث شُنت عليه حملات سياسية واعلامية كبيرة لتشويه صورته, وفُرض عليه عقوبات، وجرت محاولات لاستدراجه الى الفتن الطائفية والمذهبية, ومحاولات اخرى لافراغه من شعبيته وللايقاع بينه وبين اهله, ولكن كل هذه التهديدات والحملات البائسة باءت بالفشل، ولم تثني المقاومة عن مواقفها ومتابعة مسؤولياتها،واستمرت المقاومة في مسار تصاعدي على كل المستويات،وحققت لاهلها وشعبها وبلدها انجازات وانتصارات مدوية على العدو الصهيوني وفي مواجهة الارهاب التكفيري، وهي اليوم اكثر تجذراً شعبياً وسياسياً وعسكرياً واكثر قوة وجهوزية من العام 2006, حيث ان العدو الاسرائيلي بات اليوم يخشى ويرتعب من تعاظم قدرات حزب الله وامكاناته وما يمثله من قوة ردع حقيقية.
التأييد والالتفاف السياسي والشعبي الذي تحظى به المقاومة اليوم في لبنان والمنطقة يشكل الى جانب القدرات العسكرية والجهادية التي تملكها المقاومة عناصر قوة مهمة للبنان حيث يجب ان نحافظ عليها ونعززها في مواجهة التهديدات والعقوبات والاخطار الجديدة التي يحاول العدو تخويفنا بها.
والحمد لله رب العالمين